في مثل هذا اليوم 19 ديسمبر1955م..
إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان.
“في مثل هذا اليوم انعقد البرلمان بكل الأحزاب السياسية وفي جلسة تاريخية مشهودة، وتداولوا حول خيارين: الوحدة أو الاستقلال”، مشيراً إلى أن قرارهم جاء متسقا مع تاريخ السودان الممتد الحافل بالتضحيات وإيثار النفس وتغليب مصالح الوطن العليا.تلك اللحظة كانت علامة فارقة في تاريخ السودان، حين انحاز النواب لجماهير الشعب، واستجابوا لتطلعاتهم بالحرية والتحرر”.
في يوم الاثنين 19 ديسمبر 1955 وبدات الجلسة بتقديم بعد الاقتراحات وتمت اجازتها ولكن اهم الاقتراحات هو الذي تقدم به النائب (عبد الرحمن محمد ابراهيم دبكة) ناب دائرة نيالا غرب وقد شمل اقتراحة الاتي:
“سيدي الرئيس ارجو ان اقترح ان يقدم الى معالي الحاكم العام الاتي نحن اعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعا نعلن بالسم شعب السودان ان السودان قد اصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو من معاليكم ان تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الاعلان فورا وان اعلان الاستقلال من هذا المجلس طبيعي ومشروع وواجب وطني مقدس بعد ان دخلت البلاد في الطور النهائي من مرحلة الانتقال واننا اذ نسجل للحكومتين المصرية و البرطانية تقديرنا لوفائهما بالتزاماتهما في اتفتقية السودان المبرمة بينهما في عام 1953 نامل جادين ان تسرعا بالاستجابة لهذا النداء الصادر من برلمان الشعب السوداني وتعترفا باستقلالنا الشامل وسيادتنا التامة اننا نريد لبلادنا استقلالا كاملا نظيفا ليس فيه لاي دولة في العالم نفوذ تخل بكيانه او تدخل يقلل من حقنا في التصرف في امورنا وفق مصلحة السودان اننا نريد لبلادنا في عهد الاستقلال حكما ديمقراطيا صالحا يضمن لجميع السودانيين من غير تمييز او محاباة عدالة اجتماعية وتكافؤ في الفرص يريد الشعب السوداني حكما نزيها يطمس مفاسد الماضي البغيض ويعمل على بناء امة موحدة يسودها الاطمئنان ويعمها الرخاء حتى تنعم بثمارها وكفاحها الطويل” ..
وبعد ذلك قام السيد (مشاور جمعة سهل ) نائب دائرة دار حامد شمال كردفان بتثنية الاقتراح المقدم .. وتحدث بعد ذلك السيد (محمد احمد المحجوب) زعيم المعارضة قائلا (لوكانت مقاعد مجلس النواب موضوعة على الشكل الذي يسمح لنا ان نجلس اليوم في صف واحد حتى تختفي الحدود و التقاسيم الحزبية لما ترددنا في ذلك لحظة واحدة وارجو ياسيدي الرئيس ان تسمح لي ان يعلن هذا المجلس اليوم على العالم اجمع ان السودان قد اصبح دولة مستقلة ذات سيادة كاملة) .
ثم تحدث السيد (مبارك زروق ) زعيم الكتلة البرلمانية يجب ان تقوم دعائم السودان ومنذ اليوم على اسس من الديمقراطية و العدالة وان نواجه مشاكل المستقبل كرجال وان نعرف كيف نزن ونقدر الامور فبناء المم ليس بالامر الهين وبانكار الذات وسلامة القصد وصدق العزم ونفاذ البصيرة و التعاون نستطيع ان نعوض مافاتنا حين كانت مقاليد الامور يصرفها الاجنبي ان عملنا يجب ان يكون لمصلحة الشعب اولا واخيرا وان تحل ارادته المحل الاول وان يكون همنا العمل على اسعاده ورفع مستواه ومحو الاثار التي خلفها في نفسه وجسمه ومجتمعه الاستعمار وان نعيد له الثقة بنفسه وان نهيئ له الظروف التي يتنفس بها الحرية وتتفتح فيها ابواب الفرص امامه وان نعطيه الحريات التي يتمتع بها الاحرار في كل مكان ..
ثم كان الحديث القوي الواضح للسيد الزعيم اسماعيل الازهري فقد قال قولته المشهورة التي كانت مفاجاءة لكل العالم وخاصة دولتي الحكم الثنائي وحتى المعارضة السودانية بقيادة محمد احمد المحجوب حيث قال الزعيم:
(اليوم نعلنها داوية ومن داخل هذا البرلمان ان السودان حر مستقلا بكل حدودة الجغرافية)
وصفق الحضور طويلا وتعانق نواب الشعب وانهالت التهاني في منظر وطني خالص وخرجت جمع الشعب السوداني فرحة في يوم خالد من ايام التاريخ السوداني معبرة عن الفرحة الكبرى باستقلال بلادها …!!