في مثل هذا اليوم 19 ديسمبر2003م..
ليبيا تعلن إنها ستقوم بتدمير ترسانتها من أسلحة الدمار الشامل، كما أعلنت عن موافقة الزعيم الليبي معمر القذافي على السماح لمفتشي الأسلحة على مراقبة التخلص من هذه الأسلحة بدون قيد أو شرط.
في مثل هذا اليوم (19 ديسمبر) من عام 2003 أعلن العقيد الليبي معمر القذافي عن نيته تفكيك برامج أسلحة الدمار الشامل التي عمل عليها نظامه منذ ثمانينيات القرن الماضي، ما فتح الطريق أمام تسوية علاقات طرابلس مع الغرب بعد أكثر من عقدين من القطيعة.
وجاء تخلي القذافي عن طموحاته النووية في إطار المساعي لرفع العقوبات المفروضة على بلاده وعقب مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة وبريطانيا استمرت لأكثر من تسعة أشهر، بحسب ما أعلنت كل من واشنطن ولندن وطرابلس آنذاك.
ظروف دولية
وجاء إعلان القذافي في 19 ديسمبر 2003 كخطوة مفاجئة بالنسبة للكثيرين في ظل العداء الذي كان يكنه للغرب، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة للأوساط السياسية والدبلوماسية الغربية التي تحدثت عن بداية تغيير في توجهات العقيد السياسية منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي.
وعقب إعلان القذافي عن تخليه عن برنامجه النووي دارت عدة تكهنات بشأن الأسباب لاسيما وأن الإعلان تزامن مع أحداث دولية مفصلية في المنطقة منها حرب الخليج الثانية في عام 2003 وإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين الذي كان متهماً أيضا بامتلاك أسلحة نووية.
لكن تصريحات سابقة لمسؤولين ليبيين وغربيين أفادت أن التواصل المباشر بين ليبيا والولايات المتحدة حول أسلحة الدمار الشامل بدأ منذ بداية فترة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش مطلع عام 2001
بحسب وزير الخارجية الليبي ومندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة سابقاً، عبدالرحمن شلقم، بدأ المسؤولون الليبيون بإجراء اجتماعات سرية مع الأميركيين والبريطانيين لتفكيك البرنامج رسميًا بعد رسالة مسلجة وجهها الرئيس بوش إلى القذافي أنذره فيها بضرورة التخلص من أسلحة الدمار الشامل أو أن تقوم الولايات المتحدة بتدميرها بنفسها.
وعلى مدى العامين الذين تليا ذلك زود المسؤولون الليبيون دبلوماسيين بريطانيين وأميركيين بوثائق تتضمن تفاصيل حول أنشطة ليبيا النووية والكيميائية وأخرى حول الصواريخ الباليستية، قبل أن تسمح طرابلس لمسؤولين من الدول المذكورة بزيارة مواقع متعددة للبحث والتحقق من الأنشطة المتعلقة بدورة الوقود النووي والبرامج الكيميائية والصاروخية.
وقبل إعلان القذافي الشهير بشهرين، اعترضت قوات أميركية سفينة في البحر المتوسط قالت إنها تحمل معدات المتعلقة بأجهزة الطرد المركزي في طريقها إلى ليبيا، فيما ذكرت التحقيقات الأميركية لاحقاً أن العديد من هذه المكونات صُنعت في ماليزيا بتوجيه من عالم ذرة باكستاني يدعى عبد القدير خان.
مصير ما تبقى من الترسانة
بعد شهر واحد من إعلان القذافي الشهير، وتحديدا في 22 يناير 2004، سلمت طرابلس حمولة من الوثائق المتعلقة ببرنامج ليبيا للصواريخ النووية والبالستية إلى واشنطن.
وقدرت حمولة الوثائق المسلمة بنحو 25 طن تم نقلها إلى مختبر “أوك ريدج” الوطني في ولاية “تينيسي” الأميركية، ثم في مارس من نفس العام شُحن أكثر من 1000 من أجهزة الطرد المركزي وأجزاء الصواريخ إلى مكان خارج ليبيا يعتقد أنه في ألمانيا.
غير أن عملية إخراج كل المعدات والمواد المتعلقة بالبرنامج النووي علقت فيما بعد من قبل نظام القذافي في 2009 في ظل تبرمه من بطء إجراءات تسوية علاقات بلاده مع الولايات المتحدة و المجتمع الدولي.
وعقب سقوط نظام القذافي إثر ثورة شعبية دعمها المجتمع الدولي في 2011، شرعت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في حث السلطات الليبية الجديدة على تقديم خطة مفصلة لتدمير ما تبقى من مخزوناتها من المواد الكيميائية التي قدرت آنذاك بنحو 1400 طن من المواد الكيماوية بما فيها غاز “الخردل” السام.
وفي 2014 أعلنت وزارة خارجية حكومة الوفاق الوطني في طرابلس عن تدمير مخزون البلاد من الأسلحة الكيميائية في منطقة لم تحددها بجنوب ليبيا، وذلك بمساعدة خبراء من الولايات المتحدة وكندا وألمانيا.
ورغم الإعلان السابق، تكرر الحديث عن “ما تبقى” من ترسانة ليبيا من الأسلحة الكيميائية مجددا في عام 2016، إذ كشفت مصادر أمنية آنذاك عن شحن 23 خزانا من المواد الكيميائية إلى ألمانيا عبر ميناء مصراتة بعد جلبها من أماكن تخزينها في منطقة الجفرة على بعد نحو 200 كلم جنوب مدينة سرت وسط البلاد.
غير أن قلق المجتمع الدولي أثير مجدداً هذا العام بعد كشف الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مارس الماضي عن اختفاء 10 براميل تحتوي على ما يقرب من 2.5 طن من اليورانيوم من أحد مواقع التخزين بجنوب ليبيا قبل أن يعلن أن الجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر في شرق البلاد العثور على تلك البراميل.!!!!