في مثل هذا اليوم 22 ديسمبر1894م..
قضية دريفوس تبدأ في فرنسا عندما أدين ألفريد دريفوس خطأ بالخيانة.
قضية دريفوس (بالفرنسية: L’affaire Dreyfus) هي صراع اجتماعي وسياسي حدث في نهاية القرن التاسع عشر في عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة. اتهم بالخيانة في هذه القضية النقيب ألفريد دريفوس، وهو فرنسي الجنسية يهودي الديانة. هزت هذه القضية المجتمع الفرنسي خلال اثني عشر عامًا من 1894 وحتى 1906 وقسمته إلى فريقين: المؤيدين لدريفوس مقتنعين ببراءته (الدريفوسيين les dreyfusards) والمعارضين له معتقدين أنه مذنب (les antidreyfus).
أُتهم النقيب دريفوس في نهاية 1894 بأنه أرسل ملفات فرنسية سرية إلى ألمانيا. ولكن هذا يعد خطأ قضائي حيث أن القضاء الفرنسي كان يُعرف بمعاداته للجاسوسية والسامية (اليهود) وقد أثبتت بعد ذلك براءة هذا النقيب. كان المجتمع الفرنسي في ذلك الوقت يعادي السامية ويكن كراهية للإمبراطورية الألمانية بعد ضم ألزاس ولورين إليها عام 1871.
في عام عام 1898 كشف اميل زولا عن هذه القضية ونشر مقالة له بعنوان «أنا اتهم..!» أدت إلى سلسلة غير مسبوقة من الأزمات السياسية والاجتماعية في فرنسا. كشفت قضية دريفوس عن الانقسامات المتواجدة بفرنسا بسبب تعارض كلا المؤيدين لقضية دريفوس والمعارضين لها مما خلف جدلاً عنيفاً بين القوميين والمعادين للسامية وكان للصحافة دور هام في نشر هذه الخلافات التي لم تنتهي إلا بعد صدور حكم من محكمة النقض يبرِّأ ويعيد تأهيل دريفوس.
بسبب ذلك أصبحت قضية دريفوس رمزاً للظلم في فرنسا وباسم مصلحة الوطن ظلت هذه القضية هي أكبر الأمثلة التي توضح الأخطاء القضائية (الصعب إصلاحها) والدور الكبير للصحافة والرأي العام.
تلخيص قضية دريفوس
ألفريد دريفوس
في نهاية عام 1894، اتهم النقيب في الجيش الفرنسي ألفريد دريفوس اليهودي الأصل بأنه أرسل للجيش الألماني ملفات سرية، مما تسبب في الحكم عليه بالأشغال الشاقة ومن ثم نفيه إلى جزيرة الشيطان (بالفرنسية: l’île du Diable). حاول بعض معارضي هذا الحكم ومنهم عائلة دريفوس ويتقدمهم أخوه ماثيو أن يثبتوا براءته. وفي مارس 1896 اكتشف الكولونيل جورج بيكار أن الخائن الحقيقي هو فرديناند ويلسون ايسترازي (Ferdinand Walsin Esterházy). ومع ذلك رفض الجيش إعادة النظر في الحكم ونُفي بيكار إلى شمال أفريقيا. للفت الانتباه إلى ضعف الأدلة ضد دريفوس قامت أسرة دريفوس (خاصة ماثيو شقيق دريفوس) في يونيو عام1897 بالتواصل مع رئيس مجلس الشيوخ «أوغست شويور كيستينر» وأقنعه ببراءة النقيب دريفوس بعد ثلاثة أشهر وأيضا استطاع ماثيو اقناع جورج كليمانصو نائب سابق وصحفي بجريدة لورور الفرنسية. في نفس الشهر اشتكى«ماثيو دريفوس» ضد «ويلسون ايسترازي» إلى القاضي المختص بوزارة الحرب وقد أدى ذلك إلى اتساع دائرة مؤيدي دريفوس.
لعبة السلم والثعبان، لعبة قضية دريفوس والحقيقة.
و في يناير 1898 حدثت حادثتان أعطتا بعداً وطنيا للقضية: أولاً الحكم ببراءة «ويلسون ايسترازي» وصاحب ذلك هتاف من القوميون المعارضون لدريفوس، ثانيا نشر إميل زولا لمقالة بعنوان « أنا اتهم..!»، دافع بها عن مؤيدي دريفوس الذين يجمعون نخبة كبيرة من المثقفين. من هنا بدأت عملية انقسام المجتمع الفرنسي والتي استمرت حتى نهاية القرن. وقد اندلعت اشتباكات لمعاداة السامية في أكثر من عشرين مدينة فرنسية. وأصبح هناك العديد من الوفيات بالجزائر وبسبب هذه القضية اهتزت الجمهورية الفرنسية، حتى أن البعض رأوا أنها مهددة بالانقراض مما دفع إلى إنهاء قضية دريفوس من أجل استعادة الهدوء بالبلد مرة أخرى. بالرغم من محاولات الجيش لقمع هذه القضية إلا أن الحكم الأول الذي يدين دريفوس تم ابطاله من قبل محكمة النقض بعد تحقيق شامل في القضية وتم عقد مجلس حرب جديد في رين عام 1899. و على عكس جميع التوقعات أُدين النقيب دريفوس مرة أخرى لمدة عشر سنوات مع الأشغال الشاقة وبعد أربع سنوات من ترحيله عفا رئيس جمهورية فرنسا «ايميل لوبيه» عن دريفوس. في عام 1906 أصبحت براءة دريفوس معترف بها رسمياً ومن دون الاستناد إلى حكم محكمة النقض. أُعيد تأهيل الكابتن دريفوس في الجيش برتبة نقيب وشارك في الحرب العالمية الأولى. توفي النقيب دريفوس في عام 1935.
كانت لقضية دريفوس نتائج لا تحصى شملت جميع جوانب الحياة العامة في فرنسا كالجانب السياسي (الاحتفال بانتصار الجمهورية الفرنسية الثالثة حيث أن القضية أصبحت أسطورة. تأسست أثناء تجديد القومية) والجانب العسكري والديني (حيث بطئت القضية من إصلاح الكاثوليكية الفرنسية وتوحيد الكاثوليك) والجانب الاجتماعي والدبلوماسي والثقافي (خلال هذه القضية اشتق مصطلح مثقف).أيضاً كان لها تأثير على الحركة الصهيونية من خلال أحد مؤسسيها مثل ثيودور هرتزل ومظاهرات معاداة السامية التي اهتاجت المجتمعات اليهودية بأوروبا الوسطى والشرقية.!!