قراءة نقدية مزدوجة:
” القصيدة السوناتا والتناص الأجناسي”
فقرة جمع بصيغة المفرد(مبدع/ مشاكس/ناقدة )
الشاعرحمد حاجي(تونس)
القصيدة: “زيتونتان واقفتان ”
المشاكس عمر دغرير (تونس)
القصيدة: “وحدث ما لم يكن في الحسبان”
الناقدة جليلة المازني( تونس)
القراءة النقدية: :” القصيدة السوناتا والتناص الأجناسي”
أ – المشترك بين الابداع والمشاكسة:
– التناص المعجمي.
– التناص الاجناسي.
– المكان الزيتونة.
ب – المختلف بين الابداع والمشاكسة:
1 – المبدع حمد حاجي والتناص الأجناسي:
اختار الشاعر عنوانا لقصيدته سوناتا عنوان “زيتونتان واقفتان”وهو مركب نعتي
والمنعوت ورد تماهيا بين الزيتونة الشجرة والزيتونة الحبيبة.
ان الشاعر كنّى عن حبيبته بالزيتونه الشجرة لما تحمله الزيتونة من رمزية:
“وتلتقي المرأة والزيتونة في عدة أمور فهي رمز العطاء والأنوثة والخيرات
وقد تغنى بها الشعراء ووصفوها كشجرة زيتون صامدة فهي القوية في وجه العقبات(1).
وفي النص القرآني الزيتونة شجرة مباركة في سورة النور(35)”زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء..”.
وقد اقسم بها الله :”والتين والزيتون.” لقيمتها ومنافعها الجمة.
هل أن الشاعر كنّى عن المرأة بالزيتونة لقيمتها وعطائها وأنوثتها وخيراتها وصمودها وحبّها المعمّر تماما كما الزيتونة المعمرة .
وجعل الحبيبة واقفة في صمودها كما الشجرة التي تواجه كل العقبات الطبيعية دون أن تنكسر.
إنها الحبيبة الشامخة والسامقة والشاهقة تماما كما الشجرة المباركة التي أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء.
إنها الحبيبة المتجذرة والمنفتحة.
اتخذ الشاعر حمد حاجي قصيدته في شكل السوناتا التي هي منحوتة موسيقية لا تؤدَى بل تقرأ صامتة وكأني به أراد أن يَحْتكرها لنفسه أغنية يتغنى بها وحده
وكيف لا يحتكرها لنفسه وقد ضمّنها ماضيه السعيد وحاضره الذي أحْيى ماضيه الجميل.
أعطى المبدع لحبة قلبه وتوأم روحه أولوية الحديث وكأنه يريد أن يستمتع وهي تعيد على مسمعه علاقته بها منذ عهد الصبا وهي عهود عذبة قضاها معها وهو في ذلك يتناص مع الشابي في قوله:
كم من عهود عذبة في عدوة الوادي النضير
قضيتها و معي الحبيبة لا رقيب ولا نذير.
الا الطفولة حولنا تلهو مع الحب الصغير.
بيْد أن الفرق بين الشابي والشاعر حمد حاجي أن حمد حاجي جعل الحبيبة هي التي تذكّرُه بعهد الطفولة في حين أن الشابي هو السارد لعهوده العذبة . يقول المبدع:
وحبة قلبي وتوأم روحي
تقول:
تعلمت جني الزياتين من قديم الزمان..
وتنسى
بأنا اشتركنا بنصْب الشباك وصيد الطيور
وعُمْنا عراة معا بالغدير ببعض السواني
وسيدة عمري..تقول:
كفاك حديثا عن اللهو واترك عتيق الدنان
وتنسى
فطرنا بعز النهار بخيمة جدي..
شوينا فريك السنابل في رمضان
ان الشاعر خصص المقطع الأول من السوناتا والحبيبة بين قول وتذكير بالماضي
وكأني بالشاعر قدّم بهذا المقطع بالقصيدة ليكون بمثابة “التسخين” لمشاعره ليُحرّكها ويجعلها تتفاعل مع الحاضر والحبيبة نهتْه عن لهْوه في الحاضر وكأنها دعوة غير صريحة بالعودة اليها لإحياء الأمس السعيد والماضي الجميل.
والشاعر يَسْتلذ قولها ويستطعم حديثها حين كنّى عنها بحبة قلبه وتوأم روحه وسيدة عمره.
بعد هذا الاسترجاع للزمن الماضي واستحضار الزمن الجميل زمن الصبا المفقود يعود الشاعر بنا لنعيش معه اللحظة التي اختطفها من حاضره وقبض فيها عن حبيبته وهي تجْني في ضيعتها الزيتون ليتراءى له جمالها بنور حبات الزيتون وأكثر من ذلك فقد أضفى عليها قدسية حين جعل” الحب والغصن لها يسجدان”
والكلب تماما ككلب أصحاب الكهف الباسط ذراعيه في وصيدته ليحرسها ويحرس ضيعتها فيقول:
وتمسك مكناسة..
حين وافيتها عند ضيعتها بالزياتين..
الحب والغصن لها يسجدان..
فتاة بأدنى الحقول
تشع كأن أناملها الشمس..
والأرض من تحتها روضة من رياض الجنان..
وثمة غصن زيتونة
قد تولته كف مباركة السرّ..
يسّاقط الحب والنور منه بكل أوان..
وثمة يبسط كلب ذراعيه عند الوصيد
يراقب ضيعتها..
كل ماش وآت وقاص ودان..
ان الشاعر قد توخى المرحلية في خوض التجربة مع حبيبته فقام بتسخين مشاعره باستحضار الماضي السعيد بالمقطع الأول من السوناتا ثم حرّك حبه وشهوته بوصف جمالها القدسي باقتباس من النص القرآني بالمقطع الثاني من السوناتا: (السجود اليها/ كلب اصحاب الكهف/ مريم العذراء التي “تسّاقط عليها رطبا جنيا” وحبيبته” يساقط” عليها الحب والنور ) .
وها هو في المقطع الثالث من السوناتا سيخوض تجربة الحب معها فيقول:
وحين اقتربت وسقسق طير
وناديت
يا رب هب لي هدى وانر لي الثنايا واطلق لساني..
=== يتبع ===
=== يتبع ===
باستخدام أسلوب انزياحي دلالي قائم على التشبيه يرسم لنا الشاعر صورا شعرية حسية:
– حاسة البصر:
تفيق بي وتشيح عصابتها وتشبح..
تجري وتوشك تسقط..
كالصقر قد مدّ جناحيه للطيران..
جريت اليها رميت بكلي على كتفيها وملت الى صدرها
– حاسة اللمس:
رميت بكلي على كتفيها وملت الى صدرها
مثلما العش قد عابثته يدان..
وكنا التَحَمْنا.. كما إصبعين بكف..
فنار بقلبي ونار بأحضانها..
ايه.. لولا البكاء لصرنا عمودين يحترقان..
ويواصل رسم الصور الشعرية في السطر الأول من المقطع الأخير حين شبّهها بالقمر الذي ما تراه بالسماء وبالعينين اللتين ما تراهما بالأراضين.
ان هذه الصور الشعرية الحسية مفعمة بالمشاعر:
– الشوق(تجري /جريت)
– الحب (التحمنا كما اصبعين)
– العشق( فنار بقلبي ونار بأحضانها)/(ايه ..لولا البكاء لصرنا عمودين يحترقان)
ان هذه المشاعر المتأججة جعلت الحبيبة تتألم متحسرة فيقول المبدع:
تقول: “تأخرت جدّا ”
وقولها يحتمل فرضيتين:
– فرضية أنه تأخر في عودته إليها من زمن الطفولة ولم يفكر فيها الا الآن.
– فرضية أنها مرتبطة الآن بغيره وليس له معها نصيب.
بيد أن الحبيب يرد عليها وكأنه يعتذر بالكشف عن معاناته في بعده عنها فيقول:
أما قد كفاك رجيف فؤادي وتسهيد عيني وبحران يلتقيان.”
انها قفلة مدهشة للقارئ لأنها كسرت أفق انتظاره فبعد تأجج المشاعر وحرارتها
تفْتُر كل الاحاسيس بقولها” تأخرت جدا.”
وكأني بالمبدع حين قال “وبحران يلتقيان” يعتبر ان حبه لها معمّر كما شجرة الزيتونة المعمّرة وشبه نفسه والحبيبة بالبحرين وهما يلتقيان وفي التقاء البحرين
امتداد كامتداد حبهما الذي لا نهاية له.
وفي هذا الاطار فان المبدع :
– باستخدام الزمن الماضي والحاضر والمستقبل والشخصيات والأحداث والوصف والحوار قد عمد الى تسريد الشعر فالقصيدة تتناص مع مقومات وأركان السرد.
– كما أن المبدع شكل لنا ثلاث لوحات تشكيلة وفق عامل الزمن ليزاوج بين الشعر والفن التشكيلي:
– لوحة تشكيلية في الزمن الماضي الجميل مع ذكريات الطفولة.
– لوحة تشكيلية في الزمن الحاضر وهما ينعمان بالحب.
– لوحة تشكيلية ترسم ملامح علاقتهما بالمستقبل.
والمبدع بذلك يتناصّ ويُزاوجُ بين الشعري والتشكيلي.
وهل أكثر من أن المبدع قد “مَنْتَجَ ” القصيدة فجعل لها:
* ركحا(ضيعة الزياتين)
* ديكورا (الكلب/ شجرة الزيتون)
* شخصيات( الحبيبة والحبيب)
*موسيقى:
+ الايقاع الخارجي بذاك الروي (النون) الذي طبع القصيدة بشيء من الأنين: – الأنين حسرة على الزمن الجميل المفقود
– الأنين حتى عند اللقاء وهما يحترقان شوقا حدّ البكاء.
– الأنين وهما مُندغمان ومُلتحمان هما قد يكونان مُهدّدْيْن بالفراق حين قالت له “تأخرت جدّا”
+ الإيقاع الداخلي بالقصيدة.
* السيناريو الذي دار بين الحبيب والحبيبة..
إنه التناص و الزاوج بين الشعر والمسرح.
وعلى هذا الأساس فقد جاءت القصيدة السوناتا فسيفسائية الابداع حيث جمعت بين القصيدة السردية والسوناتا الغنائية الصامتة واللوحات التشكيلية والمسرحية.
انه التناصّ الأجناسي.
وفي هذا الاطار ما رأي المشاكس عمر دغرير ؟؟؟
2 – المشاكس عمر دغرير : القصيدة والتناص الأجناسي:
اختار المشاكس عمر دغرير عنوانا” وحدث ما لم يكن في الحسبان”
إنه عنوان مدهش يجعل القارئ يفترض عدة فرضيات لما حدث ولم يكن في الحسبان. لعل القارئ يدعم أو يدحض فرضياته أثناء التحليل.
يستهل المشاكس قصيدته بتحديد الزمان والمكان .
إنه موسم جني الزيتون في ضيعة الزيتون تماما كما حدده المبدع ثم يتدرّج ليقحم شخصية سعدى الى جانب بقية الشخصيات وهي المهتمة بتقديم المشروبات .
إن زمان السرد قد يحتمل زمنين لشخصية سعدى والمبدع:
– زمان الطفولة حيث الاطفال يشاركون في جني الزيتون ومن بينهم سعدى.
– زمان الشباب لان سعدى كانت مهتمة بتقديم المرطبات والعناية بإخوتها الصغار وهاتين المهمتين لا يمكن أن تقوم بهما طفلة ولعلنا نتاكد من الزمن عند تحليل القصيدة.
لئن كان المقطع الأول لدى المبدع كتسخين لمشاعره فالمشاكس هو الآخر أقحم سعدى في المشهد وكأني به سيجعلها محطّ نظر المبدع وتشويق القارئ الذي قد يفترض ان سعدى هي ما سيحدث وما لم يكن في الحسبان. يقول المشاكس:
وزيتونة تلتقي تحتها العائلات
فرادى وجماعات بين الكهول والصبيان..
ويلتقطون ما سقط من حباتها في اكياس
وهم يغنون كأنهم في مهرجان..
وبين الحين والحين كانت سعاد توزع المرطبات
مع الشاي الدافئ في الفنجان..
وتطلب من إخوتها الصغار أن لا ينشغلوا باللهو
وتعد المجتهد بأكل الحلوى بالألوان..
=== يتبع ===
=== يتبع ===
يواصل المشاكس باستخدام مقومات السرد (زمان ومكان وشخصيات وأحداث) وأركانه (الوصف والحوار بالاشارات) تسريد قصيدته ليحدد للقارئ موقع المبدع من المشهد الذي تتزعمه سعدى هذا المبدع الذي يترصد حركات سعدى التي لا تتحمله لأنها تخشى الرقيب فيقول المشاكس:
وكنت على مرمى العيون
تتابع خطوها من بعيد فتبدو لها كشيطان..
تخاطبها بالاشارات
وتلقي لها بالقبلات ولكنها ابدا ما اهتمت بما يحدث امام
العيان…
تنبهك بغمزة عين
وفي غفلة من الاهل ترميك بصعقة من لسان…
لئن اسحضر المبدع الزمن الجميل والحب الصغير ثم خاض تجربة الحب مع “زيتونته” الجميلة التي عمّر حبّها في قلبه طويلا فان المشاكس يَقلبُ الأحداث على المبدع ليجعلهما يتواصلان بالإشارات خوفا من عين الرقيب وتصعقه بغمزة عين تشي بعدم تحمله وقد اعتبرته شيطانا .
ومن هنا وباستخدام أسلوب انزياحي قام على التشبيه سيرسم لنا المشاكس الصور الشعرية الحسية الواردة بالقصيدة لتكون وَبَالاً على المبدع وتتحول متعته بحبيبته “الزيتونة” الى نقمة وهجوم من الاطفال عليه غيرة على سعدى فيقول المشاكس:
وكنت تختفي خلف جذع زيتونة حينا
وأحيانا تحتمي بالسدر وتشعر بالأمان..
وفجأة شافك الاطفال كيف تعاكس سعدى
وكنت ترقص كالبهلوان ..
تخلوا عما كان يشغلهم
ثم جروا خلفك مثل سيل ينذر بالهيجان..
ويرمونك بالحجر والطوب
وبحبات الزيتون وبالورق والاغصان..
ولما رأيت الشر في عيون الصغار
طرت مع الريح حتى اختفيت في أحد الوديان..
ان هذا المشهد الساخر الذي صوره المشاكس تهكّما من المبدع سيجعل الصور الشعرية محكومة بحاسة البصر:
– مشهد جني الزيتون
– متابعة المبدع لحركات سعدى من بعيد والتواصل بينهما بالإشارات
– مشهد هجوم الاطفال ورمي المبدع بالحجارة
ان المشهدين الثاني والثالث محكومان بمشاعر متضاربة بين سعدى والاطفال وبين المبدع:
– الشعور بالسخرية والتهكم :
.الاطفال:” وكم ضحك جميع الحاضرين”
.سعدى :” وكم سخرت من هروبك سعدى
وقالت:”يا لك من رجل جبان…”
– الشعور بالخوف والاحباط (المبدع):
ولما رأيت الشر في عيون الصغار
طرت مع الريح حتى اختفيت في احد الوديان..
ان هذه الصور الشعرية الحسية المحكومة بحاسة البصر (وحاسة البصر هي الحاسة المسؤولة بامتياز في الفن التشكيلي ) قد شكلت لوحات تشكيلية زاوج بها المشاكس الشعر بالفن التشكليلي:
– اللوحة التشكيلية الاولى: مشهد جني الزيتون.
– اللوحة التشكيلة الثانية: مشهد هجوم الاطفال على المبدع
– اللوحة التشكيلية الثالثة:مشهد وصول رسالة اعتذار من سعدى الى المبدع.
كما يمكن أن نعتبر قصيدة المشاكس تزاوج بين الشعر وفنّ المسرح تماما كما أوحت لنا به قصيدة المبدع السوناتا:
+ الركح: تحت الزيتونة .
+الديكور: شجرة الزيتون/ الاطفال يلتقطون الحب/سعدى توزع المرطبات
+ الشخصيات :سعدى / المبدع/ الاطفال.
+ الموسيقى: الايقاع الخارجي والروي المتمثل في صوت النون الدال على الأنين.
– إنه أنين المبدع المرفوض من سعدى.
– أنينه وهو مهاجم من طرف الاطفال.
+ الحوار: من طرافة ما أمتعنا به المشاكس أن القصيدة “المسرحية “قد جمعت بين نوعين من المسرح:
– المسرح الصامت وتمثل في التواصل بين سعدى والمبدع بالإشارات.
– المسرح الصوتي والمتكلم و الصاخب وتمثل في الهجوم والصخب الذي أحدثه الاطفال وهم يهاجمون المبدع وضحكهم وسخرية سعدى منه وهو يلوذ بالفرار.
ويختم المشاكس قصيدته السوناتا بقفلة كسرت أفق انتظار القارئ وانتهكت حرمة كرامة سعدى المتناقضة في تصرفاتها من رافضة للمبدع و مؤيدة للاطفال في الهجوم عليه الى متهكمة من جُبْنه الى معتذرة مما حدث : يقول المشاكس:
وكم ضحك جميع الحاضرين..
وفي المساء وصلت رسالة منها
فيها اعتذار.فما حدث لم يكن في الحسبان…
قد يُرجح هنا القارئ أن زمن أحداث القصيدة كان في عهد الصبا والطفولة فلا سعدى كانت مسؤولة عما صدر منها ولا المبدع كان شجاعا ومتحملا لأفعاله.
ان هذا الانقلاب في موقف سعدى يُبرّرُ اختيار المشاكس لعنوان القصيدة ويدعم زمن العلاقة بين سعدى والمبدع التي قد تكون زمن الطفولة .
انه تصميم جميل في معمار المشاكسة.
وفي هذا الاطار فان المشاكس ينفي عن المبدع متعة الزمن الماضي زمن الطفولة مرتين:
– انه يحرمه من متعة استرجاع الزمن الجميل.
– انه يحرمه متعة تذكير الحبيبة له بذكريات الماضي السعيد زمن الطفولة فيقلب عليه طاولة الأحداث ويبعثرها تماما كما عبث به الأطفال وهم يهاجمونه.
وبالتالي لئن أمتعنا المبدع بكل مراحل حياته فان المشاكس قد اكتفى بمرحلة الطفولة وجعلها تعيسة على المبدع ولعله جبر له خاطره برسالة اعتذار من سعدى .
وخلاصة القول فان كلّا من المبدع والمشاكس قد جعل قصيدته السوناتا تتناص مع الفن التشكيلي والفن المسرحي الى جانب تسريد الشعر.
انه التناص الأجناسي.
سلم جليل حرف المبدع والمشاكس تناصا أجناسيا.
بتاريخ 23/ 12/2024
المراجع:
https://www.maannews.net>news(1)
وزارة الاعلام: المرأة والزيتون حكاية عطاء وصمد خير
زيتونتان واقفتان””
( سوناته )
( 1 )
وحبةُ قلبي وتوأم روحي
تقول:
تعلمتُ جني الزياتين منذ قديم الزمان…
********************************
وتنسى
بأنا اشتركنا بنصب الشباك وصيد الطيور !
وَعُمْنَا عُراةً معا بالغدير ببعض السّواني..
*********************************
وسيدة عمري..
تقول:
كفاك حديثا عن اللهو وارجع لربك واترك عَتيقِ الدَنانِ.
*************************************
وتنسى
فَطرنا بِعِزّ النهار بخيمة جدي٠٠
شَوَينَا فَرِيكَ السّنابل في رمضان..!؟
( 2 )
وتُمسِكُ مَكْنَاسَةً..
حينَ وَافيتُها عند ضيعتها بالزياتين..
الحَبُّ والغُصْنُ لَها يَسْجُدانِ..
***********************************
فتاةٌ بأدنى الحقول،
تُشِع كأن أناملَها الشمسُ…
والأرضُ من تحتها روضةٌ من رياضِ الجنانِ…
*************************************
وثمَّةَ غصنٌ بزيتونةٍ،
قد تَوَلَّتْهُ كفٌّ مُباَرَكَةُ السّرِّ..
يَسَّاقَطُ الحَبُّ والنورُ منه بكل أوانِ..
************************************
وثمةَ يَبسُطُ كلبٌ ذراعيه عند الوصيد
يُراقبُ ضيعَتَها٠٠٠
كلَّ ماشٍ وآتٍ وقاصٍ ودانِ ..
( 3 )
وحين اقتربتُ وسقسقَ طيرٌ
وناديتُ،
يا رب هب لي هُدى وأنِرْ لي الثنايا وأطلق لساني..
*********************************
تُفيقُ بي وتُشِيحُ عُصَابتَها وتُشَبِّحُ ٠٠
تجري وتوشكُ تسقطُ…
كالصّقْرِ قد مَدَّ جَنْحَيْهِ للطيرانِ ..
*******************************
جريتُ إليها،
رميتُ بكلي على كتفيها ومِلتُ إلى صدرها
مثلما العشّ قد عَابَثَتْهُ يَدَانِ..
************************************
وكنا التحمنا… كما اصبعين بكف٠٠
فنارٌ بقلبي ونارٌ بأحضانها٠٠
ايهِ…. لَولا البُكاءُ لَصرنا عموديْنِ يَحتَرِقانِ ..
( 4 )
وشَبَّهْتُ من قَدِّها
ما تَرى في السما قمرًا٠٠
ما ترى في الأراضين، عينيْن بالدمع نَضّاختانِ ..
*************************************
تقول تأخَّرتَ جدا..
أقول:
أما قد كفاك رجيفُ فؤادي وتَسهِيدُ عَيني وبحرانِ يلتقيان..
( أ. حمد حاجي)
“””””””””””””””””””””””””””””””””””””
(المشاكس عمر دغرير)”وحدث ما لمْ يكنْ في الحسبانِ”
(1)
وزيتونة تلتقي تحْتها العائلاتُ,
فرادى وجماعاتٍ, بين الكهولِ والصبيانِ …
“””””””””””””””””””””””””””””””
ويلتقطونَ ما سقط َمنْ حباتها في أكياسٍ ,
وهمْ يغنونَ كأنهمْ في مهرجانِ …
“””””””””””””””””””””””””””””””
وبينَ الحينِ و الحينِ كانتْ سعادُ توزعُ المرطباتِ
مع الشاي الدافئ في الفنجانِ …
“””””””””””””””””””””””””””””””
وتطلبُ منْ اخوتها الصغار أنْ لا ينشغلوا باللهوِ
وتعدُ المجتهدَ بأكل الحلوى بالألوانِ …
(2)
وكنتَ على مرْمَى العيون ,
تتابعُ خطوها من بعيدٍ فتبدو لها كشيطانِ …
“”””””””””””””””””””””””””””
تخاطبُها بالإشاراتِ,
وتلقي لها بالقبلاتِ, ولكنها أبدا ما اهتمتْ بما يحدث أمام العيانِ …
“””””””””””””””””””””””””””””
تنبّهكَ بغمزةِ عينٍ ,
وفي غفلةٍ منَ الأهلِ ترميكَ بصعقةٍ منْ لسانِ …
“”””””””””””””””””””””””””””””””””
وكنتَ تختفي خلف جذع زيتونة حينا
وأحيانا تحتمي بالسدر وتشعر بالأمانِ …
(3)
وفجأة شافكَ الأطفالُ كيف تعاكسُ سعْدى
وكنتَ ترقصُ خلفَ الزياتينِ كما البهلوانِ …
“”””””””””””””””””””””””””
تخلوْا عمّا كان يشغلهمْ ,
ثمّ جروْا خلفكَ مثل سيلٍ ينذرُ بالهيجانِ …
“””””””””””””””””””””””””””””””””
ويرْمونكَ بالحجرِ و الطوبِ,
وبحبّاتِ الزيتونِ وبالورق و الأغصانِ …
“”””””””””””””””””””””””””””””””
ولمّا رأيتَ الشرّ في عيونِ الصغارِ,
طرْتَ مع الريح حتى اختفيتَ في أحد الوديانِ …
(4)
وكمْ ضحكَ جميعُ الحاضرينَ,
وكمْ سخرتْ منْ هروبكَ سُعدى ,
وقالتْ : يا لكَ منْ رجلٍ جبانِ …
“”””””””””””””””””””””””””
وفي المساء وصلتكَ رسالة منْها ,
فيها اعْتذارٌ . فما حدَثَ لمْ يكنْ في الحِسْبانِ …