“قراءة نقدية وفق مقاربة ميتاشعرية”
القصيدة :” قبلة على برواز خمس لوحات”
الشاعرحمد حاجي (تونس)
الناقدة جليلة المازني(تونس)
المقدّمة:
يطرح الشاعر في قصيدته ” قبلة على برواز خمس لوحات” مسألة الميتاشعرية وقد ضمّن القصيدة عتبات ميتاشعرية وهو بذلك يؤسس لمفهوم للشعر ..فماهي هذه العتبات الميتاشعرية وماهي دلالاتها وماهي تجليات الميتاشعرية في القصيدة؟
1- مفهوم الميتاشعرية:
– الميتاشعرية مصطلح يشير الى التنظير أو الوصف أو الكلام على الشعر ضمن اطار العمل الشعري. “الشعر على الشعر” او “القصيدة فى القصيدة”
– ان يضع الشاعر نفسه تحت المجهر فيتفحّص مصادر الهامه ومخاوفه وآماله وتصوراته حيال الكتابة الشعرية.
في هذه الميتاشعرية يعيد الشاعر النظر في موقعه ازاء تراثه الشعري فنراه يسائل نفسه ويمتحنها نراه يتفحّص الشكل الشعري ويعيد تركيبه..
انها صفة الشاعر الناقد وهي من سمات الميتاشعرية.
2- العتبات الميتاشعرية:
تضمّنت القصيدة عدّة عتبات ميتاشعرية وهي:
العنوان/ الاهداء/ شرح مصطلح القبلة/ اللوحة.
ان هذه العتبات الميتاشعرية تتحوّل في القصيدة الى نصوص موازية لنص القصيدة ولم يكن تضمينها من قبل الشاعراعتباطًا بل اختارها لما لها من دلالاتها المعنوية:
أ- العنوان:
لقد أسند المبدع عنوانا لقصيدته ” قبلة على برواز خمس لوحات ” والعنوان محتوى مصغر للقصيدة وهو يجسد مفارقة بين القبلة التي من المفروض ان تكون حميمية والمتقبل للقبلة الذي هو برواز خمس لوحات والبرواز هو الاطار الذي يحفظ اللوحة.
فهل من علاقة بين العنوان والقصيدة؟
ب- شرح مصطلح “القبلة ” وهي أشهر لوحة للرسام والفنان التشكيلي النمساوي
جوستاف كليمت الرسام.
فهل من علاقة بين شرح مصطلح القبلة والقصيدة؟
ج- الاهداء:لقد أهدى المبدع القصيدة الى عاشقة الرسم سعيدة بركاتي .
فهل من علاقة بين هذا الاهداء والقصيدة؟
د- اللوحات :هذه اللوحات تجسد أشهر خمس قبلات في تاريخ الفنّ التشكيلي.
فهل من دلالة لهذه اللوحات في علاقتها بالقصيدة؟
ان هذه العتبات االميتاشعرية تؤسس لمفهوم للشعر وتهدم مفهوما آخر:
– تهدم مفهوما للشعر قائم على الوصف بالكلمات.
– تؤسس لمفهوم يزاوج بين الشعر والرسم.
فماذا قال الشعراء عن الرسم؟
“الرسم شعر صامت والشعر رسم يتكلم”- كتب الفيلسوف اليوناني بلوتارخ هذه العبارة قبل ألفي عام وقد تكون هي نفسها تجسيدا للكثير من اللوحات والقصائد
فالعلاقة بين العمل الفني والقصيدة قديمة منذ أن كتب هوميروس عن درع أخيل
في الملحمة الشعرية “الالياذة” هذا الدرع الذي يصوّر الحياة كلها في ذلك الزمن
في عمل فني واحد”(1).
ويقول أحد الشعراء عن الفنون:
فاسْلك اليه من الفنون طريقا // إن رمت عيشا ناعما ورقيقا.
ان المبدع يبني مفهوما للشعر يزاوج فيه بين الشعر والرسم.
أين تتجلّى هذه المزاوجة بين الشعر والرسم والتي هي هاجس القصيدة؟
2 – تجليات الميتاشعرية في القصيدة:
أ- اللوحات بالقصيدة:
ان المبدع زاوج بين الشعر الناطق والشعر الصامت بأن رسم لنا بالقصيدة خمس لوحات ناطقة صامتة تماما بعدد اللوحات المصاحبة للقصيدة:
– اللوحة الاولى: هيئة الحبيبة عند قدومها.
– اللوحة الثانية : قدوم الحبيبة وهي تنقر دفة بيته.
اللوحة الثالثة: مراقبة الحبيب للحبيبة عند دخولها.
اللوحة الرابعة: الحبيبة تحمل صينية وهي ترفل في الحرير.
اللوحة الخامسة : كيفية إهراق الحبيبة للقهوة.
كاني بالشاعر باهداء القصيدة الى عاشقة الرسم سعيدة البركاتي يريد منها ان ترسم بريشة رسمها ما نحته بشعره.
ب- تراسل الحواس بالقصيدة :
ان تراسل الحواس هو “شكل من أشكال بناء الصورة الذي يعتمد على
نقل مدركات حاسة من الحواس الى مدركات حاسة أخرى ويلجأ الشاعر عبر تراسل الحواس الى التوسع في الخيال وخلق صورة مميزة ومؤثرة لخلق الدهشة في المتلقي”(2).
” يمكن للفن ان يصدر او يستحضر الروائح والاذواق والاصوات ونحن متورطون بشكل عميق في كل ظاهرة فنية نواجهها . من خلال استخدام كل حواسنا يمكننا تغيير الطريقة التي نفهم بها العالم من حولنا وتعزيز تجا ربنا الابداعية”(3).
– في اللوحة الاولى ::فحاسة البصر ترسل الدفء الى حاسة اللمس و الصمت الى حاسة السمع.
– في اللوحة الثانية: حاسة البصر ترسل العطر الى حاسة الشم والنقر الى حاسة السمع
– في اللوحة الثالثة: حاسة البصر ترسل صمت الحبيبة الى حاسة السمع.
– في اللوحة الرابعة: حاسة البصر ترسل نعومة لباسها الحريري الى حاسة اللمس.
– في اللوحة الخامسة: حاسة البصر ترسل اهراق القهوة الى حاسة السمع وطعمها الى حاسة الذوق.
ج – علاقة العنوان بالقصيدة (القفلة):
يختم المبدع القصيدة بقفلة مدهشة كسرت أفق انتظار القارئ حين قبّل المبدع حبيبته قبلتين على جبينها وكأن المبدع يرمز بالقبلتين على جبين الحبيبة الى تقديس ابداعه الذي أسس له مفهوما جديدا وهو المزاوجة بين الشعر والرسم:
انهما قبلتان :
– قبلة للشعر.
– قبلة للرسم .
انهما مثنى بصيغة المفرد وهي معادلة ممتعة تجعل المزاوجة بين الابداعين ابداعا واحدا مركبا.(شعر + رسم = 1).
=== يتبع ===
=== يتبع ===
الخاتمة:
ان الشاعر حمد حاجي أسّسَ ملامح جديدة للقصيدة تتمثل في المزاوجة بين الشعر والرسم من خلال توظيف العتبات الميتاشعرية التي هي نصوص موازية لنصّ القصيدة ولها دلالاتها المعنوية ومن خلال تجليات الميتاشعرية بالقصيدة.
سلم قلم المبدع المسكون بهاجس التجديد في القصيدة.
بتاريخ 02/ 01/ .2024
المراجع:
https://diffah.alaraby.co.uk>diffah(1)
“الرسم شعر صامت والشعر رسم يتكلم”…اللوحة شعرا- ضفة ثالثة- العربي الجديد
https://metonymykinaya.com>..(2)
تراسل الحواس وأثره في الصورة الشعرية عند الشاعرة دورين سعد..- كناية
https://www.oca.ac.uk>weareoca(3(
تحفيز الحواس:فن الشم والتذوق والسمع
*قراءتي النقدية المزدوجة قادمة.
. ……………….. قبلةٌ على برواز خمس لوحات………………
.
.
.
ا===== إهداء إلى أختي وصديقتي عاشقة الرسم
ا==== الرائعة سعيدة بركاتي Saida Baraketi ===
٫
٫
تجيءُ كمصباح عام جديد ويوم سعيد
تَذَابيلَ بالعينِ،
والدفءَ، والصمتَ، وإطراقةَ المُغْرَمِ٠٠
٫
٠
وتأتي كَرَشَّةِ عطرٍ كَمَا نَسمةٍ،
نَقَرَتْ نقرتيْن بِدَفَّةِ بَيتي .. فآهٍ وآهٍ..
ويسبقني القُفْلُ٠٠ يا ويح قلبي يُقبّلُها البابُ من مِعْصَمِ٠٠
٠
،
أرَاقِبُها في هُدُوءٍ..
وتَدْخُلُ كالشّمسِ، تُلْقِي بأنوارِها..
صَمْتُهَا لم يَدَعْ كبدي يشتكي ألَمِي٠٠
٠
٠
وتحملُ صِينيّةً بيدِ….
وبأخرى تُمَطِّطُ تَنُّورَةََ رَفَلَتْ في الحرير٠٠
وتَأبَى النّزُولُ إلى الكعب والقدمِ…
٠
٠
ومالت لإبريقِ قَهوَتِها تُهْرِقُهَا
لكَأَنَّ الكُؤوسَ رقابُ عَصافيرَ تَصْعَدُ من وَكرِها
فتُزَقِّقُها في فمِ٠٠
٠
٠
وَقُدّامَ أُمِّي،
كَلاَ شَيْءَ٠٠ من فَرْحَتِي قُمْتُ………
قَبَّلَــهَا قُبْلَتَيْنِ على جبهةِِ، مِبْسَمِي..!
٠
٠
ا=== أ. حمد حاجي
.
.
ا===”القبلة”===
أشهر لوحة لـلرسام والفنان التشكيلى النمساوى جوستاف كليمت الرسام