فى مثل هذا اليوم 10يناير1920م..
عقد أول اجتماع لمنظمة عصبة الأمم، وفي هذا الاجتماع أقرت معاهدة فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى.
نشأت عصبة الأمم المتحدة، بعد الحرب العالمية الأولى، وتحديداً عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919، مثّلت فلسفتها الدبلوماسية نقلة نوعيّة في الفكر السياسي الذي كان سائدًا في أوروبا، والعالم طيلة السنوات المائة السابقة على إنشائها. وفي ذكرى عقد أول اجتماع لها في جنيف، نعرض 15 معلومة عن تاريخ إنشاءها. 1- هي إحدى المنظمات الدولية السابقة التي تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919، الذي أنهى الحرب العالمية الأولى، التي دمّرت أنحاء كثيرة من العالم. 2- كانت هذه المنظمة سلفًا للأمم المتحدة، وهي أوّل منظمة أمن دولية هدفت إلى الحفاظ على السلام العالمي. 3- وصل عدد الدول المنتمية لهذه المنظمة إلى 58 دولة في أقصاه، وذلك خلال الفترة الممتدة من 28 سبتمبر سنة 1934 إلى 23 فبراير سنة 1935. 4- كانت أهداف العصبة الرئيسية تتمثل في منع قيام الحرب عبر ضمان الأمن المشترك بين الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية عبر إجراء المفاوضات، والتحكيم الدولي، كما ورد في ميثاقها. 5- كانت العصبة تفتقد وجود قوة مسلحة خاصة بها قادرة على إحلال السلام العالمي الذي تدعو إليه، لذا كانت تعتمد على القوة العسكرية للدول العظمى لفرض قراراتها، والعقوبات الاقتصادية على الدول المخالفة لقرار ما، أو لتكوين جيش تستخدمه عند الحاجة. 6- أثبتت العصبة عجزها عن حل المشكلات الدولية، وفرض هيبتها على جميع الدول دون استثناء، عندما أخذت دول معسكر المحور تستهزئ بقراراتها، ولا تأخذها بعين الاعتبار، وتستخدم العنف تجاه جيرانها من الدول والأقليات العرقية قاطنة أراضيها، خلال عقد الثلاثينيات من القرن العشرين. 7- كان إنشائها هو محور مبادئ “ويلسون” الأربعة عشر للسلام، التي تحدث عنها في خطابه أمام الكونغرس، ونص المبدأ الأخير منها على أن “يجب تشكيل جمعية عامة من الأمم، بموجب المواثيق المحددة، لغرض منح ضمانات متبادلة من الاستقلال السياسي، والسلامة الإقليمية للدول الكبرى والصغرى على حد سواء”. 8- أسست عصبة الأمم كمنظمة على أيدي قوات الحلفاء كجزء من التسوية السلمية لإنهاء الحرب العالمية الأولى، وقد أدى هذا إلى تحويلها إلى عصبة المنتصرين، كما ربطت العصبة بمعاهدة فرساي، وقد انعكس ذلك على عصبة الأمم بعد أن فقدت هذه المعاهدة مصداقيتها وأصبحت غير شعبية. 9- كانت اللغات الرسمية لعصبة الأمم هي الفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية وبدءًا من عام 1920 تبنّت عصبة الأمم اعتماد الإسبرانتو، كلغة عمل رسمية لها. 10- لم يكن لعصبة الأمم علم أو شعار، وأخيرًا، في عام 1939، ظهر شعار شبه رسمي من نجمتين خماسيتين على خلفية خماسية زرقاء، ورمزت تلك النجمتان للقارات الخمس، والأعراق الخمسة، مع قوسين في الأعلى والأسفل يحملان اسم المنظمة بالإنجليزية (League of Nations) وبالفرنسية (Société des Nations). 11- الأجهزة الرئيسية لعصبة الأمم وفق ميثاقها هي “الجمعية العامة، ومجلس عصبة الأمم، والأمانة العامة الدائمة التي يرأسها الأمين العام ومقرها في جنيف، هناك أيضًا منظمات أخرى ألحقت بالعصبة، واعتبرت من أجهزتها من أمثال المحكمة الدائمة للعدل الدولي، ومنظمة العمل الدولية. 12- كانت مصر آخر الدول انضمامًا إلى عصبة الأمم (في 26 مايو 1937)، أما أول عضو ينسحب من عصبة الأمم بعد تأسيسها، فكان كوستاريكا في 22 يناير 1925؛ بعد أن كانت قد انضمت في 16 ديسمبر 1920، مما يجعلها أسرع الدول انسحابًا من عصبة الأمم. 13- في نهاية الحرب العالمية الأولى، واجهت دول الحلفاء مسألة التخلص من المستعمرات الألمانية السابقة في إفريقيا، ومنطقة المحيط الهادئ، وولايات الدولة العثمانية، أرسى مؤتمر السلام مبدأ يقول بأنه ينبغي إدارة هذه الأراضي من قبل حكومات مختلفة نيابة عن عصبة الأمم، وفق نظام يخضع للإشراف الدولي، عرف هذا النظام بالانتداب، الذي وضعه “مجلس العشرة” في 30 يناير 1919، وأحيل إلى عصبة الأمم. 14- نشأت انتدابات عصبة الأمم وفقًا للمادة 22 من ميثاق عصبة الأمم، وأشرفت لجنة الانتداب الدائمة في عصبة الأمم، على تنظيم استفتاءات عامة في المناطق المتنازع عليها، بحيث يمكن أن يقرر سكان تلك المناطق لأي بلد ينضمون، وقسمت إلى ثلاث أنواع من الانتداب. 15- عقدت عصبة الأمم أول اجتماعاتها في 16 يناير 1920، أي بعد إبرام معاهدة فيرساي بـ6 أيام، وانتهاء للحرب العالمية الأولى بشكل رسمي، و نُقل مقر العصبة إلى جنيف في نوفمبر من نفس العام، حيث عُقدت أولى الجلسات في الخامس عشر من نوفمبر، وحضرها ممثلون عن 41 دولة.!!
معاهدةُ ڤرساي (بالإنجليزية: Treaty of Versailles)، (بالفرنسية: Traité de Versailles)، (بالألمانية: Versailler Vertrag) أو “صلح ڤرساي” -أو “معاهدةُ السلامِ بينَ الحلفاءِ والقوى المرتبطة وبينَ ألمانيا” بحسبِ الاسمِ الرسمي-، هي المعاهدةُ التي أسدلتِ الستارَ من جانب القانونِ الدوليِّ على أحداثِ الحرب العالمية الأولى. وُقِعَ عليها بعدَ مفاوضاتٍ شاقّةٍ وعسيرةٍ استمرَّتْ ستةَ أشهرٍ هي وقائعُ مؤتمرِ باريسَ للسلامِ (وُقعتِ الهدنةُ العامّةُ مع ألمانيا في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1918). وقَّعَ الحلفاءُ المنتصرونَ في الحرب اتفاقيَّاتٍ منفصلةً معَ دولِ المركزِ الخاسرةِ وهي الرايخ الألمانيّ، والإمبراطورية النمساوية-المجرية، والدولة العثمانية، ومملكةُ بلغاريا. سُلمَتِ الصياغةُ النهائيةُ للنصّ الذي تمَّ الاتفاقُ عليهِ إلى الحكومةِ الألمانية في 7 مايو/أيار 1919 للموافقةِ عليِهِ من قِبلِها، وجرتْ مراسمُ التوقيعِ في 28 يونيو/حزيران 1919م. تضمّنَتِ المعاهدةُ الاعترافَ الألمانيَّ بالمسؤوليةِ الكاملةِ عنِ الحرب ما أثارَ حنقاُ واسعاً داخلَ ألمانيا فقدِ اعتبرَ تنازلاً عن الكرامةِ الوطنيّةِ، فألمانيا وإنْ كانَ عليها نصيبُها من المسؤوليّةِ إلا أنَّه ليستِ المسؤوليّةُ كاملةً. لقدْ كانَ بنداً مثيراً لكثيرٍ منَ الجدلِ: “إقرارُ ألمانيا وحلفائِها بمسؤوليّتِها عنِ التسببِ في جميع الخسائرِ والأضرارِ” التي وقعتْ أثناءَ الحربِ (تضمنتِ المعاهداتُ معَ دولِ المركزِ الأخرى موادَّ مماثلةً). أضحتْ هذهِ المادةُ (المادة 231) تُعرفُ باسمِ “بندِ ذنبِ الحربِ”.
تمخّضتِ المعاهدة عنْ تأسيسِ عصبة الأمم التي أريدَ منها الحيلولةُ دونَ وقوعِ صراعٍ مسلّحٍ بينَ الدولِ كما حدثَ في الحرب العالمية الأولى، ونزعِ فتيلِ النزاعاتِ الدوليةِ قبلَ انفجارها. ألزمتِ المعاهدةُ ألمانيا بخسارةِ بعضٍ من أراضيها وتقديمِ تنازلاتٍ إقليميّةٍ واسعةٍ، وتقاسمتِ الدولُ المنتصرةُ الرئيسيةُ مستعمراتِها في إفريقيا والمحيط الهادي. وخسرتِ الدولة العثمانية -كذلك- أراضٍ شاسعةً في آسيا وانتهتْ نهائيّاً كإمبراطوريّةٍ، وتوزعتْ ممتلكاتُ الإمبراطورية النمساوية المجرية على عدةِ بلدانٍ في وسطِ القارةِ وشرقها وذلكَ بموجبِ معاهداتٍ لاحقةٍ لمعاهدةِ ڤرساي.
فيما يتعلقُ بالقيودِ العسكريَّةِ على ألمانيا فقد فرضتِ المعاهدةُ ضوابطَ وقيوداً صارمةً جداً على الآلةِ العسكريةِ الألمانيةِ بغيةَ منعِ الألمانِ من إشعالِ حربٍ ثانيةِِ، فنصّت على تجريدِ الجيشِ الألمانيّ من السلاحِ الثقيلِ، وإلغاءِ نظامِ التجنيدِ الإلزاميِّ المعمولِ به، والاحتفاظِ بمئةِ ألفِ (100,000) جنديٍّ فقط. وعدمِ بناءِ قوّةٍ جويّةٍ، والالتزامِ بـخمسةَ عشرَ ألفَ (15,000) جنديٍّ في البحريَّةِ، وتحديدِ عددِ السفنِ الحربيَةِ بعددٍ محدودٍ ومنعِها من بناءِ غوّاصاتٍ حربيَّة. وفُرِضَ عليها ألاّ يحقَّ للجنودِ البقاءُ في الخدمةِ العسكريةِ أقلَّ منْ اثنيْ عشرَ (12) عاماً وللضبّاطِ خمسةٍ وعشرينَ (25) عاماً بحيثُ يغدو الجيشُ الألمانيُّ قائماً على الكفاءاتِ العسكريّةِ غيرِ الشابّة.
ثمَّ جاءَ دفعُِ التعويضاتِ لبعضِ البلدانِ. حُدّدتْ هذهِ التعويضاتُ بمبلغِ تسعةٍ وستينَ ومئتيْ (269) مليارِ ماركٍ ألمانيٍّ ذهبيّ، ثمَّ خُفّضَ عدةَ مراتٍ فيما بعدُ، وبحسبِ خبراءٍ اقتصاديّينَ فإنها -رغمَ التخفيضاتِ- بقيتْ مغالىً فيها. ونتجَ عن ذلكَ أنْ أثقلتِ الديونُ الاقتصادَ الألمانيَّ المنهَكَ بسببِ الحربِ وتبعاتِها مما رفعَ درجةَ الغضبِ والغليانِ الشعبيِّ، وأسهمَ في النهايةِ باندلاعِ الحربِ العالميّةِ الثانيةِ.
كانَ الاقتصاديُّ البريطانيُّ اللامعُ جون مينارد كينز (1883م-1946م) -عضوُ الوفدِ البريطانيِّ إلى مؤتمرِ پاريسَ للسلامِ- بعيدَ النظرِ عندما وصفَ معاهدةَ ڤرسايَ بعبارتهِ الشهيرةِ: “سلامٌ قرطاجيٌّ” (إشارةً منهُ إلى تدميرِ الرومان قرطاجةَ كليّاً، لقدْ حققوا السلامَ ولكنْ على أنقاضِ دولة)، واعتبرَ أن من شأنِها أنْ تدمرَ ألمانيا اقتصاديّاً، وأنها ذاتُ نتائجَ عكسيّةٍ. وقد بقيَ هذا الأمرُ موضوعَ أخذٍ وردٍّ دائمٍ من قبلِ المؤرخينَ والاقتصاديّينَ على حدٍّ سواء.
من ناحيةٍ أخرى رأت شخصياتٌ بارزةٌ من الحلفاءِ المعاهدةَ من وجهةِ نظرٍ أخرى، فقد انتقدها الماريشال الفرنسيّ فرديناند فوش (1851م – 1929م) -القائدُ الأعلى لجيوش الحلفاءِ الذي وقَّعَ على الهدنةِ مع الألمانِ- لأنها تعاملُ ألمانيا بشكلٍ متساهلٍ للغاية، ووصفها بقولهِ: “هذا ليسَ سلاماً، إنّهُ فقط هدنةٌ لمدةِ عشرينَ عاماً”، ما اعتبرَ -فيما بعدُ- نبوءةً غيرَ مسبوقة. ويُروى أنَّ صحافيّاً سألَ جورج كليمنصو رئيسَ الوزراءِ الفرنسي (1917م-1920م) عن سببِ عدائِهِ للألمانِ (وقد اشتهرَ بتصلبهِ الشديدِ أثناءَ المفاوضاتِ)، وقالَ لهُ: “هلْ ذهبتَ يوماً إلى ألمانيا ورأيتَ الألمانَ؟”، فأجابَ: “لا، ولكني خلالَ حياتي رأيتُ الألمانَ مرتينِ يأتونَ إلى فرنسا” (إشارةً منه إلى الحربِ الفرنسيةِ-الپروسيةِ (70-1871م)، والحرب العالمية الأولى)، وسواءً كانتِ الروايةُ صحيحةً أو صيغت على سبيلِ “المضحكِ-المُبكي” فإنها تصورُ الروحَ التي جرت فيها المفاوضاتُ التي أدّتْ إلى معاهدةِ ڤرساي.
سمّيتِ المعاهدةُ بمعاهدةِ ڤرسايَ على اسمِ المكانِ الذي جرت فيه مراسمُ توقيعِهَا النهائي وهو قاعةُ المرايا الشهيرةُ بقصر ڤرسايَ التاريخيِّ في ضواحي پاريس، لكنَّ معظمَ المفاوضاتِ جرت في پاريس، وعُقدتِ اجتماعاتُ “الأربعةِ الكبارِ” بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والولاياتِ المتحدةِ بشكلٍ عامٍّ في وزارةِ الخارجيةِ الفرنسيّةِ (بالفرنسية: Quai d’Orsay).!!