في مثل هذا اليوم 11 يناير 1972م..
باكستان الشرقية تغير اسمها إلى بنغلاديش.
في عام 1971 خاضت بنغلاديش حرب التحرير البنغلاديشية ضد باكستان لتصبح دولة مستقلة، والتي أسفرت عن انفصال باكستان الشرقية عن جمهورية باكستان الإسلامية، وأنشأت دولة ذات سيادة اسمها بنغلاديش. الحرب دارت بين باكستان الشرقية والهند ضد باكستان الغربية (باكستان الآن)، واستمرت لمدة تسعة أشهر. كانت الحرب واحدة من أكثر الحروب عنفًا في القرن العشرين، وشهدت فظائع ورقعة قتال واسعة النطاق، ونزوح حوالي 10 ملايين لاجئ، ومقتل 3 ملايين شخص.
وفي16 ديسمبر 1971، وقع الفريق أول أمير عبد الله خان نيازي من القوات المسلحة الباكستانية الموجودة في شرق باكستان، وثيقة الاستسلام. كان هذه الوثيقة اتفاقًا كتابيًا مكون من استسلام القيادة الشرقية الباكستانية في حرب تحرير بنغلاديش، وانتهاء الحرب الباكستانية الهندية 1971 في المسرح الشرقي لباكستان.
تم الاستسلام في مضمار السباق رامنا في دكا في 16 ديسمبر 1971. وقع الجنرال أمير عبد الله خان نيازي والملازم جاجيت سينغ أورورا القائد المشترك للقوات الهندية وبنجلاديش الوثيقة وسط الآلاف من الجماهير المحتشدة في ميدان السباق. وقع كل من العميد الجوي أ. ك. خاندكر نائب القائد العام للقوات المسلحة البنغلاديشية، والملازم ج. ي. ج. جاكوب من قيادة الهند الشرقية كشهود على استسلام باكستان.
حضر التوقيع نائب الأدميرال محمد شريف قائد القيادة الشرقية البحرية الباكستانية ونائب المارشال باتريك د. كالاغان من قيادة سلاح الجو الشرقي التابعة للقوات الجوية الباكستانية، الذان وقعوا على الاتفاق. نيابة عن بنغلاديش عمل العميد الجوي أ. ك. خاندكر كشاهد على الاستسلام. الفريق الجنرال جاكوب رافائيل جاكوب رئيس أركان القيادة الهندية الشرقية مع القادة الآخرين للقوات البحرية والجوية الهندية كانوا بمثابة شهود نيابة عن الهند. قبل أورورا الاستسلام دون الإدلاء بكلمة واحدة، في حين بدأ الحشد في مضمار السباق بالصراخ ضد شعارات نيازي ومناهضة باكستان.
في عام 1996 أصدر بنك بنغلاديش مذكرة بقيمة 10 تاكا مع طباعة فوقية بمناسبة الاحتفال باليوبيل الفضي ليوم النصر، وكانت الذكرى السنوية الخامسة والعشرون.
الاعتراف ببنغلاديش
شهد استسلام القوات المسلحة الباكستانية نهاية حرب تحرير بنغلاديش ونشأت بنغلا ديش (لاحقا تحولت إلى كلمة واحدة). سارعت معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الاعتراف ببنغلاديش في غضون أشهر من استقلالها.
الاحتفال بيوم النصر حدث لأول مرة عام 1972. وأصبحت حرب تحرير بنغلاديش موضوعًا ذا أهمية كبيرة في السينما والأدب ودروس التاريخ في المدارس ووسائل الإعلام والفنون البنغلاديشة. اكتسبت طقوس الاحتفال تدريجيًا طابعًا مميزًا مع عدد من العناصر المماثلة: العرض العسكري للقوات المسلحة البنجلاديشية في أرض العرض الوطني، والاجتماعات الاحتفالية، والخطب، والمحاضرات، وحفلات الاستقبال، والألعاب النارية.
ويوم النصر في بنغلاديش هو احتفال مبهج للشعب البنغلاديشي تلعب فيه الثقافة الشعبية دورًا كبيرًا.
تبث محطات التلفزيون والإذاعة برامج خاصة وأغنيات وطنية. الشوارع الرئيسية مزينة بالأعلام الوطنية. تقوم الأحزاب السياسية المختلفة والمنظمات الاجتماعية والاقتصادية برامج للاحتفال باليوم بطريقة جميلة ومفرحة، بما في ذلك الاجتماع في نصب الشهداء الوطني في سافار في منطقة دكا.
أهم النقاط في حرب التحرير ودورها في قيام دولة بنغلاديش مستقلة
تحتفل بنغلادش في السادس عشر من ديسمبر/ كانون الثاني من كل عام بـ”يوم النصر” الذي شكل نهاية للحرب الثالثة بين الهند وباكستان والتي عرفت بـ”حرب الأسبوعين” عام 1971، وهي في الوقت ذاته بداية لقيام جمهورية بنغلاديش الشعبية بعد انفصالها عن باكستان.
هذا التقرير محاولة لتسليط الضوء على هذه الحرب.. ما هي أسبابها؟ وما أبرز نتائجها؟ وكيف انقسم الموقف الدولي تجاهها؟ في الثاني من ديسمبر/ كانون الثاني عام 1971 أعلنت الهند الحرب على باكستان وهي تعد ثالث نزاع عسكري يندلع بين الدولتين منذ انفصالهما عن بعض عام 1947 وإعلانهما دولتين مستقلتين، تعود حرب الأسبوعين إلى جملة من الأسباب تمثلت في الأتي:
– تفاقم الخلافات الداخلية في دولة باكستان بعد نتائج انتخابات عام 1970 والتي نالت فيها عصبة عوامي البنغالية الفوز بالأغلبية وهيأت لزعيمها شيخ مجيب الرحمن تشكيل الحكومة، فيما رفض الرئيس الباكستاني يحيى خان والطبقة السياسية في كراتشي انفراد مجيب الرحمن بهذه الحكومة خوفا من تطبيق برنامج النقاط الست الذي يرمي إلى انفصال باكستان الشرقية.
– بعد فشل المفاوضات بين شيخ مجيب الرحمن والرئيس الباكستاني يحيى خان غادر الاخير دكا في 24 مارس/ آذار 1971، وبعد يوم واحد اعلن من كراتشي انطلاق حملة عسكرية للقضاء على ما وصفته السلطات الباكستانية بحركة التمرد في باكستان الشرقية، ولجأت الى القمع والبطش والاعتقالات.
– إعلان الرئيس الباكستاني يحيى خان، فرض الأحكام العرفية في باكستان والعودة إلى الحكم العسكري وتأجيل انعقاد الجمعية الوطنية التشريعية.
– بعد انطلاق الحملة العسكرية تدفق الملايين من اللاجئين من باكستان الشرقية إلى الهند والذين وصلت أعدادهم إلى أكثر من تسعة ملايين مهاجر سبب وجودهم عبء على ميزانية الهند.
– تذرعت الهند أن باكستان تمارس قمع حرية البنغاليين وفيهم ما يقارب خمسة عشر مليوناً من الهندوس، وحرمتهم من ممارسة حقهم الديمقراطي في الحكم.
– قامت السلطات الهندية بتدريب فدائيين بغاليين من الهندوس والمسلمين وتكوين جيش (الموكيتي باهيني) أو جيش التحرير البنغالي وتشكيل حكومة مؤقتة لباكستان الشرقية في مدينة كلكتا الهندية.
– العداء التاريخي بين الهند وباكستان منذ انفصال الأخيرة عن الهند عام ١٩٤٨، فكانت الهند تتحين الفرص من أجل إنزال أية ضربات موجعة التي من الممكن أن تضعف باكستان خصوصا بعد حروب عديدة بين الطرفين وعلى الأخص حول كشمير ابتداء من حرب ١٩٤٨ وحرب ١٩٦٥.
كانت الهند تسعى من خلال إعلان الحرب على باكستان في تحقيق أهدافها الاستراتيجية وهي:
– إقامة دولة علمانية صديقة تضم الغالبية العظمى من مسلمي باكستان، الأمر الذي من شأنه أن يضعف دولة باكستان الكبرى.
– كذلك كانت هنالك مخاوف لدى الأوساط الهندية من امتداد تأثيرات الأحداث في باكستان الشرقية ذات الأغلبية البنغالية إلى البنغال الهندية التي تتركز فيها المعارضة اليسارية ذات التوجه الماركسي الصيني والمناهضة لحكم انديرا غاندي.
– لعبت الروابط القومية التي تجمع بين شطري البنغال الشرقي والغربي دوره في ذلك الصراع، فضلا عن روابط القرب الجغرافي والتجاور بين الطرفين إذ كان لهذا القرب أثره في توجه واستقبال الهند لملايين اللاجئين من باكستان الشرقية.
– كما دوافع اقتصادية تتعلق بكون الهند المستورد الوحيد للجوت المنتج في باكستان الشرقية وهي المنفذ المائي الوحيد لهذا الجزء على مياه المحيط الهندي.
– وجدت الهند أنه في حالة عدم استطاعتها إعادة باكستان إلى المحيط الهندي فمن الأفضل لها تقسيمها وإقامة دولة في باكستان الشرقية ضعيفة وتابعة لها.
نتائج الحرب:
أسفرت الحرب عن هزيمة قاسية لدولة باكستان تمثلت بخسارة شطرها الشرقي والتمهيد لإعلان دولة بنغلادش المستقلة، بعد دخول القوات الهندية إلى دكا في 14 ديسمبر/ كانون الثاني عام 1971 واضطرت القوات الباكستانية إلى توقيع وثيقة الاستسلام في 16 ديسمبر/ كانون الثاني بعد أن وقع نحو 90 ألف عسكري باكستاني أسرى لدى القوات الهندية. سارعت الهند للاعتراف بالدولة الجديدة وجسدت تحالفها رسميا من خلال عقد معاهدة السلام والصداقة والتعاون بين البلدين في التاسع عشر من مارس/ آذار عام 1972 والتي نصت على تشاور الطرفين بشكل فوري في حالة وقوع أي تهديد او هجوم على أي منهما لاتخاذ ما يلزم من التدابير.
أما انعكاسات الحرب على الداخل الباكستاني فقد شكل التدخل العسكري في باكستان الشرقية بداية النهاية لحكم يحيى خان الذي حكم البلاد خلال المدة 1969-1971، بعد الإطاحة بالفكرة التي برر يحيى خان إجراءات حكمه العسكري بموجبها وهي الوحدة الوطنية للبلاد التي انتهت بهذه الحرب، وقامت في المدن الباكستانية مظاهرات عنيفة تطالب باستقالته وذلك على الرغم من اجرائه تعديلا وزاريا يقضي بنقل السلطة الى حكومة مدنية جديدة تعمل في ظل دستور جديد. وقد تسلم حزب الشعب الباكستاني بقيادة ذو الفقار علي بوتو الفائز في الانتخابات العامة في باكستان الغربية السلطة وأصبح بوتو رئيسا للجمهورية في 20 يناير/كانون الاول 1971.
الموقف الدولي
على الصعيد الدولي كادت “حرب الأسبوعين” أن تؤدي إلى جر القوى العظمى إلى نزاع عالمي ثالث يهدد الأمن العالمي، حيث انقسمت مواقف الدول الكبرى آنذاك من هذه الحرب كلا حسب مصالحها الدولية.
– الموقف الصيني
لم يتضح الموقف الصيني في بداية الحرب الهندية -الباكستانية بشكله الحقيقي، لكن مع مرور الوقت اخذ موقفها يظهر يتشكل، خاصة مع انضمام باكستان مع المعسكر الغربي حلف جنوب شرق آسيا يقابله التحالف السوفياتي-الصيني الذي وصل لدرجة المواجهة سنة 196 م، من هنا بدأت العلاقات الصينية الباكستانية في ارتباط قوي. التوافق الصيني الباكستاني كان ناتجا عن المواجهة المشتركة للنفوذ السياسي في منطقة من جهة، وعن الاهتمام المباشر للصين بقضية كشمير من خلال منطقة شكاي شيس بكشمير المحاذية للحدود الصينية تأكد الدعم الصيني لباكستان في حربها. وظهر دعم وتأييد الصين خلال حرب 1971 الى باكستان بشكل واضح من خلال ارسالها 600 طائرة مقاتلة و100 دبابة، ومنحها قروض بنحو 110 مليون دولار بهدف تقوية باكستان واضعاف الهند من جهة أخرى، تعتبر الصين من الدول القلائل التي أعلنت دعمها لباكستان في حربها ضد الهند وبشكل علني ورسمي منذ بدأ الصراع سنة 1947 إلى غاية 1971م.
– موقف الاتحاد السوفيتي السابق
تطورت العلاقات السوفياتية-الهندية مع تزايد الخلاف السوفيتي الصيني، فالاتحاد السوفياتي لم يقف بجانب الصين في حربها مع الهند رغم ان الصين دولة شيوعية، ولكن وقف مع الهند بسب أن السوفيات ينظرون الى الصين على أنها منافس قوي في المنطقة ودولة منحرفة عن المبادئ الشيوعية التي يسعى الاتحاد السوفياتي إلى تطبيقها في تلك المرحلة، بينما ترى الصين أن السوفيت هم المنحرفون عن تلك المبادئ وظهر ذلك الخلاف واضحا في الحرب الهندية الباكستانية، اذ استغل الاتحاد السوفيتي السابق هذا الصراع في اضعاف الموقف الصيني بجانب باكستان إذ عملوا على فرض نفوذهم منذ بداية الأزمة البنغالية لإيجاد مخرج سياسي لتلك المشكلة وذلك بسبب إدراكهم أن القومية البنغالية لا يمكن القضاء عليها بقوة السلاح، بالإضافة إلى خشيتهم من أن استمرار هذا الصراع سوف لا يؤدي إلى تدمير غرب باكستان فقط بل هو فرصة لتدخل الصين في هذا الصراع.
ومع تصاعد حدة الأزمة في باكستان الشرقية ازدادت الزيارات المتبادلة بين القيادتين الهندية والسوفيتية والتي اثمرت عن عقد “معاهدة الصداقة والسلام والتعاون الهندية السوفييتية في آب 1971، ولم تقتصر العلاقات على تلك المعاهدة اذ لعب السوفيت دور بارز في عرقلة تمرير أي قرار في مجلس الامن الدولي يدين الهند أو يسعى إلى وقف الحرب قبل أن تحقق الهند هدفها وهو إلحاق الهزيمة بالجيش الباكستاني وتوقيعه على وثيقة الاستسلام وضمان انفصال باكستان الشرقية واعلان دولة بنغلاديش.
– موقف الولايات المتحدة الأمريكية
لم يتغير موقف الولايات الأمريكية المتحدة من الصراعات الهندية الباكستانية كثيرا خلال هذه الحرب حيث اتخذت موقفا متوازنا تجاه الهند وباكستان وهذا من خلال رفضها المساعدات والمعونة العسكرية إلى كل من الهند وباكستان، كما اتبعت الولايات المتحدة الامريكية جهودها لتوجيه الهند وباكستان لعلاقات اقتصادية وتجارية وتوظيفها التنمية بين الطرفين لكي تبنى سدا منيعا أمام رغبة الصين في التوسع صوب المحيط الهندي، والحد من المد الشيوعي الصيني وتم إيضاح الموقف الأمريكي المتوازن بين البلدين.
لكن هذا الموقف بدأ يتغير تدريجيا نحو الحزم تجاه الهند لإجبارها على وقف الحرب, والتي عملت بعدها الولايات المتحدة على دفع طرفي الصراع للتفاوض حول إقليم كشمير تحت منظور الشرعية الدولية، وتحت اشراف الامم المتحدة فهدف أمريكا من سياسة “مسك العصى من الوسط” لكسب الطرفين في مواجهة الصين والاتحاد السوفياتي في آن واحد.
خلفية تاريخية لبنغلاديش
دخل التجار الأوروبيون المنطقة متأخرًا في القرن الخامس عشر وزاد نفوذهم في البلد حتى تمكنت شركة شرق الهند البريطانية من السيطرة على البنغال بعد معركة ” بلاسي ” في عام .1757 نتج عن التمرد الدموي في عام 1857 والذي عُرف باسم تمرد سيبوي انتقال السلطة إلى الملك مع وجود نائب بريطاني يتولى القيام بمهام الإدارة .
في أثناء الحكم الاستعماري، أرهقت المجاعات منطقة شبه القارة الهندية العديد من المرات والتي شملت أيضًا مجاعة البنغال الكبرى في عام 1943 والتي نتج عنها وفاة ثلاثة ملايين شخص . في الفترة ما بين عامي 1905 و1911، كانت هناك محاولة فاشلة لتقسيم إقليم البنغال إلى منطقتين وتكون داكا هي عاصمة المنطقة الشرقية للإقليم .
عندما تم تقسيم الهند في عام 1947 ، تم تقسيم البنغال بناءً على أسس دينية؛ حيث انضم الجزء الغربي من الإقليم إلى الهند والجزء الشرقي انضم إلى باكستان تحت مسمى البنغال الشرقية (والتي سميت فيما بعد بباكستان الشرقية) وعاصمتها داكا . في عام 1950، اكتملت حركة إصلاح الأراضي في البنغال الشرقية عن طريق التخلص من النظام الإقطاعي الزامنداري .
على الرغم من الثِقل الاقتصادي والسكاني للشرق، فإن الطبقات الارستقراطية الغربية كانت تسيطر على الحكومة والجيش الباكستاني . كانت حركة اللغة البنغالية في عام 1952 الإشارة الأولى للخلاف بين الجزء الشرقي والغربي في باكستان وكان هدف هذه الحركة هو جعل اللغة البنغالية هي اللغة الرسمية لباكستان . استمرت حالة الاستياء من الحكومة المركزية حول القضايا الثقافية والاقتصادية في الزيادة خلال العقد التالي، والتي ظهرت خلالها عصبة أواميليك وكانت بمثابة الصوت السياسي للشعب البنغالي .
أثارت تلك العصبة الشعور العام من أجل حركة قومية بنغلاديشية تزعمها الشيخ مجيب الرحمن أدت إلى الاستقلال في عام 1960 وفي عام 1966 تم سجن رئيس العصبة ” الشيخ مجيب الرحمن ” وتم الإفراج عنه في عام 1969 بعد قيام ثورة شعبية غير مسبوقة . في عام 1970 ، هب إعصار شديد على ساحل شرق باكستان وكانت استجابة الحكومة ضعيفة جدًا تجاه هذه الأزمة . ازداد غضب الشعب البنغالي عندما تم إبعاد الشيخ مجيب الرحمن عن أي مناصب في الدولة وكانت قد فازت عصبة أواميليك التي يرأسها بأغلبية الأصوات في البرلمان في انتخابات عام .1970 بعد ترأسه لمباحثات تسوية مع الشيخ مجيب الرحمن.
مفصل تاريخ حرب تحرير بنغلاديش
مارس-يونيو
في البداية، كانت المقاومة سلمية وغير منظمة، ولم يكن من المتوقع أن تطول. ومع ذلك، عندما استمر الجيش الباكستاني بمضايقة السكان، بدأت المقاومة بالتوسع. أصبحت موكتي باهيني نشطة بشكل أكبر. سعت القوات المسلحة الباكستانية إلى القضاء عليها، لكن ذلك لم يساهم إلا في أن أصبح عدد الجنود البنغاليين المنشقين والمنضمين لهذا “الجيش البنغلاديشي” يتضاعف بشكل كبير.
في 17 أبريل 1971، شُكلت حكومة مؤقتة في منطقة ميهربور في غرب بنغلاديش المتاخمة للهند مع تعيين الشيخ مجيب الرحمن، الذي كان في السجن في باكستان، كرئيس لها، وسيد نذر الإسلام كرئيس بالنيابة، وتاج الدين أحمد كرئيس للوزراء، والجنرال محمد أتول غني عثماني بصفته القائد العام لقوات بنجلاديش. مع اشتداد القتال بين جيش الاحتلال وجيش موكتي باهيني البنغالي، لجأ ما يقدر بـ 10 ملايين بنغالي إلى ولايتي آسام والبنغال الغربية.
يونيو – سبتمبر
شُكلت قيادة قوات بنغلاديش في 11 يوليو، مع العقيد محمد أتول غني عثماني كقائد عام للقوات (سي-إن-سي) العسكرية مع منصب وزير، والمقدم عبد رب كرئيس أركان (سي أو إس)، وقائد المجموعة عبد الكريم خندكر كنائب لرئيس الأركان (دي سي أو إس) والرائد إيه آر تشودري كمساعد لرئيس الأركان (إيه سي أو إس).
كان للجنرال عثماني اختلافات في الرأي مع القيادة الهندية فيما يتعلق بدور القوات موكتي باهيني في الصراع. تصورت القيادة الهندية في البداية أن القوات البنغالية ستتدرب على هيئة قوات حرب عصابات صغيرة من النخبة مكونة من 8,000 فرد، بقيادة جنود فوج شرق البنغال الناجين الذين يعملون في خلايا صغيرة حول بنغلاديش لتسهيل التدخل الهندي في نهاية المطاف، ولكن مع وجود حكومة بنغلاديش في المنفى فضل الجنرال عثماني استراتيجية مختلفة:
·ستحتل القوات البنغالية التقليدية مناطق السكن داخل بنغلاديش ومن ثم ستطلب حكومة بنغلاديش اعترافًا وتدخلًا دبلوماسي دولي. في البداية اختيرت ميمينسينغ لهذه العملية، ولكن الجنرال عثماني استقر في وقت لاحق على سيلهيت.
·إرسال العدد الأقصى للمقاتلين داخل بنغلاديش في أسرع وقت ممكن مع الأهداف التالية:
oزيادة الخسائر الباكستانية من خلال الغارات والكمائن.
oتعطيل النشاط الاقتصادي من خلال ضرب محطات الطاقة وخطوط السكك الحديدية ومستودعات التخزين وشبكات الاتصالات.
oتدمير حركية الجيش الباكستاني عن طريق تفجير الجسور / القنوات ومخازن الوقود والقطارات والزوارق النهرية.
oكان الهدف الاستراتيجي هو جعل الباكستانيين ينشرون قواتهم داخل المقاطعة، بحيث يمكن شن هجمات على المفرزات الباكستانية المعزولة.
قُسمت بنغلاديش إلى أحد عشر قطاعًا في يوليو، لكل منها قائد اختير من الضباط المنشقين من الجيش الباكستاني الذين انضموا إلى قوات موكتي باهيني للقيام بعمليات حرب العصابات وتدريب المقاتلين. كانت معظم معسكرات تدريبهم تقع بالقرب من منطقة الحدود وعملت بمساعدة من الهند. وُضع القطاع العاشر مباشرة تحت قيادة القائد العام (سي-إن-سي) الجنرال محمد أتول غني عثماني وضم قوات المغاوير البحرية والقوات الخاصة للقائد العام. اُنشئت ثلاثة ألوية (11 كتيبة) للحرب التقليدية. دُربت قوة حرب عصابات كبيرة (تقدر بـ 100,000).[16]
وُضعت ثلاثة ألوية (ثماني كتائب مشاة وثلاث بطاريات مدفعية) في المعارك بين يوليو وسبتمبر. خلال شهري يونيو ويوليو، أعادت قوات موكتي باهيني التجمع على طول الحدود بمساعدة هندية من خلال عملية جاكبوت وبدأت بإرسال 2000-5000 مقاتل عبر الحدود، فشل الهجوم الذي سُمي هجوم مونسون في تحقيق أهدافها، وذلك لأسباب مختلفة (نقص التدريب المناسب ونقص الإمداد وعدم وجود شبكة دعم مناسبة داخل بنغلاديش). هاجمت القوات النظامية البنغالية أيضًا مراكز مراقبة الحدود في ميمينسينغ وكوميلا وسيلهيت، لكن النتائج كانت متقاربة. خلصت السلطات الباكستانية إلى أنها نجحت في احتواء هجوم مونسون، الذي ثبت أنه ملاحظة شبه دقيقة.
عمليات العصابات، التي تراجعت خلال مرحلة التدريب، ارتفعت بعد أغسطس. هوجمت أهداف اقتصادية وعسكرية في دكا. كانت قصة النجاح الرئيسية هي عملية جاكبوت، إذ قامت قوات المغاوير البحرية بتلغيم وتفجير السفن الراسية في شيتاغونغ ومونغلا ونارايان غانج وتشاندبور في 15 أغسطس 1971.
أكتوبر-ديسمبر
هاجمت القوات البنغلاديشية التقليدية المواقع الحدودية. كامالبور وبيلونيا ومعركة بويرا هي أمثلة قليلة على ذلك. سقط 90 من أصل 370 من مراكز المراقبة الحدودية تحت سيطرة القوات البنغالية. تكثفت هجمات حرب العصابات، وكذلك انتقام الباكستانيين والرازاكار من السكان المدنيين. وعُززت القوات الباكستانية بثماني كتائب من غرب باكستان. نجح مقاتلو الاستقلال البنغلاديشيون في الاستيلاء مؤقتًا على مهابط الطائرات في لالمونيرهات وشالوتيكار. استُخدم مدارج الطيران في المنطقتين للتزويد الجوي بالإمدادات والأسلحة من الهند. أرسلت باكستان خمس كتائب أخرى من غرب باكستان كتعزيزات.
التدخل الهندي
“جميع الأشخاص غير المتحيزين الذين يقومون بمسح موضوعي للأحداث الكئيبة في بنغلاديش منذ 25 مارس قد اعترفوا بتمرد 75 مليون شخص، شعب اضطر إلى الاستنتاج بأنه لا حياتهم ولا حريتهم، ناهيك عن إمكانية السعي وراء السعادة، كانوا متاحين لهم”.
أنديرا غاندي، رسالة إلى ريتشارد نيكسون، 15 ديسمبر 1971
خلصت رئيسة الوزراء الهندية أنديرا غاندي إلى أنه بدلًا من استقبال ملايين اللاجئين، ستكون الهند أفضل حالًا من الناحية الاقتصادية في خوض حرب ضد باكستان. في 28 أبريل 1971، طلبت الحكومة الهندية من الجنرال مانيكشو (رئيس لجنة رؤساء الأركان) «الذهاب إلى شرق باكستان». أضافت العلاقات العدائية في الماضي بين الهند وباكستان سببًا إلى قرار الهند التدخل في الحرب الأهلية الباكستانية. نتيجةً لذلك، قررت الحكومة الهندية دعم إنشاء دولة منفصلة للأشخاص من العرق البنغالي من خلال دعم موكتي باهيني. ساعد جناح البحث والتحليل الهندي (آر إيه دبليو) على تنظيم وتدريب وتسليح هؤلاء المتمردين. نتيجةً لذلك، نجحت قوات موكتي باهيني في مضايقة الجيش الباكستاني في شرق باكستان، ما خلق ظروفًا مواتية لتدخل عسكري هندي واسع النطاق في أوائل ديسمبر.
شنت القوات الجوية الباكستانية (بّي إيه إف) غارة استباقية على قواعد القوات الجوية الهندية في 3 ديسمبر 1971. خُطط للهجوم على غرار عملية موكد للقوات الجوية الإسرائيلية خلال حرب الأيام الستة، وكانت تهدف إلى تحييد طائرات القوات الجوية الهندية على الأرض. اعتبرت الهند الضربة بمثابة عمل عدواني غير مبرر صريح، والذي مثل البداية الرسمية للحرب الهندية الباكستانية. ردًا على الهجوم، اعترفت كل من الهند وباكستان رسميا «بوجود حالة حرب بين البلدين» على الرغم من أن أيًا من الحكومتين لم تصدرا رسميًا إعلانًا للحرب.
شاركت ثلاثة فيالق هندية في تحرير شرق باكستان. وقد دُعموا من قبل ما يقرب من ثلاثة ألوية من مقاتلي موكتي باهيني إلى جانبهم، والعديد من الذين كانوا يقاتلون بشكل غير منتظم. كان هذا تفوق كبير على الجيش الباكستاني الذي كان يتكون من ثلاث فرق. سرعان ما اجتاح الهنود البلاد، وانخرطوا في المعارك بصورة انتقائية وتجاوزوا المعاقل ذات الدفاع الشديد. لم تتمكن القوات الباكستانية من مواجهة الهجوم الهندي بصورة فعالة، إذ نُشرت في وحدات صغيرة حول الحدود لمواجهة هجمات العصابات التي قامت بها قوات موكتي باهيني. مع عدم قدرتها الدفاع عن دكا، استسلم الباكستانيون في 16 ديسمبر 1971.!!!!!!!!!