في مثل هذا اليوم14مارس1991م..
أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح يعود إلى الكويت بعد غياب استمر حوالي سبعة شهور بسبب الغزو العراقي للكويت، وقد غصت الشوارع بالمستقبلين.
أعلن الأحكام العرفية بعد تحرير الكويت في فبراير 1991 لمدة ثلاثة أشهر، وعَيّن الشيخ سعد العبد الله حاكمًا عرفيًا. وقد عاد إلى الكويت في 14 مارس 1991 على متن الطائرة بوبيان التابعة للخطوط الجوية الكويتية بعد انتهاء حرب الخليج الثانية، وعند نزوله إلى أرض الكويت سجد شكرًا لله على عودة الكويت.
بدأ الغزو العراقي للكويت فجر 2 أغسطس/آب عام 1990، حين استفاق الكويتيون على هدير الدبابات والطائرات التي شرعت بقصف بلادهم.
في صباح ذلك اليوم، تقدمت فرق الحرس الجمهوري العراقي مخترقة الحدود الدولية باتجاه مدينة الكويت، وتوغلت المدرعات في العمق الكويتي، وقامت بالسيطرة على المراكز الرئيسية في شتى أنحاء البلاد من ضمنها العاصمة.
كما قام أفراد من الجيش العراقي بالسيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون الكويتي، واعتقل الآلاف من المدنيين، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الأجانب، الذين كانوا موجودين في البلاد في ذلك الوقت لاستخدامهم كرهائن في وقت لاحق.
وعلى الفور، أعلن جميع الكويتيين رفضهم للغزو العراقي، الذي قاده نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وتوحد الشعب الكويتي صفا واحدا خلف قيادته للدفاع عن أرضه وسيادته بكافة السبل المتاحة دبلوماسيا وعسكريا.
جهود دبلوماسية
أدى المسؤولون الكويتيون، وعلى رأسهم كل من أمير البلاد آنذاك الراحل الشيخ جابر الأحمد وولي عهده الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله، والأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي كان يشغل حينذاك منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، دورا محوريا في حشد التأييد العربي الرسمي والشعبي، الذي كان له فيما بعد الكلمة الفصل في كسب تأييد المجتمع الدولي المطلق لتحرير الكويت من الغزو العراقي.
وسرعان ما تُرجمت جهود الشيخ صباح بقوة على أرض الواقع، إذ تمكن من الحصول على إدانة أقطاب المجتمع الدولي لجريمة النظام العراقي السابق بحق بلاده.
وقد بادر مجلس الأمن الدولي بشكل سريع ومتتالٍ إلى إصدار سلسلة قرارات حاسمة بدءا من القرار الذي يحمل الرقم 660، الذي طالب قوات النظام العراقي بالانسحاب فورا من الكويت، تلاه حزمة قرارات أخرى لا تقل أهمية أصدرها المجلس تحت بند الفصل السابع القاضي باستخدام القوة لضمان تطبيق القرارات الدولية.
وهكذا نجحت جهود أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية، مستندا إلى خبرة دبلوماسية طويلة راكمها عبر سنوات عديدة بدأت منذ لحظة توليه حقيبة وزارة الخارجية عام 1963، ونجاحه في توثيق وتعزيز علاقات بلاده بالأمم المتحدة وكافة مؤسساتها ودولها الأعضاء.
التحالف الدولي
رغم مطالبات العديد من الدول العربية والإقليمية النظام العراقي السابق بالانسحاب فورا من الكويت لتجنب الأسوأ؛ إلا أن نظام صدام حسين الذي ألحقت قواته أضرارا هائلة بمختلف المنشآت والمؤسسات الكويتية المدنية والحيوية أبى الاستجابة لهذه المطالبات، وأصر على المضي قدما والاستمرار بغزو الكويت إلى أن تشكل تحالف دولي غيّر المعادلة العسكرية على الأرض خلال فترة وجيزة.
ضمت قوات التحالف الدولي في حرب تحرير الكويت، التي عُرفت لاحقا بحرب الخليج الثانية، نحو 34 دولة عربية وأجنبية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وبلغ عدد أفراد هذه القوات أكثر من 95 ألف مقاتل نصفهم من الولايات المتحدة الأميركية وحدها، وقد خسرت قوات التحالف خلال هذه الحرب أكثر من 500 جندي.
وفي فجر 16 يناير/كانون الثاني من عام 1991، وبعد مرور يوم واحد من انتهاء المهلة النهائية، التي سبق ومنحها مجلس الأمن الدولي للعراق لسحب قواته من الكويت، شنت طائرات قوات التحالف حملة جوية مكثفة وواسعة النطاق على كامل الأراضي العراقية، وتلا ذلك هجوم بري ساحق أضعف قدرات الجيش العراقي.
وفي 26 فبراير/شباط من عام 1991 بدأت قوات الجيش العراقي بالانسحاب من الكويت، بعدما عمدت إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة، حيث بادرت إلى حرق أكثر من 750 بئرا نفطيا إلى جانب إشعال الخنادق، التي ملأتها بالنفط والألغام لتكون حدا فاصلا بينها وبين قوات التحالف الدولي.
تحسين العلاقات
بعد مرور سنوات طويلة على القطيعة، فتح البلدان صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الثنائية على قاعدة ترسيخ مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة، بهدف طي مشكلات الماضي من خلال اعتماد التنسيق والتشاور بين قيادة الجانبين.
وقد تميزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق حتى قبل عام 2003 تاريخ الاحتلال الأميركي لبغداد بنقطتين مهمتين؛ هما أن النظام العراقي السابق لا يمكن الوثوق به والتعامل معه، وأن الشعب العراقي مغلوب على أمره وهو ضحية للنظام الحاكم.
وحتى خلال فترة غزو نظام صدام حسين للكويت، نُقل عن أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد في تلك الفترة قوله “نحن نفرق جيدا بين النظام والشعب العراقي، ولا يسعنا إطلاقا أن نسمع عن شعب شقيق يتعرض للجوع والفقر”، مؤكدا أن الكويت تساعد الشعب العراقي بعد التحرير بإرسال المعونات خاصة للنازحين من الشمال والجنوب.
وكانت أيضا مقولته الشهيرة في 4 أغسطس/آب من العام 1998، التي جاءت ردا على المزاعم العراقية بأن الكويت تقف وراء استمرار العقوبات الدولية على حكومة بغداد، الدليل الأكبر والقاطع على الموقف الكويتي، حيث قال “نحن لسنا دولة عظمى حتى نفرض على مجلس الأمن أن يرفع العقوبات أو يبقيها على العراق”، مؤكدا أن العراقيين الذين يوجدون على أرض الكويت يعيشون فيها بكل تقدير واحترام.
وعقب الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 سارعت الكويت إلى مد يد العون والإغاثة إلى اللاجئين في هذا البلد، حيث تعد الكويت حتى اليوم من أكبر المانحين في هذا الإطار.
وفي أكثر من مناسبة تبرعت الكويت بالأموال لصالح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهدف دعم عملياتها في مساعدة اللاجئين العراقيين، من أجل تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم من غذاء ومأوى وصحة وتعليم.
زيارة بغداد
توج أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد خطوات التقارب مع العراق في أعمال القمة العربية، التي عقدت في بغداد عام 2012، وكانت الزيارة الأولى من نوعها منذ غزو بغداد للكويت عام 1990.
وفي كلمته أمام أعمال القمة العربية قال أمير الكويت الراحل “أشعر بسعادة منذ أن وطئت قدماي أرض العراق الصديق بعد أن حصل على حريته وكرامته وديمقراطيته بعد حقبة مظلمة”، مضيفا أن استضافة العراق للقمة هي “ميزة إضافية للعالم العربي ككل”.
وفي عام 2014 استضافت الكويت مؤتمرا للدول المانحة من أجل إعادة إعمار العراق، وقد بلغت تعهدات الدول المشاركة في المؤتمر 30 مليار دولار على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات تقدم للعراق من أجل إعادة بناء ما دمرته الحرب.!!!!!!!!!!!
