__إيـقــاع الــزمــن__
لا أملك رفاهية القرار
واخترت سباحة ضد التيار
اخترت حبّـا لا يغتسل بماء
وانتصرت لقلب يركض وراء رجل حزين
يرتدي بدلات داكنة
لا يعرف النور ساحتها
ويشرب في وضح النهار قهوة سوداء
مسكوبة من دِلال الضياء
متربعا على دكة الغرام
يعاقر الصبابة
يوزع رغباته بالعدل على كل النّساء …
لو ملكتُ طواعية القرار
لَاختـرتُ أبا يطرب لسماع الشعر ويـرقى
يتربّع في تجويف هلال
يلثم السراب ويثمل
وتمشي به الكلمات
إلى ينابيع الخيال
يعبّ من كاسات الجمال
ويعود متدثّرا برداء السكينة
بعدما نضا أدران شقاء
لازمه مذ جاء الدنيا على وجه الخطأ
أبي لم يولد ثريا كما تكهنّت عرّافة أمازيغية
صادفت جدتي الحامل تجزّ رقاب السنابل
في حقل إقطاعي مستتر
أبي كان لقلقا مهاجرا
يعود للعشّ مع فصل الدفا
ويهاجر مع بداية أول مطر
تعلـن وصول الـشـتـاء
أحببت بساطة أبي
هذا الذي يتركني مع تفل قهوة وعقب سيجارة
على عتبات الغياب ويرحل…
لو ملكتُ حرية الاختيار
لَاخترتُ أمًّا أكثر تمرّدا وجنونا
تضاجع الـشـعـر بلا حياء
وتنجب الـقـصائـد
تسهر الليل تُرضع القوافي
و تطارد أشباح قصيدة مستعصية
عرّت مفاتنها لحروف الهجاء
وتحصّنت بالعفاف
ولكن أمي كانت امرأة بسيطة
تزوجت أبي صدفة
وأنجبتني مجاملة
تؤمن بالخرافات
والأساطير في عرفها مقدسات
تتعوذ من النفاثات في العقد
تزور أضرحة الصالحين من الأولياء مدد —مدد
تحسن ضمّي لـصدرها
تتقن توزيع نصف رغيف يومنا
على الفقراء
وتمسح بطرف خمارها خوف البؤساء
أمي كانت تحمل حلما ورسالة
أمي كانت قديسة لها كرامات
ونبوءات وأيادٍ بيضاء
أحببت أمي كثيرا
لأنها على بساطتها
أحبت الشعر والشعراء
لو خيّرني الحب بينك وبين ذاك
الذي تعلم
لن أختار إلّاك
وأقسم على هذا بحق الذي
خلقني وسواكَ
قلبي عنيد وروحي فداك
تتحسس ريحك وترجو لقاكَ
والغياب داسنا بحوافر من نار
بوراق ترك وراءه زوابع وغبار
أراك في منفاي وأصابع يديك
تجوب تضاريس السماء
وفي خشوع مناجاتك تردد
إلهي لماذا سِندبادية السفر ليست
هنا. .. ؟
فائزه بنمسعود
Québec /30/3/2025