فى مثل هذا اليوم7ابريل2003م..
بداية دخول القوات الأمريكية إلى العاصمة العراقية بغداد وذلك بعد أيام من بدء الحملة العسكرية البرية والجوية للحرب الأمريكية على العراق.
علقت الأعمال العدائية لحرب الخليج في 28 شباط/فبراير 1991، مع التفاوض على وقف لإطلاق النار بين تحالف الأمم المتحدة والعراق. وحاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها إبقاء صدام تحت السيطرة مع الأعمال العسكرية مثل «عملية المراقبة الجنوبية» التي قامت بها «قوة المهام المشتركة لجنوب غرب آسيا» (JTF-SWA) مع مهمة مراقبة المجال الجوي جنوب خط العرض 32 (الممتد إلى خط العرض 33 في عام 1996) وكذلك استخدام العقوبات الاقتصادية.
وكشف النقاب عن أنَّ برنامجاً للأسلحة البيولوجية في العراق بدأ في أوائل الثمانينات بمساعدة الولايات المتحدة وأوروبا في انتهاك لاتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية لعام 1972. ظهرت تفاصيل برنامج الأسلحة البيولوجية – وبرنامج الأسلحة الكيماوية – عقب حرب الخليج (1990 – 1991) عقب تحقيقات أجرتها لجنة الأمم المتحدة الخاصة التابعة للأمم المتحدة التي كانت قد عهد إليها بمهمة نزع سلاح العراق بعد الحرب. وخلص التحقيق إلى أنَّ البرنامج لم يستمر بعد الحرب. ثمَّ حافظت الولايات المتحدة وحلفاؤها على سياسة «الاحتواء» تجاه العراق. وانطوت هذه السياسة على عقوبات اقتصادية عديدة فرضها مجلس الأمن الدولي؛ وفرض مناطق حظر الطيران العراقية التي أعلنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لحماية الأكراد في كردستان العراق والشيعة في الجنوب من الهجمات الجوية التي تشنها الحكومة العراقية؛ وعمليات التفتيش الجارية. مروحيات وطائرات عسكرية عراقية اعترضت بانتظام مناطق حظر الطيران.
في تشرين الأول/أكتوبر 1998، أصبحت إطاحة الحكومة العراقية سياسة خارجية رسمية للولايات المتحدة مع سَنِّ قانون تحرير العراق، الذي صدر في أعقاب طرد مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة في آب/أغسطس السابق (بعد اتهام بعضهم بالتجسُّس لصالح الولايات المتحدة)، وقدَّم القانون 97 مليون دولار إلى «منظمات المعارضة الديمقراطية» العراقية «لإنشاء برنامج لدعم الانتقال إلى الديمقراطية في العراق». ويتناقض هذا التشريع مع الشروط الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 687، الذي ركَّز على برامج الأسلحة والأسلحة ولم يشر إلى تغيير النظام. بعد شهر واحد من إقرار قانون تحرير العراق، شنَّت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حملة قصف للعراق تسمَّى عملية ثعلب الصحراء. كان الأساس المنطقي الصريح للحملة هو عرقلة قدرة حكومة صدام حسين على إنتاج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية، لكن أفراد الاستخبارات الأمريكية كانوا يأملون أيضاً في أن يساعد ذلك في إضعاف قبضة صدام على السلطة.
ومع انتخاب جورج دبليو بوش رئيساً للبلاد في عام 2000، تحرَّكت الولايات المتحدة نحو سياسة أكثر عدوانية تجاه العراق. دعا برنامج الحزب الجمهوري للحملة الانتخابية في انتخابات عام 2000 إلى «التنفيذ الكامل» لقانون تحرير العراق «كنقطة بداية» في خطة «لإزالة» صدام. وبعد مغادرته إدارة جورج دبليو بوش قال وزير الخزانة بول أونيل إنَّه تخطَّطَ شنِّ هجوم على العراق منذ تنصيب بوش وأنَّ أول اجتماع لمجلس الأمن القومي الأمريكي تضمَّن مناقشة الغزو. وتراجع أونيل في وقت لاحق قائلاً إنَّ هذه المناقشات كانت جزءاً من استمرار السياسة الخارجية التي وضعتها إدارة كلينتون للمرة الأولى.
وعلى الرغم من اهتمام إدارة بوش المعلن بغزو العراق، لم يحدث سوى القليل من التحرُّك الرسمي نحو الغزو حتى هجمات 11 سبتمبر. على سبيل المثال، أعدَّت الإدارة عملية «بادجر الصحراء» للردِّ بقوَّة إذا أُسقِط أيِّ طيار في سلاح الجو أثناء تحليقه فوق العراق، لكن هذا لم يحدث.
الاستعدادات للحرب
صدام حسين.
وبينما كان هناك بعض الحديث السابق عن اتخاذ إجراء ضدَّ العراق، انتظرت إدارة بوش حتى سبتمبر من عام 2002 للدعوة إلى اتخاذ إجراء، حيث قال رئيس العاملين بالبيت الأبيض أندرو كارد «من وجهة نظر تسويقية، فإنَّكم لا تقدِّمون منتجات جديدة في آب/أغسطس». بدأ بوش بعرض قضيته رسميًا على المجتمع الدولي لغزو العراق في خطابه في 12 سبتمبر 2002 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
واتفق حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في حلف شمال الأطلسي، مثل المملكة المتحدة، مع الإجراءات الأمريكية، في حين انتقدت فرنسا وألمانيا خطط غزو العراق، وحاجتا بدلاً من ذلك على استمرار الدبلوماسية وعمليات التفتيش على الأسلحة. وبعد مناقشات مستفيضة تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً توفيقياً هو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1441 الذي سمح باستئناف عمليات التفتيش على الأسلحة ووعد «بعواقب وخيمة» لعدم الالتزام. وأوضحت فرنسا وروسيا وهما عضوان من أعضاء مجلس الأمن دائمي العضوية أنَّهما لا تعتبران هذه العواقب تشمل استخدام القوة للإطاحة بالحكومة العراقية. وأكَّد كل من سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، جون نيغروبونتي، وسفير المملكة المتحدة، جيريمي غرينستوك، علناً هذه القراءة للقرار، مؤكدين أنَّ القرار 1441 لم يوفِّر «آلية» أو «محفزات خفية» لغزو ما دون مزيد من التشاور مع مجلس الأمن.
وقد منح القرار رقم 1441 العراق «فرصة أخيرة للانصياع لالتزاماته بنزع السلاح» وباشر عمليات تفتيش من جانب لجنة الامم المتحدة للمراقبة والتحقق والتفتيش والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقَبِل صدام القرار في 13 تشرين الثاني/نوفمبر وعاد المفتشون إلى العراق بتوجيه من رئيس أنموفيك هانس بليكس ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي. وفي شباط فبراير 2003، «لم تعثر الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أي دليل أو مؤشر معقول على إحياء برنامج للأسلحة النووية في العراق»؛ وخلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أنَّ بعض المواد التي كان يمكن استخدامها في أجهزة الطرد المركزي للتخصيب النووي، مثل أنابيب الألومنيوم، كانت في الواقع مخصصة لاستخدامات أخرى. «لم تعثر الأنموفيك على أي دليل على استمرار أو استئناف برامج أسلحة الدمار الشامل» أو على كميات كبيرة من المواد المجندة. وأشرفت لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش على تدمير عدد صغير من الرؤوس الحربية الصاروخية الكيميائية الفارغة، و50 لتراً من غاز الخردل الذي أعلنه العراق وأغلقته لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش في عام 1998، وكميات مختبرية من سلائف غاز الخردل، إلى جانب نحو 50 صاروخاً من طراز ”الصمود“ من تصميم ذكر العراق أنَّه لا يتجاوز المدى المسموح به وهو 150 كيلومترا، ولكنَّه سافر حتى 183 كيلومترا في تجارب. وقبل الغزو بقليل، ذكرت الأنموفيك أنَّ الأمر سيستغرق «شهوراً» للتحقق من إذعان العراق للقرار رقم 1441.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2002، صادق الكونغرس الأمريكى على «قرار العراق». وقد فوَّض القرار الرئيس «باستخدام كافة السبل الضرورية» ضدَّ العراق. حيث فضَّل الأميركيون الذين شملهم الاستطلاع في كانون الثاني يناير 2003 على نطاق واسع المزيد من الدبلوماسية على الغزو. ولكن في وقت لاحق من ذلك العام، بدأ الأمريكيون يوافقون على خطة بوش. قامت حكومة الولايات المتحدة بحملة علاقات عامة محلية مفصلة لتسويق الحرب لمواطنيها. اعتقد الأمريكيون بأغلبية ساحقة أنَّ صدام كان يملك أسلحة دمار شامل: 85% قالوا ذلك، على الرغم من أنَّ المفتشين لم يكشفوا عن تلك الأسلحة. ومن بين الذين اعتقدوا أنَّ العراق لديه أسلحة معزلة في مكان ما، رد حوالي نصفهم بأنَّه لن يُعثَر على أسلحة في القتال. بحلول شباط فبراير 2003، أيَّد 64% من الأمريكيين القيام بعمل عسكري لعزل صدام من السلطة.
احتجاج ضد الحرب في لندن، 2002
وكانت فرق فرقة الأنشطة الخاصة التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، المؤلفة من ضباط العمليات شبه العسكرية وجنود مجموعة القوات الخاصة العاشرة، أول قوات أمريكية تدخل العراق، في تموز/يوليو 2002، قبل الغزو الرئيسي. وبمجرد وصولهم إلى الأرض، استعدوا لوصول القوات الخاصة للجيش الأمريكي في وقت لاحق لتنظيم البيشمركة الكردية. واجتمع هذا الفريق المشترك (المسمَّى عنصر الاتصال في شمال العراق) لهزيمة جماعة أنصار الإسلام، وهي جماعة لها صلات بتنظيم القاعدة، في كردستان العراق. وكانت هذه المعركة للسيطرة على الأراضي التي احتلتها أنصار الإسلام. وقد نفذها ضباط العمليات شبه العسكرية من شعبة الأنشطة الخاصة ومجموعة القوات الخاصة العاشرة في الجيش. وأسفرت هذه المعركة عن هزيمة جماعة أنصار الإسلام والاستيلاء على منشأة للأسلحة الكيميائية في سرغات. وكان سرغات المنشأة الوحيدة من نوعها التي اكتشفت في حرب العراق.
كما قامت أفرقة شعبة الأنشطة الخاصة بمهام خلف خطوط العدو لتحديد أهداف القيادة. وأدت هذه المهام إلى شنِّ غارات جوية أولية ضد صدام وكبار ضباطه. على الرغم من أنَّ الضربة ضد صدام لم تنجح في قتله، إلا أنَّها أنهت فعلياً قدرته على قيادة قواته والسيطرة عليها. كانت الضربات ضد كبار ضباط العراق أكثر نجاحاً وحطت بشكل كبير من قدرة القيادة العراقية على الرد على قوة الغزو التي تقودها الولايات المتحدة والمناورة ضدها. ونجح ضباط العمليات في شعبة الأنشطة الخاصة في إقناع ضباط الجيش العراقي الرئيسيين بتسليم وحداتهم بمجرد بدء القتال.
رفضت تركيا العضو في الناتو السماح للقوات الأمريكية عبر أراضيها بدخول شمال العراق. ولذلك، شكلت فرقة الأنشطة الخاصة المشتركة وفرق القوات الخاصة في الجيش والبيشمركة القوة الشمالية بأكملها ضد الجيش العراقي. تمكنوا من إبقاء الانقسامات الشمالية في مكانها بدلاً من السماح لهم بمساعدة زملائهم ضد قوة التحالف بقيادة الولايات المتحدة القادمة من الجنوب. حصل أربعة من ضباط وكالة المخابرات المركزية هؤلاء على نجمة المخابرات لأفعالهم.
في خطاب حالة الاتحاد لعام 2003 قال الرئيس بوش «إنَّنا نعلم أنَّ العراق في أواخر التسعينات كان لديه عدة معامل متحركة للأسلحة البيولوجية». وفي 5 شباط فبراير 2003، ألقى وزير الخارجية الأمريكي كولن باول كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مواصلاً الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة للحصول على إذن من الأمم المتحدة للقيام بالغزو. وكان عرضه على مجلس الأمن الدولي الذي احتوى على صورة «مختبر متحرك للأسلحة البيولوجية» بواسطة جهاز كمبيوتر. غير أنَّ هذه المعلومات استندت إلى ادعاءات رافد أحمد علوان الجنابي، المسمى كيرفبول العراقي المقيم في ألمانيا والذي اعترف فيما بعد بأنَّ ادعاءاته كاذبة.
كما قدم باول أدلة تزعم أنَّ العراق له علاقات مع القاعدة. ومتابعة لعرض باول، اقترحت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبولندا وإيطاليا وأستراليا والدنمارك واليابان وإسبانيا قراراً يسمح باستخدام القوة في العراق، لكن أعضاء حلف شمال الأطلسي مثل كندا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب روسيا، حثوا بقوة على مواصلة الدبلوماسية. وفي مواجهة تصويت خاسر، فضلاً عن الفيتو المحتمل من فرنسا وروسيا، سحبت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبولندا وإسبانيا والدنمارك وإيطاليا واليابان وأستراليا قرارها في نهاية المطاف.
وتجمعت المعارضة للغزو في الاحتجاج المناهض للحرب في جميع أنحاء العالم في 15 شباط فبراير 2003 الذي اجتذب ما بين ستة وعشرة ملايين شخص في أكثر من 800 مدينة، وهو أكبر احتجاج من نوعه في تاريخ البشرية وفقا لكتاب غينيس للأرقام القياسية.
في 16 آذار مارس 2003، اجتمع في جزر الأزور رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماريا أثنار، ورئيس وزراء المملكة المتحدة، توني بلير، ورئيس الولايات المتحدة جورج دبليو بوش، ورئيس وزراء البرتغال، خوسيه مانويل دوراو باروسو، لمناقشة غزو العراق، واحتمال مشاركة إسبانيا في الحرب، فضلاً عن بداية الغزو. كان هذا اللقاء مثيراً للجدل للغاية في إسبانيا، حتى الآن لا يزال نقطة حساسة للغاية بالنسبة لحكومة أزنار. بعد عام تقريباً، عانت مدريد من أسوأ هجوم إرهابي في أوروبا منذ تفجير لوكربي، بدافع من قرار إسبانيا للمشاركة في حرب العراق، مما دفع بعض الإسبان إلى اتهام رئيس الوزراء بأنَّه مسؤول.
في آذار مارس 2003، بدأت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبولندا وأستراليا وإسبانيا والدانمرك وإيطاليا التحضير لغزو العراق، مع مجموعة من العلاقات العامة والتحركات العسكرية. وفي خطابه الذي ألقاه يوم 17 آذار مارس من عام 2003 للأمة، طالب بوش صدام وولديه عدي وقصي بالاستسلام ومغادرة العراق، ومنحهم مهلة 48 ساعة.
عقد مجلس العموم البريطاني مناقشة حول شنِّ حرب في 18 آذار مارس 2003 حيث تمت الموافقة على اقتراح الحكومة بأغلبية 412 إلى 149. كان التصويت لحظة رئيسية في تاريخ إدارة بلير، حيث كان عدد أعضاء البرلمان الحكوميين الذين تمردوا ضد التصويت هو الأكبر منذ إلغاء قوانين الذرة في عام 1846.
محاولات لتجنب الحرب
مفتش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يأخذ عينات مسحة من مصنع للآلات في العراق أثناء عمليات التفتيش على أسلحة الدمار الشامل في عام 2002م.
طائرتان أمريكيتان من طراز المقاتلة فالكون F-16 يستعدان لمغادرة قاعدة الأمير سلطان الجوية في المملكة العربية السعودية للقيام بدورية كجزء من عملية المراقبة الجنوبية عام 2000.
خطاب الجنرال أنتوني زيني في البنتاغون بعد عملية ثعلب الصحراء في 21 كانون الأول/ديسمبر 1998
في كانون الأول (ديسمبر) 2002، اتصل ممثل رئيس المخابرات العراقية، اللواء طاهر جليل حبوش التكريتي، برئيس دائرة مكافحة الإرهاب السابق بوكالة المخابرات المركزية فنسنت كانيسترارو، وذكر أنَّ صدام «عَلِم بوجود حملة لربطه بـ11 سبتمبر وإثبات امتلاكه لأسلحة دمار شامل». وأضاف كانيسترارو أنَّ«العراقيين كانوا مستعدين لإرضاء هذه المخاوف. لقد أبلغت بالمحادثة إلى مستويات عليا في وزارة الخارجية وقيل لي أن أتنحى جانباً وسيتولون الأمر». وصرَّح كانيسترارو بأنَّ جميع العروض المقدمة «قُتلت» على يد إدارة جورج دبليو بوش؛ لأنَّها سمحت لصدام بالبقاء في السلطة، وهي نتيجة اعتُبرت غير مقبولة. وقد قيل إنَّ صدام حسين كان على استعداد للذهاب إلى المنفى إذا سُمح له بالاحتفاظ بمليار دولار أمريكي.
بعث مستشار الأمن القومي للرئيس المصري حسني مبارك، أسامة الباز، برسالة إلى وزارة الخارجية الأمريكية مفادها أنَّ العراقيين يريدون مناقشة الاتهامات بأنَّ البلاد تمتلك أسلحة دمار شامل وعلاقات مع القاعدة. حاول العراق أيضًا الوصول إلى الولايات المتحدة عبر أجهزة المخابرات السورية والفرنسية والألمانية والروسية.
في كانون الثاني (يناير) 2003، التقى اللبناني الأمريكي عماد الحاج مايكل مالوف من مكتب الخطط الخاصة بوزارة الدفاع الأمريكية. الحاج، من سكان بيروت، جندته الوزارة للمساعدة في الحرب على الإرهاب. وذكر أنَّ محمد ناصيف، أحد المساعدين المقربين من الرئيس السوري بشار الأسد، أعرب عن إحباطه من الصعوبات التي تواجهها سوريا في الاتصال بالولايات المتحدة، وحاول استخدامه كوسيط. رتَّب مالوف أن يلتقي هاج بالمدني ريتشارد بيرل، ثمَّ رئيس مجلس سياسة الدفاع.
في كانون الثاني (يناير) 2003، التقى الحاج برئيس العمليات الخارجية للمخابرات العراقية حسن العبيدي. وقال العبيدي لحاج إنَّ بغداد لم تفهم سبب استهدافهم وعدم امتلاكهم أسلحة دمار شامل. ثمَّ قدَّم عرضًا لواشنطن بإرسال 2000 عميل من مكتب التحقيقات الفيدرالي لتأكيد ذلك. بالإضافة إلى ذلك، عرض امتيازات بترولية لكنَّه لم يصل إلى حد تخلي صدام عن السلطة، واقترح بدلاً من ذلك إجراء الانتخابات في غضون عامين. في وقت لاحق، اقترح العبيدي أن يسافر الحاج إلى بغداد لإجراء محادثات. وقال أنَّه يقبل.
في وقت لاحق من ذلك الشهر، التقى الحاج باللواء حبوش ونائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز. مُنحَ أولوية قصوى للشركات الأمريكية في مجال حقوق النفط والتعدين، والانتخابات التي تشرف عليها الأمم المتحدة، والتفتيش الأمريكي (مع ما يصل إلى 5000 مفتش)، وتسليم عميل القاعدة عبد الرحمن ياسين (المحتجز في العراق منذ 1994) كعلامة لحسن النية، وتقديم «الدعم الكامل لأية خطة أمريكية» في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. كما أعربوا عن رغبتهم في مقابلة كبار المسؤولين الأمريكيين. في 19 شباط فبراير، أرسل الحاج بالفاكس إلى مالوف تقريره عن الرحلة. أفاد مالوف أنَّه قدم الاقتراح إلى جيمي دوران. وينفي البنتاغون أن يكون وولفويتز أو رامسفيلد، رئيسا دوران، على علم بالخطة.
في 21 شباط فبراير، أبلغ مالوف دوران في رسالة بالبريد الإلكتروني أنَّ ريتشارد بيرل يرغب في مقابلة حاج والعراقيين إذا كان البنتاغون سيوضح ذلك. أجاب دوران “مايك، يعمل هذا. احتفظ بهذا التعليق.” في 7 آذار مارس، التقى بيرل مع هيج في نايتسبريدج، وصرَّح بأنّه يريد متابعة الأمر أكثر مع أشخاص في واشنطن (كلاهما اعترف بالاجتماع). بعد بضعة أيام، أبلغ الحاج أنَّ واشنطن رفضت السماح له بمقابلة حبوش لمناقشة العرض (ذكر الحاج أنَّ ردَّ بيرل كان “أنَّ الإجماع في واشنطن كان محظورًا”). قال بيرل للتايمز : “كانت الرسالة” أخبرهم أنَّنا سنراهم في بغداد “.
سبب الحرب والأساس المنطقي
قال الرئيس الأمريكي جورج بوش في تشرين الأول/أكتوبر 2002 أنَّ «السياسة التي أعلنتها الولايات المتحدة هي تغيير النظام (.) ولكن إذا ما امتثل صدام لجميع شروط الأمم المتحدة والشروط التي وصفتها بوضوح ويمكن أن يفهمها الجميع فإنَّ ذلك في حد ذاته سيشير إلى أنَّ النظام قد تغير». وكان بوش قد صرَّح في 6 مارس 2003 مستشهداً بتقارير من مصادر استخباراتية معينةبأنَّه يعتقد أنَّ صدام لم يذعن لقرار الأمم المتحدة رقم 1441.
في أيلول/سبتمبر 2002، قال توني بلير رداً على سؤال برلماني أنَّ «تغيير النظام في العراق سيكون أمراً رائعاً. ليس هذا هو الغرض من عملنا بل هدفنا نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية». وفي تشرين الثاني/نوفمبر من ذلك العام، صرَّح بلير كذلك بأنَّه «فيما يتعلق بهدفنا، فإنَّ نزع السلاح وليس تغيير النظام هو هدفنا. الآن أعتقد أنَّ نظام صدام هو نظام وحشي وقمعي للغاية، وأعتقد أنَّه يُلحِق ضرراً هائلاً بالشعب العراقي … لذلك ليس لدي شك في أنَّ صدام حسين سيئ جداً للعراق، لكن من جهة أخرى ليس لدي أي شك بأنَّ التحدي الذي نواجهه من قبل الأمم المتحدة هو نزع اسلحة الدمار الشامل وليس تغيير النظام».
وفي مؤتمر صحفى عُقِد يوم 31 كانون الثاني يناير من عام 2003، أكَّد بوش مجدداً أنَّ السبب الوحيد للغزو هو عدم قيام العراق بنزع سلاحه “وأنَّه يتعين على صدام حسين أن يفهم أنَّه إذا لم ينزع سلاحه، من أجل السلام، فإنَّنا، نحن وآخرين، سوف ننزع سلاح صدام حسين”. وحتى 25 شباط فبراير 2003، كان لا يزال الخط الرسمي هو أنَّ السبب الوحيد للغزو هو عدم نزع السلاح. وكما أوضح بلير في تصريح أمام مجلس العموم “”إنَّني أكره نظامه. ولكنَّه حتى الآن يستطيع إنقاذه بالانصياع لمطلب الأمم المتحدة. وحتى الآن فإنَّنا على استعداد للقيام بخطوة إضافية لتحقيق نزع السلاح سلمياً”.
ومن المبررات الإضافية المستخدمة في أوقات مختلفة انتهاك العراق لقرارات الأمم المتحدة، وقمع الحكومة العراقية لمواطنيها، والانتهاكات العراقية لوقف إطلاق النار في عام 1991.
وفي حين لم تقم الإدارة الأمريكية أبداً بربطٍ واضحٍ بين العراق وهجمات 11 أيلول/سبتمبر، إلا أنَّها لمَّحت مراراً وتكراراً إلى وجود صلة بينهما، مما خلق انطباعاً خاطئاً لدى الرأي العام الأمريكي. أشارت شهادة هيئة المحلفين الكبرى في محاكمات تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 إلى وجود العديد من الروابط المباشرة بين المفجرين وبغداد والدائرة 13 في المخابرات العراقية في ذلك الهجوم الأوَّلي بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاستسلام القوات المسلحة العراقية في عملية عاصفة الصحراء.
ولاحظ ستيفن كول مدير برنامج مواقف السياسة الدولية في جامعة ميريلاند في آذار مارس 2003 أنَّ «الإدارة نجحت في خلق شعور بوجود صلة ما (بين 11 سبتمبر وصدام حسين)». جاء ذلك في أعقاب استطلاع للرأي أجرته صحيفة النيويورك تايمز/CBS أظهر أنَّ 45% من الأمريكيين يعتقدون أنَّ صدام حسين كان «متورِّط شخصياً» في فظائع 11 سبتمبر. وكما لاحظت «كريستيان ساينس مونيتور» حينذاك، فإنَّ «مصادر مطَّلعة على الاستخبارات الأمريكية تقول أنَّه لا يوجد دليل على أنَّ صدام لعب دوراً في هجمات 11 سبتمبر، ولا أنَّه كان أو يساعد حالياً تنظيم القاعدة. ويبدو أنَّ البيت الأبيض يشجِّع هذا الانطباع الزائف، إذ يسعى إلى الحفاظ على الدعم الأميركي لحربٍ محتملة ضدَّ العراق وإظهار جدِّية الهدف في نظام صدام». ومضت لجنة الأمن الجماعي لتبلغ أنَّه في حين أظهرت بيانات استطلاعات الرأي التي تمَّ جمعها «مباشرة بعد 11 سبتمبر 2001» أنَّ 3% فقط ذكروا العراق أو صدام حسين، فإنَّ المواقف بحلول كانون الثاني يناير 2003 «تغيَّرت» حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه نايت ريدر أنَّ 44% من الأمريكيين يعتقدون أنَّ «معظم» أو «بعض» الخاطفين في 11 سبتمبر كانوا مواطنين عراقيين.
طائرات عراقية بدون طيار
في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2002 قبل أيام قليلة من تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد العراق، تمَّ إخطار حوالى 75 من أعضاء مجلس الشيوخ في جلسة مغلقة بأنَّ الحكومة العراقية لديها وسائل توصيل أسلحة الدمار الشامل البيولوجية والكيماوية بطائرات بدون طيار يمكن إطلاقها من سفن قبالة ساحل الأطلنطي الأمريكي لمهاجمة المدن المطلَّة على البحر الشرقي الأمريكي. واقترح كولين باول في عرضه أمام الأمم المتحدة نقل طائرات بدون طيار من العراق ويمكن إطلاقها ضدَّ الولايات المتحدة.
دخل أول فريق من وكالة الاستخبارات المركزية إلى العراق في 10 يوليو 2002. تألف هذا الفريق من أعضاء شعبة الأنشطة الخاصة في وكالة الاستخبارات المركزية. فيما بعد، إنضم أعضاء نخبة قيادة العمليات الخاصة المشتركة في الجيش الأمريكي. ومعا، أعدتا لغزو القوات التقليدية. كانت هذه الجهود لإقناع قادة العديد من الفرق العسكرية العراقية بالإستسلام بدلاً من معارضة الغزو، وتحديد جميع القيادات ذات الأولوية التي تشكل خطرا كبيرا جداً خلال مهام الإستطلاع.
والأهم من ذلك، قامت بجهود لتنظيم البيشمركة الكردية لتحمي الجبهة الشمالية للغزو. معا، هزمت هذه القوة جماعة أنصار الإسلام في كردستان العراق قبل الغزو، ومن ثم، هزمت الجيش العراقي في الشمال. أدت المعركة ضد أنصار الإسلام إلى مقتل عدد كبير من المتشددين في عملية في منشأة للأسلحة الكيميائية في سرغات.
زحف قوات التحالف للسيطرة على بغداد ومن ثم بقية العراق.
في الساعة 5:34 صباحا بتوقيت بغداد في 20 مارس 2003 (9:34 مساءا من يوم 19 مارس بتوقيت شرق الولايات المتحدة و 2:34 بتوقيت غرينتش)، بدأت مفاجأة الغزو العسكري للعراق. لم يكن هناك إعلان للحرب. كان غزو العراق 2003 بقيادة جنرال الجيش الأمريكي تومي فرانكس، تحت اسم «عملية حرية العراق»، فيما أطلقت المملكة المتحدة عليه اسم عملية تيليك، وأسمته أستراليا عملية فالكونر. تعاونت قوات التحالف أيضا مع قوات البيشمركة الكردية في الشمال. عملت ما يقرب من أربعين حكومة أخرى في تشكيل «ائتلاف الراغبين»، حيث شاركت في توفير قوات، معدات، خدمات، أمن، وقوات خاصة، وأرسل 248,000 جندي من الولايات المتحدة، 45,000 من المملكة المتحدة، 2,000 من أستراليا و 194 من بولندا من وحدة القوات الخاصة إلى الكويت لتنفيذ الغزو. دعمت قوات الميليشيات الكردية والتي يقدر عدد جنودها بأكثر من 70,000 جندي تلك القوات التي نفذت الغزو.
دبابة عراقية مدمرة على الطريق السريع رقم 27 في أبريل 2003.
وفقا للجنرال تومي فرانكس، كان هناك ثمانية أهداف للغزو: «أولا، إسقاط نظام صدام حسين. ثانيا، تحديد، عزل والقضاء على أسلحة الدمار الشامل في العراق. ثالثا، البحث عن الإرهابيين وطردهم من ذلك البلد. رابعا، جمع ما يستطاع من المعلومات من خلال الاستخبارات بما يتعلق بالشبكات الإرهابية. خامسا، جمع ما يستطاع من المعلومات من خلال الاستخبارات بما يتعلق بشبكة أسلحة الدمار الشامل العالمية غير المشروعة. سادسا، إنهاء العقوبات على الفور وتقديم الدعم الإنساني إلى النازحين وإلى العديد من المواطنين المحتاجين العراقيين. سابعا، تأمين حقول النفط والموارد الأخرى الخاصة بشعب العراق. وثامنا وأخيرا، تهيئة الظروف لمساعدة الشعب العراقي على الانتقال إلى حكومة تنبثق من الشعب».
خريطة طرق الغزو و العمليات الكبرى أو معارك حرب العراق اعتبارا من 2007.
كان الغزو سريعا وحاسما لعملية المواجهة والمقاومة الرئيسية، وإن لم يكن هذا متوقعا من قوات الولايات المتحدة، المملكة المتحدة والقوات الأخرى. أعد النظام العراقي للقتال قوات تقليدية وغير نظامية على حد سواء في نفس الوقت، لكي لا تدخل القوات التي تنفذ الغزو إلى الأراضي العراقية، كانت إلى حد كبير مدرعة، لكنها كانت تطلق هجمات على نطاق صغير باستخدام مقاتلين يرتدون ملابس مدنية وملابس شبه عسكرية. تم إنشاء العديد من البرامج «لتعزيز الروح المعنوية لمنع وقوع مشاكل نفسية للقوات».
شنت قوات التحالف هجوما برمائيا وجويا على شبه جزيرة الفاو لتأمين حقول النفط والموانئ الهامة هناك، بدعم من السفن الحربية التابعة للبحرية الملكية البريطانية، البحرية البولندية والبحرية الملكية الأسترالية. هاجمت وحدة مشاة البحرية الأمريكية رقم 15 على اللواء كوماندوز 3 وهاجمت وحدة من القوات الخاصة البولندية ميناء أم قصر، في حين هاجم الجيش البريطاني اللواء الجوي 16 لتأمين حقول النفط في جنوب العراق.
جنود من مشاة البحرية الأمريكية يدخلون قصر صدام حسين خلال سقوط بغداد.
انتقلت المدرعات الثقيلة لفرقة المشاة الثالثة الأمريكية غربا ومن ثم شمالا من خلال غرب الصحراء العراقية نحو بغداد، في حين انتقلت قوة مشاة البحرية الأولى أكثر إلى الشرق على طول الطريق السريع رقم 1 إلى وسط البلاد، وانتقلت الفرقة المدرعة 1 البريطانية شمالا من خلال الأهوار الشرقية. قاتلت فرقة المارينز الأمريكيين الأولى بمدينة الناصرية في معركة للسيطرة على الطرق الرئيسية ومطار تليل القريب منها. هزمت فرقة المشاة الثالثة في الجيش الأمريكي القوات العراقية المتواجدة في وحول المطار.
تم تأمين مطارات الناصرية وتليل، فيما واصلت فرقة المشاة 3 بدعم من اللواء الجوي 101 بالهجوم شمالا نحو النجف وكربلاء، لكن أبطأت عاصفة رملية شديدة تقدم قوات التحالف والتي كانت قد وقفت مسبقا هناك لتعزيز والتأكد من أمن خطوط الإمداد. وعندما أعادت التحرك مرة أخرى، أمنت هذه القوات ثغرة كربلاء، التي تشكل الطريق الرئيسي إلى بغداد، ثم أمنت الجسور على نهر الفرات، ودخلت قوات الولايات المتحدة من خلال هذه الثغرة إلى بغداد. في وسط العراق، قاتلت فرقة مشاة البحرية رقم 1 في طريقها إلى المنطقة الشرقية من بغداد، وأعدت للهجوم على بغداد للإستيلاء عليها.
في الشمال، كانت عملية حرية العراق-1 هي أكبر عملية استخدمت فيها قوات خاصة منذ الهجوم الناجح في 2001 على حكومة طالبان في أفغانستان والتي كان قبل عام ونصف تقريبا.
وفي 9 أبريل، سقطت بغداد، لتنتهي مرحلة حكم فيها صدام حسين 24 عاما. استولت القوات الأمريكية على وزارات حزب البعث لتنتهي المرحلة التي أدار فيها العراق ثم أطيح بتمثال حديدي ضخم لصدام حسين، ونشرت صور وفيديو أصبح شيئاً رمزياً من لحظات هذا الحدث، على الرغم من الجدل حولها. لم ترى هذه الصور أو أشرطة الفيديو، لكن أظهرت هذه الأخيرة أنشودة ساخنة لحشد مؤيد لرجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر. في نوفمبر 2008، نظم متظاهرون عراقيون عملا مماثلا حيث دهسوا ثم أحرقوا دمية لجورج دبليو بوش. كان يرافق سقوط بغداد المفاجئ مقاومة واسعة النطاق لقوات التحالف، بل أيضا اضطرابات مدنية ضخمة، حيث تم نهب المباني الحكومية كثيرًا وازداد معدل الجرائم.
وفقا لوزارة الدفاع الأمريكية، نهب 250,000 طن قصير (230,000 طن) من أصل 650,000 طن قصير (590,000 طن) من المتفجرات، مما يوفر مصدرا هاما للذخيرة للتمرد العراقي. انتهت مرحلة الغزو عندما سقطت تكريت، مسقط رأس صدام حسين، حيث انخفضت المقاومة ضد فرقة العمل طرابلس من قوات المارينز الأمريكية.
في فترة الغزو التي تشكل المرحلة الأولى من الحرب (من 19 مارس إلى 30 أبريل)، قتل ما يقدر بنحو 9200 مقاتل عراقي من قبل قوات التحالف و 3750 غير مقاتل، وهم مدنيين لم يحملوا السلاح. قتل من قوات التحالف 139 جندي من الولايات المتحدة و 33 جندي من المملكة المتحدة.!!!!!!