البنية السردية بمفهومها الهندسي الصرف
قراءة تحليلية بتصرف
بقلم / محمد البنا
لنص * طقوس *
للقاص السوري / نزار الحاج علي
%%%%%%%%%%%%%%%
النص
طقوس
قصة قصيرة جدا
في كلّ ليلةٍ وقبل أن أغفو، يزورني الندم، ومثل أي عاشق يخلع قميصه، ثمّ يرتمي بجانبي على صفحة السرير.
وبينما أعضُّ على أصابعي، يهزُّ قدميه، ثم يركل الأرض مغتاظاً.
أحاولُ أن أتجاهله، غير أنه لا يكفُّ عن الصراخ، لذا في النهاية أتناول سكّينّاً من تحت الوسادة ثمّ أغرزه في صدري؛ نسقط متكومين فوق بعض.
في الصباح أدعو عاملة التنظيف، لتمحو كلّ الألم الدي ساورني، لكنّها تبتسم، ثمّ تغافلني…بإتلاف السطر الأخير.
نزار الحاج علي / سورية في ٧ أبريل ٢٠٢٥
///////////////////////////////////////////
القراءة
__________
* عادة ما يهتم المبدع عمومًا والسردي خاصة بوضع بنية أدبية متينة قدر الإمكان كي تتحصل على الإعجاب من القراء، والصمود أمام الريح النقدية، هذا ما يرجوه كل كاتب ويسعى إليه، فما ظنكم لو كان هذا الكاتب يمتهن الهندسة كمهنة مؤسسة على قاعدة علمية وخبرة عملية طويلة!
ومن حسن حظنا أو لنقل على وجه الدقة ..من حسن حظ النص أن كاتبه مهندس فعلاً.
لماذا قلت هذه المقدمة؟ قلتها لأمهد لقراءتي التي سأوثث لها متكئًا على ركائز هندسية محضة، مستقاة من علم الهندسة.
– النظرية الهندسية..عبارة عن
١-منطوق
٢- معطيات
٣- مطلوب
٤- برهان أو إثبات.
* المنطوق هو ( طقوس )، بما تعنيه من أفعال مستمرة متكررة
* المعطيات هي كما ورد في المتن فيما يخص الأفعال الطقسية ك ( كل ليلة قبل أن أغفو، يزورني الندم، يرقد معي على فراشي، …)
* المطلوب هو تحديد السطر الأخير الذي تم إتلافه
* البرهان هو ما سيلي:
– يجب أولًا أن لا نغفل الآتي ونتبين الفروق بينهم، لنبدأ في وضع أقدامنا على الطريق الصحيح:
في كل ليلة…بداية الطقوس
وفي النهاية…انتهاء الطقوس
وفي الصباح…بداية يوم جديد.
وهي بالطبع أزمنة مختلفة تضمنها المتن السردي.
– كما أن العاملة غافلته وتعمدت محو ( إتلاف) السطر الأخير، ينبغي علينا نحن أيضًا لنتبين ماهيته أن لا نغفل العنوان ( طقوس )، لأنه نبراس سيهدينا بسهولة للعثور علي السطر الأخير في قصته.
طقوس؛ تعني المداومة على فعل أو أفعال ثابتة وفي وقت ومكان محددين.
السؤال هنا هو ما هي هذه الأفعال ( الطقوس)؟ الإجابة نستقيها مباشرة من متن النص، فنجدها (في كل ليلة/ دالة استمرارية، وزمانية، يرتمي على صفحة سريري/ دالة مكانية….) وتتوالى الأفعال كما ورد في المتن.
وينتهي النص الوصفي ب نسقط متكومين فوق بعض.
في الصباح… تكملة للنص السردي.
إدًا ( نسقط متكومين فوق بعض) هل هي السطر المقصود بالاتلاف؟
سنحذفها لنر هل نقص النص شيء؟ أو أصابه عوار؟.. بالطبع لا، فوجودها تحصيل حاصل لأنها وصفية لاحقة(؛) لما قبلها، ومحوها لا تأثير له على إزالة الألم، الذي رجاه بطل القصة من قريب او بعيد.
لنذهب للجملة السابقة لها (لذا في النهاية أتناول سكينًا من تحت الوسادة ثم أغرزه في صدري).. هنا تتم عملية قتل الألم ( التخلص منه) بقتل الجسد المتألم.
لو محوناها لبقي الالم وبقيت الطقوس واستمراريتها كل ليلة.
تحياتي لك يا نزار… Nizaar Gobokai
محمد البنا / القاهرة في ١١ أبريل ٢٠٢٥