وقفة تأمّل للناقدة سعيدة بركاتي-تونس
عند مقطع من نصي {الشجرة} :
“قاموا بقلِعِ كلّ الأشجار حولي، صارَ البستانُ مقبرةً لدفنِ الأطفالِ، قلعوا شجرةَ التّينِ ودفنوا رضيعاً، قلعوا شجرةَ التّفّاحِ ودفنوا مراهقَينِ، جاؤوا بشاعرٍ ماتَ بسببِ قصيدةٍ، دفنوهُ تحتَ جِذعي.”
كرار السعد أبدع فعلا في الإنزياحات : فرمزية الشجرة : التعمير و الديمومة و إن قُطعت أغصانها و اقتلعت جذورها ، ما بقي منها في عمق التراب سيحيا من جديد ، عندما نقرأ المقطع نرى بشاعة المنظر و ما خلفه ” اقتلاع الأشجار ليصبح البستان مقبرة ” ، لكن السر فيما غُرس و دفن من جديد ، بذرة طفولة و رضيع و مراهق ، هذا في حد ذاته حياة لو يعلمون ، بين شجرة التين و التفاح علاقة متينة ، واحدة انزلت آدم من الجنة و أخرى بورقها ستر عورته . فاليد التي لا تعرف إلا فعل ” التقليع أو القلع قد عرت كل شيء حتى العورات و لكن كلما اجتثت شجرة إلا و أنبتت حياة دون وعي منها ، فالرضيع و صرخته الأولى هي إعلان أن الحياة ستتجدد معه ليصبح طفلا فمراهقا و هذه الدورة لن تكف عن الدوران ، المقاومة مستمرة … بشاعة الفعل و تكراره ” قلعوا” بمعنى انتزعوا الأصل و طمس الهوية لكن لم يفلحوا مع الكلمة حين دفنوها تحت جذع ” شاعر ” أبى الصمت . فالمقطع تجدد و بُعثت فيه الحياة، بقيت الكلمة : رنانة بإيقاع يولد كلما حاولوا اقتلاع الجذر .






