قراءة في كتاب ***خواطر نشرتها على الفايسبوكـ***
للمُربّي الفاضل **ابراهيم كوزانة**
***
بقلم الشّاعر **فتحي مديمغ**
***
أعشقُ لغةَ الضّاد و أكتبُ بها، و لكنّ المخطوط الذي بين أيدينا “خواطر فايسبوكيّة”، أو “خواطر نشرتها علىى الفايسبوكـ” للمربّي الفاضل السّيّد “ابراهيم كوزانة” أتذوّقه و أقدّره. و هذا موقف قد يكون له ما يسوّغه. و أظنّ أنّي لا أفشي سرّا إذا قلت أنّي أكتشفُ هذا النّوع من الكتابة خارجَ الأفضيةِ المُغلقة… التي تُمَوّل المَعيشَ اليوميَّ من أنشطتنا… و البعضَ من حُلمنا… لنُحبَّ بها… و نكرهَ بها…
هذه الخواطرُ التي حاكت الواقعَ كما هو بلا ريتوش و لا أقنعةٍ صاغها المُربّي الفاضل السّيّد “ابراهيم كوزانة” فأبان على حِنْكةٍ عاليةٍ من الدّمج الحقيقيّ بين الافتراضيّ و الواقعيّ بأن وظّف فضاء افتراضيّا فنزع عنه الأبعادَ و القيُودَ و أنزله واقعا ملمُوسًا و زيّنَهُ برُوحِ البشرٍ بعيدًا عن دَنَسٍ الاضطراباتِ و تضَارُبِ الأفكارِ و الأفعَالِ، إذ لم يُقيّضْ لمَخطوطِه غَوامِضَهُ، و لم يكشف أسرار أبطاله و نواياهم، و لم يجعل من البعض من شخصيّاتِه خميرةً أو عجينةً مُستَقْطَرَةً خارجًا عن الحياة، فلقد قدّرتُ ما كتبه و ما قدّمَهُ و وجدتُ فيه امتدادا لثقافةٍ عميقةٍ مُتجذّرةٍ في الأصْلِ و الفرعِ مُغيّرَةٍ لواقعٍ باتَ من الضّروريّ علينا تحويلَه إلى علاقاتٍ بنّاءَةٍ نحو غدٍ أفضلَ. و هذا ما عَمِلَ عليه المُربّي الفاضل السّيّد “ابراهيم كوزانة” في ضوء مخطوطه ”خواطر نشرتها على الفايسبوكـ”، فلا أظنّ أنّ هناك من يُنازع في أنّ كثيرا أو قليلا من هذا التّكريم لشخصيّاتٍ عاشرها الكاتب أو تأثّر بها أو أثّر فيها من خلال تواجده دوما جنبا إلى جنبٍ مع مختلف الفئات العمريّة و ما يحدُوها من أنشطة تمَسّ كلّ أروقةِ الحياة… سياسيّةٍ أو اقتصاديّةٍ أو اجتماعيّةٍ أو جمعيّاتيّةٍ أو… لأنّ موضوعاتِه مُستمَدَّةٌ إلى حدّ كبير من البيئة الاجتماعيّة، و لكنّ تأثيرَ البيئةِ في تقديري، كان فاصلا هامّا في تفاعلاتِ كلِّ عناصرِ المخطوط (الشّخصيّات) لتفسير تأثير الكاتب فيهم أو تأثُّرِهِ بهم. ممّا أخضعَ الكتابةَ إلى تطوّرٍ على شاكلةِ تَغَيّرِ الشّخصيّات فنلاحظ تنوّعا كبيرا في الوصف و السّرد و المزْجِ بينهما من شخصيّة إلى أخرى و كأنّي بالكاتب يُضمرُ مَواقفَ مُتنوّعةً بتنوّعِ أبطالِ مخطُوطهِ… و استنادًا إلى واقعيّة المخطوطِ، وظّف الكاتب مُعجمًا يكاد يكون خاصّا به. فبميْسور الكاتب أن يسايِرَ المُعجمَ العاديّ المُتعامَلِ به في الحديث عن الأبطال و لكنّه خيّرَ… و هو المربّي و المُدرّس… أن يُلائِمَ المُعجمَ اللّغويَّ وِفْقَ أبطاله ليجعَلَ الحقيقةَ تسمُو عاليًا بعيدا عن التّأويلات… فلا يتركـ مجالا أن يَستنبطَ القارئ أفكارا من وراء سُطُورِ مخطُوطه أي أنّ ما دوّنَهُ الكاتبُ لا يقبلُ التّـأويلَ بل له قراءةٌ واحدةٌ ذاتُ بُعدٍ واحدٍ… بحيث سعى إلى استخدام اللّفظ البسيط القريب من الفهم العامّ ليَدْعَمَ “واقعيّةَ” مخطوطه بمفاهيمَ و أساليبَ و وظائفَ و معانيَ و دلالاتٍ تَرمُزُ إلى تعلّق الكاتب بشخصيّاته، ممّا أضفى على المخطوطِ قيمةً، الأمر الذي يفسّر… ارتباط الأحداث بسياقها التّاريخيّ و الزّمانيّ و المكانيّ و بوضعٍ عامٍّ عاشه الكاتب و عايشه، و أخضعَ المدلولَ للمُشارِ إليه، و حوّل الافتراضيّ إلى واقعٍ ملموسٍ…
الشّاعر **فتحي مديمغ**
