الرملية قصة الجنة المسروقة 8 بقلم الأديب نصر العماري

الرّملية”

او  “الgدح”

قصّة الجنّة  المسروقة  -8-

بقلم نصر العماري

رفعت مدام رجاء  مجفّف الشّّعر عن رأس مدام نسرين وشرعت  تفكّ لوالب  معدنية  كانت تلفّ عليها خصلات الشعر، وبين الحين والحين  تأخذ بخاخا فتنفث رذاذا لتثبّت  به الخصلات  في شكل  اللّولب ،  وهي تستحث مدام نسرين  قائلة :

– هيّا يا مدام   اتحفينا بحكاياتك التي لا تمل. انا أرتّب شعرك،  وانت تقصّين علينا  حكاية القرد والغيلم .

فتبسّمت مدام نسرين  وقالت:

– حاضر  حاضر  ايتها السيدات  الاخيار

من يُحب النبيّ يصلّي على الهادي المختار .

فردّدت النسوة “صل الله على  سيدنا محمد.”

قالت :

– يُحكى ان قردا  ذهب إلى ساحل البحر، وسكن أعلى شجرة تين يأكل من ثمارها، ويَبيتُ فوق أغصانها.

فقاطعتها مدام حنان  ضاحكة :

– قولي شجرة موز  على الاقل . القرود تحبّ الموز .

فردّت عليها  مدام نسربن  :

لا،  هذا القرد بالذّات  يحبّ اكل التين  لا يحبّ الموز،  انت تحبّين الموز.

وقهقهت  وضحك الجميع.

واسترسلت  في الحكيّ:

وأثناء تناوله  لطعامه، سقطت منه ثمرة تين في البحر،

فقاطعتها   مدام نفيسة :

فنزل الى البحر  ليبحث عن حبة التين فغرق …

فضحك الجميع.ثم طلبت منها كوكو  ان تسكت  وطلبت من  مدام نسرين  ان تواصل  حديثها . لكنها احجمت عن الكلام

فاخذن  يترجينها  مقسمين ان لا يقاطعنها  مرّة اخرى .

فحوقلت مدام نسرين وقالت :

_ أعْجبَ القرد صوت وقوع التّينة في الماء، فاتخذ من إلقاء ثمار التين في البحر لعبة يلهو بها.

وصادف ان كان في الماء غَـيْلَمٌ وهو كما قلنا ذَكَر السُلَحـفاة   ففرح   بالتين الذي يلقيه القرد، معتقدًا أن القرد يخصّه بهذه الهدايا. واخذ يأكل منه بشراهة .

ثم توقّفت   عن السّرد والتفتت الى مدام رجاء سائلة ايها :

– لماذا توقفت عن الشغل   يا مدام؟   هي قومي بعملك .

فمدّت مدام رجاء يديها   تنزع اللوالب  المتبقية   وهي تردّد:

نعم ، نعم  ثم ماذا بعد  ذلك؟

استرسلت مدام نسرين في سرد القصة من جدبد قائلة:

خرج الغيلم من الماء ليشكرَ القرد، وسرعان ما انعقدت بينهما صداقة وثيقة، وأصبح كل منهما خيرَ صاحبٍ لصاحبه.

وظل الغيلم ملازما لصديقه القرد زمنًا، ولَبِثَ فترةً لا يرجعُ إلى بيته وأهله.

حزنت زوجة الغيلم لغيابه، وخشيت أن يكون قد أصابه سوء، فانتابها القلق، واستشارت صديقتها في الأمر فطمأنتها قائلة: لا تحزني لقد بلغني أن زوجك يمضي أوقاته على الساحل مع قرد يُصادقه، يلهو معه ويلعب. ونصحتها أن تنسَى زوجَها كما نَسِيَها، أو أن تحتالَ لهلاكِ القرد حتى يخلو لها  وجه زوجها.

افتعلت زوجة الغيلم المرض، فعمدت إلى إضعاف نفسها حتى أصابها هزال وشحوب شديد.

اشتاق الغيلم لزيارة أهله، فلما عاد إلى بيته وشاهد شحوب زوجته، فَزِعَ لِمَرَضِها وتألَّم ألمًا شديدا.

بادرت صديقة زوجته بنصحه قائلة: إن مرضَ زوجتِك شديدٌ ومُميتٌ، وإننا معشرَ النساءِ أعلمُ بالمرضِ والدّواء، وليس لمرضِها دواءٌ إلا قلبَ قرد، أو تهلك.

دبَّ صراعٌ بين عقلِ الغيلمِ وقلبِه؛ فهو لا يعرِفُ قردًا إلا صديقَهُ الوَفِيّ الذي يُتْحِفُهُ بثمارِ التّين. فهل يغدرُ بأخٍ وَفِيٍّ ويخونُه، أم يقبلُ بهلاكِ زوجـتِه صاحبةِ المنزلةِ في قلبه، والتي يلزمُهُ الوفاء بحقوقها؟ فكيف يعدل بين حق الزّوجة، وواجب رعايتها، وحق الصّداقة وواجب صيانتها.

فجاة سُمع نقر على باب قاعة الحلاقة ، فسكتت مدام نسرين عن الكلام .

واسرعت  “كوكو ” تنظر من الطارق  و غابت برهة  من الزمن ثم عادت  الى مدام  سعاد اخذت تقوم بعملها   .

فسألتها  سيّدتها  رجاء  عن الطارق ،

فاخبرتها انه خطيبها “فتحي”

فبادرتها مدام نسرين سائلة:

هل انت مخطوبة يا “كوكو” ؟

الف مبروك . ماذا يشتغل خطيبك ؟

فاجابتها مدام حنان ساخرة:

رئيس ..

فقهقهت مدام نسرين  مقاطعة لها  رئس دولة .

وضحك النّسوة   لكن

كوكو  ردّت عليها في لهجة حادة  :

– الرؤساء يعشقون الحلاقات يا انيسني    ولا يلتفتون الي  …

فنظرت اليها مدام رجاء   وكأنها تمنعها  وتقطع عليها استرسالها في الكلام   ثم سألتها في حزم

–  هل ستخرجين معه الآن  ؟  امنحك ساعة فقط.

فأجابتها كوكو :

– لا  ليس الآن سينتظرني في مقهى” واي نوت”  ثم تلطفت في القول :

–  حتى تُنهي لنا مدام نسرين حكاية القرد  .

واضافت مبتسمة

انا احب مدام نسرين  واحترمها جيدا.

فضحك الجميع وطالبن   ببقية   الحكاية  …

يتبع