*** تبرّأ ***
سأتبرّأ منكِ يا أنايَ، سأمسحكِ من ذاكرتي وذاكرة موبايلي وأتخلّص من عنادكِ، من احلامكِ، من شقاوة خيالكِ، سانتزعكِ من خارطة الألوان، وأمحو اسمكِ من دفتر الانجذاب، من سجّلات قانون جموح الرّغبات، سأفكّ عنك طلاسم الجنّ ،أجنّبكِ شهوة الشّيطان، سأطلق عنان عذاباتكِ للأقدار، وأكسر قيود أسر الجمال، لينطلق الفرح في ثغر امتصّتْ له الرّيح رُضابه، وشقّقت له شفاهه، وجفّفتْ له لسانه، سأعيد تلوين شاشة الأحزان، على وجه تاهتْ عنه ابتسامته، وسرقتْ من عينيه وميضهما، ومن نظراتهما البراءة والنّقاء،…
يا ذاتي المكلومة، يا ربيع قفز إلى قطب الجماد، يا غابة فقدت معناها، سأحجزكم في جراب الجرح المؤبّد ، وأكتم صوت الشّهوة فيكم للبقاء في خانة المجاز، ما عاد في التّكّهن احتمالات ولا خيارات، ولا بقاء، أنا اليوم، اوزّع على الغيوم سراب ضحكة حكم عليها بالإعدام قبل بعثها للحياة، وأدفن خفقة كانت تستعدّ للقفز في قلب يافع مفعم بالحبّ ، يسبح في مدارات العشق، يقترف الخطيئة لا يبالي بغضب الاستعارات، ولن أناديكَ يا شبحا لتكون لي رفيقا حين انزوائي وفي غياب الشّمس عن ملذّاتي ، فأنتَ لا تبذر في وطني السْقيم ما يصلح للشَفاء، ما يعيد لي الشّغف بالقبلات، ولا الولع بتسلق جسر الأشواق، أو اللّهو مع طيور الجنان، ولا تنفض عن لغتي غبار النّسيان، ولا ترمْم في ذاكرتي انكسار الروح، انتَ رقم قابل للمحو، للدّفن، لأنّ عدد الأشباح فاق عدد التائهين، اليائسين، قتلهم سرطان الجهل، اعداء الحياة ولم يقتلهم شبق الجنون ولا جموح رغبة الجسد في التحليق الى الملذّات والانعتاق من هلوسة الأسطورة وقصص العنعنة وهواجس الحانات…
سأقلكَ يا شبحا، وأمضي دون حبر ، دون دواة ، أحمل فقط نكهة الحياة وعطورا صالحة للاستنشاق، وبذرة أمل أزرعها في دروب النّجاة
هلوسات اليقظة
سونيا عبد اللطيف
قليبية، تونس 18/ 04/ 2025