إطلالة.
الدور الغائب للمثقفين والمفكرين.
لا يختلف إثنان في كون البلدان العربية كانت وما زالت تزخر بالمثقفين والمفكرين من شتى الأجناس الثقافية والفكرية والأدبية والفلسفية و الفنية…؛ في مجالات الشعر والقصة والرواية والزجل والمقالة و المسرح و السينما و الرسم، و في مجالات أخرى متعددة بمختلف اللغات سواء العربية أو الأمازيغية أو الانجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية أو الألمانية و لغات أخرى.
ومما لا شك فيه فقد برزت مجموعة من الأسماء في هذه المجالات على مر العصور حازت على جوائز عالمية ومحلية وساهمت في التطور الفكري والحضاري بالعالم .
وقد استمر المثقفون والمفكرون في أداء رسالتهم الكلاسيكية
والمثمثلة أساسا في كونهم المرآة التي تعكس واقع المجتمع الذي يعيشون فيه حتى عهد قريب. غير أن التطورات التي عاشتها الدول العربية منذ بداية القرن العشرين في تركيبتها الإجتماعية والثقافية والاقتصادية والفكرية والتي تزامنت مع ظهور العولمة و التطور في مجال الاتصالات خاصة الانترنيت والتطور الاعلامي والديمقراطي وغيره؛ أصبح يحتم على المثقفين والمفكرين إعادة النظر في الدور المنوط بهم ؛ فلم يعد مقبولا أن يظلوا فقط تلك المرآة التي تعكس واقع المجتمع ؛ بل أصبح من الضروري أن يبادروا للمشاركة في تدبير الشأن السياسي بالمجالس والهيئات المنتخبة و التأثير في العمليات الإنتخابية عبر الانخراط في جمعيات المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية و تحمل المسؤولية في دواليبها حتى يتسنى لهم التأثير فيها فكريا وثقافيا بغية الوصول إلى الحكامة الجيدة في تدبير الشأن المحلي و تكوين قاعدة انتخابية واعية تسعى لتخليق الشأن المحلي والعام.
ويبقى هذا الهدف المنشود رهين بالمثقفين والمفكرين أنفسهم فلا بد أن يعملوا أولا على التكثل والتنظيم وخلق لقاءات منتظمة والتواصل عبر منتديات وإنشاء مواقع عبر الانترنيت ومختلف المنصات الاعلامية.ولا بد كذلك من إحداث نوادي و تنسيقيات محلية و دور خاصة باللقاءات والتشاور في الشأن المحلي وفي مسار التنمية المستدامة واتخاذ الخطوات المناسبة لتحقيق تطور في مجال الممارسة السياسية بالمجالس المنتخبة المحلية وتجويد منتوجها وخدماتها لصالح كل المواطنات والمواطنين.
إن غياب أو إبتعاد المثقفين عموما على ممارسة الشأن السياسي لأسباب متعددة هو غياب أو إبتعاد غير مفهوم و غير مبرر على إعتبار أن المساهمة في تدبير الشأن العام و الشأن المحلي عن طريق الانتخابات وفي إطار الأحزاب السياسية أصبح أمرا مطلوبا وواجبا وطنيا حتى يتسنى تجويد تدبير الشأن المحلي الجماعي أو المحلي على الخصوص .
إن بإمكان الطبقة المثقفة على اختلاف مكوناتها خلق أحزاب سياسية أو الإنخراط في أحزاب سياسية موجودة ، أو خلق جمعيات أو الانخراط بجمعيات المجتمع المدني ، المهم هو التواجد بالساحة السياسية الوطنية والمشاركة في تأطير الشباب و القيام بالتوعية لمختلف الطبقات في المجتمع التي أصبح لزاما عليها المشاركة في الإنتخابات واختيار من يمثلوها أحسن تمثيل سواء على مستوى المؤسسات التشريعية أو على مستوى تدبير الشأن السياسي المحلي في مختلف الجماعات ، وهذا رغبة في المساهمة في مواجهة التحديات الإقتصادية والإجتماعية وإيجاد الحلول لكل المعيقات التي يمكنها فرملة التنمية والحد من التقدم الذي بات مطلوبا بشكل ملح أمام التطور السريع في كل المجالات داخل مختلف المجتمعات.
محمد بلحرشة.
المملكة المغربية.