في مثل هذا اليوم 22 ابريل1948م..
عصابة هاجاناه الصهيونية تستولي على مدينة حيفا الفلسطينية بعد مذابح مروعة.
هُجِّر الفلسطينيون من حيفا بأعداد كبيرة، حيث أن تلك كانت واحدة من أشهر عمليات النزوح في تلك المرحلة. ويكتب المؤرخ إفرايم كارش أنه لم يَنْزَح فقط نصف المجتمع الفلسطيني من حيفا قبل الانخراط في المعركة النهائية في أواخر إبريل 1948م، بل وكما يبدو أن هناك 5,000-15,000 غادروا طَوْعًا خلال المعارك، أما الآخرون الذين يتراوح عددهم بين 15,000 و25,000 فأَمَرَتْهُم اللجنة العربية العليا بالمغادرة كما يدعي أحد المصادر الإسرائيلية.
ويستنتج كارش أنه لم يكن هناك تخطيط كبير عند اليهود كي يُخْرِجُوا أهل حيفا من ديارهم، بل إن القيادة اليهودية على حيفا حاولت إقناع بعض العرب بالبقاء ولكن ذلك كان بدون نتيجة، حيث التزموا بقرار اللجنة العربية بالمغادرة. وينفي وليد الخالدي تلك الرواية بشكل تام، حيث يستشهد بأن هناك دِرَاسَتَان مُسْتَقِلَّتان تُحَلِّلَان اتصالات الراديو التي الْتَقَطَتْهَا وكالة الاستخبارات الأمريكية وهيئة الإذاعة البريطانية من المنطقة في تلك الفترة، حيث تُبَيِّن الدِّراسَتَان أن اللجنة العربية العليا لم تُصْدِر أية أوامر.
واستنادًا إلى بيني موريس، «هَدَفَت هجمات الهاجاناه المدفعية [على حيفا] في 21-22 إبريل بشكل رئيسي إلى تحطيم الروح العنوية للعرب بِقَصْد تحقيق انهيار سريع للمقاومة واستسلام عاجِل. […] ولكن [بدلًا من ذلك] أدَّى الهجوم -خاصة القصف المدفعي- إلى تعجيل التهجير. ‘فُتِحَت مدافع الهاون عيار 3-إنش على ميدان للتسوّق [كان يحتوي] حشدًا كبيرًا […] واسْتَشْرَى ذُعْر كبير [بين الناس]. واندفع الكثيرون نحو الميناء، حيث دفعوا الشرطة جانبًا وركبوا القوارب وبدؤوا بالنزوح خارج البَلْدَة’، هذا ما يقوله التاريخ الرسمي للهاجاناه الذي كُتِب في وقت لاحق». واستنادًا إلى إيلان بابي، كان وابِل قذائف الهاون موجهًا خِصِّيصًا نحو المدنيين لدفعهم إلى الخروج السريع من حيفا.
وأَذَاعَتْ عصابة الهاجاناه تحذيرًا للفلسطينيين في حيفا بتاريخ 21 إبريل، حيث أخبرتهم فيه «أنهم إذا لم يَطْرُدوا ‘المُنْشَقِّين الذين تسللوا إلى حيفا’ فإنهم يُنْصَحُون بإخلاء جميع النساء والأطفال، لأنهم سيتعرَّضون لهجوم قوي من الآن فصاعدًا».
وفي تعليقه على استخدام «البثّ الإذاعي في الحرب النفسية» والتكتيكات العسكرية في حيفا، يكتب بيني موريس:
منذ بداية المعركة حتى نهايتها، استخدمت الهاجاناه البثّ الإذاعي باللغة العربية والشاحنات المزودة بِمُكَبِّرَات الصوت بشكل فعال. أعلنت إذاعة الهاجاناه أن «يوم الحساب قد وَصَل» وناشدت السكان بأن «يطردوا الأجانب المجرمين [يقصد الجيوش العربية]» وأن «يَبْتَعِدُوا عن كل بيت أو شارع في كل حيّ يسيطر عليه الأجانب المجرمون». وناشدت الهاجاناه عامة الناس في الإذاعة بأن «يُخْلُوا النساء والأطفال وكبار السن على الفَوْر، وأن يُرْسِلُوهم إلى ملجأ آمن.» هَدَفَتْ التكتيكات [العسكرية] اليهودية إلى إذهال العدو وإخضاعه بسرعة؛ لقد كان تحطيم الروح المعنوية هدفًا رئيسًا، حيث اعْتُبِر ذلك هدفًا يحمل نفس مقدار الأهمية الخاص بالتدمير المادي للوِحْدَات العسكرية العربية… قذائف الهاون، والحرب النفسية بالبث الإذاعي والإعلانات، والتَّكْتِيكَات التي وَظَّفَتْها فِرَق المُشاة التي كانت تستولي على بيت تلو الآخر، كل ذلك كان موجهًا لتحقيق هذا الهدف [وهو تحطيم الروح المعنوية]. كانت الأوامر المُعْطَاة للكتيبة رقم 22 التابعة للواء كارميلي تقضي «بِقَتْل كل [ذكر بالغ] عربي يصادفهم» واستخدام القنابل النارية لإحراق «كل هدف من الممكن إحراقه. سَأُرْسِل إليكم مُلْصَقَات مكتوبة باللغة العربية، انْشُرُوهَا على الطريق.»
وبحلول مُنْتَصَف مايو، كان هناك فقط 4,000 عربي مُتَبَقٍّ في حيفا. وكان هؤلاء يتركزون في منطقة وادي نسناس وِفقًا «للخطة د»، بينما جَرَتْ عملية تدمير مُمَنْهَج للمنازل العربية في مناطق معينة تحددت قبل الحرب. أما عن الجهات المُنَفِّذَة لتلك الخطة، فكانت أقسام التطوير التقني والحَضَري لحيفا بالتعاون مع يَأَكوف لوبليني قائد الجيش الإسرائيلي في المدينة.!!!!!!!!