هديتي إلى كل(تونسية حرة لفتها عتمة الظلم)
————————
__عـشــق حـدّ الإربـــاك ___
يا وطــني
لم أُجاهر يوما بحبك الغائر
في كبدي
المتغلغل في ضلوعي
إلى أقاصي ألمي
إلى تخوم بكائي
إلى تخوم لوعتي…
ما همستُ لك يوما
أنني في رحلة وجداني
أجلس على رباكَ الهامسة
أرقب عودة السنونو لأعشاشها
مبلّلة بندى الحنين
وعودة الرعاة إلى مضاجع التعب
بعد خُطى اليوم والسنين
والقطعان تترنّح في الأمسيات
سَكرى بعطر النسيم المتسلّل من البطاح
لم أقل يومــا
إنّ جذور زيتونك ضاربة في أعماقي
ونخيلك منتصبٌ كشوق العشّاق
وعنب كرمك للعليل ترياق
لـــم أخبرك بعد
عن جبالك المكللة بالزان والريحان
تتمطى في كبرياء متثائبة
تتحدى هرم الزمان
وقد شاخ الزمان
وما زالت قممها
تيجانًا لا ينالها صدأ الكبوات والخذلان
ولم أرسم لك خرائط البحار
والوديان…
لـــم أحدثك عن غربتي واغترابي
عن هواك الذي يعلو كل هوى
يا جنة الأطياب والسراب
عن ليالٍ طويلة الأرق
قضيتها أناجي قمرك
وأقاسم صمته وعذابي
عن أنس نجومك المتراكمة
عند نافذتي
وعن ياسمينك وشجرة اللبلاب
تلتفّ على قلبي كما يلتفّ الحنين على الوقت
لـــم أخبرك
أنك ملهمي
وأنّ من ينابيع جمالك أغترف قصائدي
وأنّ كلماتي تتزاحم صليبةً
على ثغر دفاتري
لــم أخبرك يا وطني
أنني بقدر ما يعلو منسوب عشقي لك أكرهك
وطنٌ تولد فيه النساء
محمّلات بسلسلة من أسماء الذكور
الأب والجد وجدّ الجد
وحتى راعي إبل القبيلة إن شاء الحظ
وكل أنـثى تُجَرَّد من اسمها
كما يُجَرَّد الميّت من الأكفان
وتموت بلا اسم بلا ذاكرة
وإن تفضّل أولي الأمر
نقشوا على شاهد القبر
حرَم فلان… ترقد هنا
والمرأة عورة حيّة وميّتة،
كما أفتى فحول الفقهاء…
أنـــا أكـرهـك يا وطني
بقدر ما بلغت في عشقك عُتيا
كم حاولت فكّ أسرار حزني فيك
وفتح طلسم خوفك القديم
كم حاولت ترتيب موروث فوضاك
ورتق تناسل جروح منفاك في دمي
ولا جدوى
وكم بكيت منك — وعليك — يا وطني…
فائزه بنمسعود
20/4/2025
@à la une