في مثل هذا اليوم 27 ابريل1897م..
إفتتاح مكتبة البرلمان الياباني الوطنية.
تأخذ مكتبة البرلمان الياباني الوطنية على عاتقها، بوصفها المكتبة الوطنية الرسمية الوحيدة، مسؤولية حفظ كل الوثائق الرسمية، وتجميع نسخ من جميع المطبوعات التي تصدر في اليابان، حيث تحفظها كجزء من التراث الفكري الوطني، وتركز على تشكيل قاعدة بيانات خاصة بها، لتمثل بهذا ذاكرة ثقافية وفكرية حية للبلاد.
وكان بناء المكتبة نتاج تجميع ثلاث مكتبات: مكتبة مجلس المستشارين (الأعيان سابقاً)، مكتبة مجلس النواب (المجلس التشريعي الوطني)، وهما المكتبتان اللتان أسستا في عام 1890. وهناك ثالثا، مجموعة المكتبة الإمبراطورية التي تأسست في عام 1872. وكانت هذه الأخيرة تضم كل الوثائق الرسمية في فترة ما قبل الحرب، وكانت لديها مجموعة شاملة من المواد المطبوعة في اليابان الحديثة، منذ فترة ميجي. ومعظم محتوياتها نقل إلى مكتبة البرلمان الياباني الوطنية، وشكل أساس مجموعتها الحالية.
ويفيد المؤرخون بأنه طالما كانت سلطة البرلمان في اليابان محدودة قبل الحرب العالمية الثانية، فإن مكتبتي البرلمان اللتين تأسستا في عام 1890 «لم تطورا المجموعات والخدمات التي تجعلهما ملحقاً حيوياً لنشاط تشريعي»، وهذا الوضع استمر إلى أن شكل البرلمان بمجلسيه في عام 1946، لجنتين تشريعيتين دائمتين لمكتبة البرلمان الوطنية.
محتويات المكتبة
تحوي المكتبة أكثر من 38 مليون مادة في جميع فروعها، وذلك وفقا لـصحيفة «اساهي شينبون». وتوفير مجموعة كبيرة إلى هذا الحد، تحقق بموجب «نظام الإيداع القانوني» الذي يوجب على الناشرين إرسال الكتب الجديدة والجرائد والمجلات وأقراص الموسيقى و«دي في دي».. وغيرها من المواد المناظرة. وتدفع المكتبة في العادة نصف الثمن، إلى جانب كلفة الشحن.
مجموعة مهمة
تزخر المكتبة بمجموعة مهمة من الوثائق التاريخية والعلمية والكتب النادرة والمواد القديمة، وهذه تنقسم على الشكل التالي:
المجموعات المتخصصة: في المكتبة ثماني مجموعات متخصصة، وهي: التاريخ السياسي والدستوري الحديث، كتب نادرة ومواد قديمة، مواد تتعلق بالفترة التي تلت احتلال اليابان، قوانين وسجلات تمهيدية، علوم وتكنولوجيا، خرائط، مراجع موسيقية، كتب أجنبية عن اليابان، ومن الأبرز بينها:
Ⅶ التاريخ السياسي والدستوري الحديث: وتتألف هذه المجموعة من حوالي 300 ألف مادة، تتعلق بالتحديث السياسي والقانوني في القرن التاسع عشر، بما في ذلك أرشيفات الوثائق الأصلية لرجال دولة يابانيين بارزين من النصف الثاني للقرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وهؤلاء من أمثال: إيتو هيروبومي، ايواكورا تومومي، سانجو سانيتومي، تيراوتشي ماساتاكي، وغيرهم من الشخصيات البارزة المؤثرة خلال فترتي ميجي (1868-1912) وتايشو (1912-1926).
Ⅶ كتب نادرة ومواد قديمة: تضم المكتبة مجموعة المكتبة الإمبراطورية السابقة من المواد باللغة اليابانية العائدة لفترة إيدو (1603-1867)، بالإضافة إلى مواد تعود إلى فترات سابقة على ذلك. والفهارس الرئيسية في هذه المجموعة تضم حوالي 6 آلاف وثيقة تتعلق بحكومات شوغونية توكوغاوا (1603-1867) وسلالة الشوغون، أضف إلى ذلك 8 آلاف كتاب مطبوع باليد أو بالروسم..
وتعود تلك الكتب إلى فترتي إيدو وميجي، وهي حول الطب الياباني: «ايتو بونكو» و«شيراي بونكو». ذلك علاوة على «شينغو بنكو» المكون من 11 ألف نموذج عن كتابات عن الفلك. وأيضا: روزنامات، أعمال صينية قديمة عن سلالة كينغ، كتابات عن التاريخ المحلي.
وضمن محتويات مكتبة البرلمان أيضا، توجد لوحات بفن الروسم لأكثر من 30 فنانا يابانيا مهما، بدءا من عام 1716. ومعروف أن هذا الفن أثر في فنانين كبار ضمن المدرسة الغربية، أمثال: فان غوخ، مونيه، مانيه، ديغا، رينوار وغيرهم.
وكان سببا في ظهور حركة فنية جديدة انتشرت في فرنسا. كما بقي هذا الفن مزدهراً في اليابان حتى نهاية القرن التاسع عشر، ثم أخذ يتلاشى مع بداية إصلاحات «عصر ميجي». ومن أهم فنانيه: كتياغاوا اوتامارو.. وغيره الكثير من المبدعين.
كما توجد ضمن الكتب النادرة في المكتبة، مراجع في مجال الرياضيات خلال فترة إيدو، بدءا من علم الرياضيات المعروف بـ«وسان» الذي تطور في اليابان قبل فترة إيدو، باستقلالية عن الرياضيات الغربية التي دخلت في فترة ميجي، بالإضافة إلى كتب نادرة كان قد بلغ عددها 1246 كتاباً نادراً و785 شبه نادر في أكتوبر 2008، منها 6 مجموعات في مجال الثقافة، و120 كتاباً صينيا، علاوة على 200 كتاب غربي.
ومن الكتب اليابانية النادرة، هناك 60 مجموعة أقوال مأثورة قديمة، وحوالي 90 كتابا مطبوعا من القرون الوسطى، مثل: كتب غوزان – بان الخاص بالديانة البوذية، وحوالي 200 مخطوطة من الفترة الهيانية (794 -1185)، المعروفة بفنونها، لاسيما في الشعر والأدب ..
حيث كتبت أقدم الروايات والمجموعات الشعرية في اليابان إلى فترة موراماتشي (1336 -1573)، فترة الشوغون، القائمة على قادة الحروب، ومن هذه الكتب النادرة هناك 110 كتب بخط اليد أو مكتوبة عليها ملاحظات بيد أشخاص بارزين، و110 وثائق تاريخية.
Ⅶ مواد تتعلق بالفترة التي تلت احتلال اليابان: هناك مجموعة على ميكروفيلم تصل إلى 30 مليون صفحة من الوثائق المتعلقة باحتلال اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. وهذه المجموعة تشمل وثائق من إعداد القائد الأعلى لقوات الحلفاء، وغيره.
Ⅶ قوانين وسجلات أولية: وهذه تتألف من حوالي 170 الف وثيقة يابانية و200 الف وثيقة بلغات أجنبية تتعلق بمداولات البرلمان الوطني والمشرعين لحوالي 70 دولة أجنبية، بالإضافة إلى القوانين والصحف ووجهات النظر القضائية والمعاهدات الدولية لحوالي 150 دولة أجنبية.
Ⅶ العلوم والتكنولوجيا: تحافظ المكتبة على مجموعة من حوالي 530 الف كتاب وكتيب ومليوني ميكروفيلم بعناوين علمية. والمواد تتضمن أطروحات دكتوراه أجنبية في مجال العلوم، ومداولات وتقارير لهيئات علمية، وفهارس بشأن المواصفات الفنية، وغيره.
Ⅶ الخرائط: تضم المكتبة 440 ألف خريطة لليابان وغيرها من الدول، بما في ذلك خرائط طوبوغرافية وجيولوجية وهيدرولوجية تعود إلى أوائل فترة ميجي، وخرائط طوبوغرافية لدول أجنبية.
Ⅶ الموسيقى: تضم المكتبة كل التسجيلات الصوتية المصنوعة في اليابان، وتحوي حاليا مجموعة تتألف من 300 ألف أسطوانة فينيل، و200 ألف قرص مضغوط.
Ⅶ كتب أجنبية عن اليابان: بناء على التقليد الذي أسسته المكتبة الإمبراطورية سابقاً، فإن المكتبة تجمع مواد بلغات أجنبية عن اليابان، بما في ذلك وثائق نادرة وقديمة، مثل تقارير للمفوضين الأوروبيين الذين زاروا اليابان في القرن السادس عشر.
تطوير شامل
للمكتبة فرعان رئيسان: المكتبة الرئيسة في طوكيو، ومكتبة كانساي – كان في كيوتو التي افتتحت في عام 2002، بالإضافة إلى حوالي 27 فرعاً في أنحاء اليابان. وتخضع حالياً لعملية تحويل إلى مكتبة رقمية. كذلك عمدت، أخيرا، إلى توفير موقع الكتروني مفصل، باليابانية والإنجليزية. وقاعدة بياناتها على الإنترنت تتألف من:
فهرس، مكتبة رقمية لفترة ميجي (وهي نتاج مشروع طموح لوضع المجموعة الكاملة لكتب فترة ميجي: ما يصل إلى 60 الف مجلد على ميكروفيلم)، قاعدة بيانات للكتب النادرة (وهي مجموعة من صور رقمية لحوالي 37 الف كتاب مع صور لما قبل فترة ايدو)، محاضر اجتماعات البرلمان الإمبراطوري والبرلمان الوطني.
تسلسل زمني لقصة التطور
Ⅶ أنشئت أول مكتبة في اليابان في قصر الأمير شوتوكو (574 -622).
Ⅶ أدى إصدار قانون «تايهو» للتنظيم الإداري عام 703 إلى تأسيس أول مكتبة أرشيفية لليابان.
Ⅶ أوجدت المدارس التي تمولها الأرستقراطية خلال فترة نارا (710-794) مكتباتها الخاصة، المعروفة باسم «كوجي بنكو»، وتحوي الكتب المقدسة البوذية، والكلاسيكيات الصينية، والسلالات العائلية والتواريخ المحلية.
Ⅶ مكتبات «بوكي بنكو» في فترة القرون الوسطى (منتصف القرن الثاني عشر حتى السادس عشر) عكست طغيان طبقة المحاربين. وأشهرها تأسس في عام 1275، ويحافظ عليها اليوم في متحف كاناجاوا للتاريخ الطبيعي في مدينة يوكوهاما.
Ⅶ كانت «اشيكاغا بنكو» مكتبة بارزة عندما أسست في عام 1439.
Ⅶ والمكتبات التي أنشئت خلال فترة ايدو (1600-1868) تتضمن مكتبة أسستها عائلة مايدا، وأخرى مجمعة من قبل ايتساكا بوكاساي (1578-1655). ومجموعة كتب جمعت في ايدو (طوكيو حاليا) من قبل شوغون توكوغاوا (1603-1867).
Ⅶ في عام 1872، تم بناء أول مكتبة عامة حديثة في اليابان في طوكيو.
Ⅶ في عام 1892، تم تأسيس رابطة المكتبات اليابانية.
Ⅶ عام 1948 تأسست مكتبة البرلمان الياباني الوطنية التي تشكل النظير الياباني لمكتبة الكونغرس الأميركي.
الهزيمة في الحرب العالمية مهدت لإنشاء المكتبة الوطنية العامة
يعود إنشاء المكتبات في اليابان إلى القرن السابع الميلادي في عهد الأمير شوتوكو (574-622 م)، كما أن تأسيس أول مكتبة أرشيفية لليابان كان بموجب قانون «تايهو» للتنظيم الإداري الصادر في عام 703 م، ومنذ ذلك الحين توالى إنشاء المكتبات على مدى التاريخ الياباني من جانب النخب السياسية.
وأنشئت المكتبة العامة الأولى، الحديثة، في طوكيو عام 1872، غير ان اليابانيين لم يؤسسوا مكتبة وطنية تخدم المشرعين وعامة الناس، إلا في 1948، وذلك في فترة تعد متأخرة نسبياً عن باقي الدول المتقدمة، ويقول الباحثون إن قبول اليابانيين ببناء مكتبة وطنية عامة كان بطيئا..
وجاء بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، لأن التقليد السائد كان يقضي أن تكون المكتبات ملكيات خاصة. والكاتب الياباني فوكوزاوا يوكيتشثي (1835-1901) الذي شارك في بعثة الشوغون إلى الولايات المتحدة عام 1869، وإلى أوروبا سنة 1862، كتب عن الثقافة الغربية بشيء من الاستغراب، قائلاً، إن المكتبات في الغرب كانت مفتوحة للجميع بمعزل عن المكانة الاجتماعية.!!!!!
