الروائية و الناقدة اللبنانية د.هدى عيد تكتب عن الشاعر التونسي البشير عبيد
تندرج المقطوعة للشاعر التونسي البشير عبيد في باب الشعر الحديث، حيث تتخلّى الكتابة عن الإيقاع الخليلي لكنها تحتفظ بالموسيقى الداخلية واللغة الرمزية. يبرز تشظٍ مقصود في المعاني، يعطي إحساسًا بالتيه، لكنه يعكس بدقة ما يعيشه المتكلم. خاصّ الثيمات:يتمحور نصك في موضوعة السّفر داخليا وخارجيا؛ فالمبتدى ارتحالٌ من اللاذقية إلى سمرقند: هما فضاءان جغرافيان ممتدان يضمران دلالة رمزية، الأول يطلّ على البحر، والثاني في عمق آسيا حمّل للتاريخ، ما يجعل الرحلة هروبا أو بحثا عن المعنى، الحنين والهويّة. اللغة والصور الشعرية، اللغة مشحونة بالإيحاء، والعبارات محمّلة بدلالات ثقافية وتاريخية: إخضرار العشب عند مفترق الفصول” صورة طبيعية لكنها مشبعة بالتحول والانتظار/الرجل الهزيل يُباغت المعنى بتأويل المفردات” تعبير فلسفي يمزج بين الهشاشة الجسدية والدهاء العقلي، وكأنه يُشير إلى قدرة الإنسان على تجاوز الواقع بالتأويل/ تنتظر البيان الأخير” صدى سياسي واضح، يوحي بحالة ترقّب جمعي، وانتظار لحظة حاسمة. البعد الرمزي” العشاق من الأقاليم البعيدة” قد يكونون رموزًا للأمل أو التغيير أو حتى الثورة./ “حكم الأجداد” يتقابل و”بيان أخير” الصراع بين الموروث والمنتظر، بين المأمول والمرتجى.
من اللاذقية إلى سمرقند
تاخذك الخطى منفردا بالحنين
و إخضرار العشب عند مفترق الفصول
الدروب عصية على النسيان
هنا ٫ قبل مجيء العشاق من الأقاليم
البعيدة
صار بامكان الرجل الهزيل ان يباغت
المعنى بتاويل المفردات
ستبقى الحناجر تطلق حكم الأجداد
و أجساد الحشود في الساحات
تنتظر البيان الأخير
(مقتطف من قصيدة طويلة)
البشير عبيد / تونس