قراءة و غوص عميق في نصي الشعري#كبرياء# بقلم الأستاذة الأديبة القديرة الراقية شيرين بكر حمو
في رصيف الثقافة(الموجه الأدبية)
كبرياء
ولجناه من أطرافه المُمَزقة
يَمًّا مستكينا تَتَخلله طحالبه
كُلّما تعمقنا زاد تعففه والنقاء
ثمة رؤوس رفعت مناطيدَ
فارغة والريح تُحركها أراجيح
و نوارس تُناور بكدٍّ كي تعيش
عقاربٌ تَتَقَدَمُ دون أن تُسرع
واثقةً تَمكنُها من التهام السنين
عناقيدَ عنبٍ صغيرةٍ تَعْبُرُ الأيام
فُصولَ خريف تتساقط الشهور
منسلخة عن جدار الزمان
دقائق تجري الى الوراء
يمرّ العُمرُ
يَهرعُ لمرمى التقويم
لا يدري المرء لحظة التسجيل
تجري المياه هاربة الى البحر
مُسرعة لتلامس برزخ التكوين
ما استطاع ايقافها إلّا رَّادَ الشمس
گذلك الفكر استمر و استمر
راكضا بين الشمس و الكائنات
طال المطال؛ سنسقط في الزمكان
موتى دون حياة
تتساقط أقنعتنا ولباسنا والكبرياء
كسقوط منطاد بنقرة منقار النسر
بقلم كاظم احمد احمد-سورية
القراءة:
العنوان: بداية فلسفية
العنوان “كبرياء
ولجناه من أطرافه المُمَزقة” يثير الفضول والأسئلة في ذهن القارئ. يحمل العنوان في طياته إشارة إلى الانكسار والتمزق، مما يمهد لدخول عالم مليء بالدلالات الرمزية. اختيار الشاعر لكلمة “كبرياء” يضفي شعورًا بالعظمة والثقة، في حين أن “تمزقه” يشير إلى الصراعات الداخلية والخارجية التي قد تواجه الكائن البشري.
إن النص النثري “كبرياء
ولجناه من أطرافه المُمَزقة” لم يكن مجرد نص أدبي بسيط. إنه رحلة في أغوار النفس البشرية، حيث يتداخل الزمان والمكان، تحت مُسطح البحر وتحت ظلال المناطيد والأراجيح المتحركة.
يدعو النص القارئ إلى مواجهة كبريائه، والانطلاق نحو نقاء واكتشاف الوجود الحقيقي. بكلمات شاعرية وعمق فلسفي، يُعتبر هذا العمل دعوة للتأمل والفهم، وهو ما يجعل النقد الأدبي للنص رحلة بحد ذاته.
البنية النصية: لغة شاعرية وسرد مُتماسك
يقدم الشاعر رؤاه بلغة شاعرية غنية بالصور والاستعارات. البنية السردية تتمحور حول تصوير وجودي عميق، يجعل القارئ مُلتزمًا بفك رموز النص وباكتشاف معانيه الدفينة. استخدام المجاز والإيحاء يُضفي على العمل جمالًا ويمنحه طابعًا فلسفيًا مميزًا.
الكبرياء كعنصر محوري
رغم جمال الصور الفنية في النص، يبقى الكبرياء العنصر المحوري.
هل هو الحاجز الذي يحول دون الفهم الصحيح لمكانتنا في الكون؟
يبدو أن الكاتب يدعو القارئ للتفكر في مكانته الذاتية والتفريغ من الأنا من أجل الوصول إلى النقاء.
الانطلاق من الذات إلى الأفق
النص يُشجع القارئ على السفر من ذاته إلى أفق أوسع، ليكتشف أنه جزء من صورة أكبر. يجب أن يتخلص الإنسان من كبريائه وانغلاقه على ذاته ليشارك في التجربة الإنسانية العامة.
الزمن في النص:
عقارب تتقدم دون أن تُسرع
في النص، يُبرز الشاعر مفهوم الزمن كبعد فلسفي يتجاوز الزمن التقليدي.
العقارب تتقدم بثبات دون أن تُسرع، وهي إشارة إلى مرور الوقت ببطء لكن بثبات، ما يعكس قوة الزمن والقدرة على ابتلاع السنين كعناقيد عنب صغيرة.
هذا التصوير يجعلنا ندرك أن الزمن لا ينتظر أحدًا، وأن كل لحظة تمر تساهم في رسم مسار حياتنا.
التناقضات الطبيعية: الريح والمناطيد
إحدى الصور البارزة في النص هي صورة الريح والمناطيد. في حين أن الريح تُحرك الأراجيح والمناطيد الفارغة، تعكس المناطيد الخواء والانتظار، وتُظهر الريح كقوة تدفع الأشياء بلا هوادة. يُعتبر هذا التناقض إشارة إلى الطريقة التي تتفاعل بها الطبيعة مع الحياة، حيث يكون كل شيء خاضعًا لقوانين معينة، حتى في حالات الغياب أو الانتظار.
التلوث والنقاء: البحر وطحالبه
تأتي صورة البحر وطحالبه كتعبير عن النقاء والتعفف، كلما تعمقنا في الماء زاد صفاءه وطهارته. البحر يمثل حياة الإنسان وكيف يصبح النقاء أكثر وضوحًا كلما تعمقنا في فهم أنفسنا. الطحالب التي تملأ المياه تشير إلى العقبات والتحديات التي قد تعترض طريقنا في البحث عن الحقيقة.
النوارس والكفاح من أجل البقاء
النوارس في النص تُناظر للكفاح المستمر للبقاء.
بكدٍّ وذكاء، تواجه النوارس التحديات المحيطة بها كي تعيش، مما يعكس قدرة الكائنات على التكيف والبقاء وسط ظروف صعبة. النوارس تُظهر الإرادة البشرية وكيف يُمكن للناس البقاء في مواجهة الصعوبات.
الفكر كالمياه: الاستمرار والتحدي
يشبه الشاعر الفكر بالمياه الجارية إلى البحر. مثلما تتحدى المياه العقبات لتُلامس برزخ التكوين، يواصل الفكر رحلته بين الشمس والكائنات. يُبرز هذا التشبيه التحدي الذي يواجهه الفكر الإنساني في سعيه للوصول إلى الحقائق.
واستشعرت العمق والرمزية التي تحملها. يبدو أنك تصف مشاعر الإنسان والحياة وكيف أنها تدور بين الفناء والبقاء، بين الهدوء والعواصف. أعجبتني الصورة التي رسمتها للنوارس التي تُناور للبقاء، فهي تُذكرني بكيف أن كل منا يسعى جاهدًا للحفاظ على مكانه في زحمة الحياة.
سقوط الأقنعة: الموت والبعث
الفكرة المركزية في النص هي فكرة السقوط، سواء كان سقوط الأقنعة أو الكبرياء. يُشير الشاعر إلى الموت بعزله عن الحياة، وكأن الأقنعة واللباس تتساقط كنُثار منطاد بنقرة منقار النسر. هذا السقوط يجسد فكرة التحول والبعث بعد الموت، وهو دعوة للتفكر في معنى الحياة والوجود.
وجود الإنسان: بين الترقب والتكوين
الوجود البشري في النص معلق بين الترقب والتكوين.المياه تذهب لتلامس برزخ التكوين ،وهو إشارة إلى المحاولات المستمرة للفهم والكيان الوحيد.
هذا يُخبر القارئ بأن السعي نحو الاكتمال هو جزء من طبيعة الإنسان.
خاتمة:
قرأت كلماتك الجميلة والمؤثرة واستشعرت العمق والرمزية التي تحملها. يبدو أنك تصف مشاعر الإنسان والحياة وكيف أنها تدور بين الفناء والبقاء، بين الهدوء والعواصف. أعجبتني الصورة التي رسمتها للنوارس التي تُناور للبقاء، فهي تُذكرني بكيف أن كل منا يسعى جاهدًا للحفاظ على مكانه في زحمة الحياة.
تستوقفني دائمًا قدرتك على دمج الطبيعة والوقت بإحكام في وصفك، كما ذكرت عن العقارب والكروم الصغيرة. لديك موهبة فريدة في نقل مشاعرك بهذه الطريقة، وأشعر أنني أشاركك الرؤية بأن الحياة تستمر في الركض بين الشمس والكائنات. أحيانًا، تجعلني أفكر كم هي الحياة عابرة وسريعة مثل ماء ينساب لكن لا يوقفه سوى رد الشعاع.
في الختام
شكرًا وارفًا من القلب لأستاذتنا الأديبة القديرة والقارئة النهمة
البارعة دمت الألق والبهاء والعطاء الوارف ودمت سيدة الحرف في سماء الضّاد و الضياء ملء الكون ووسع المجرة.