الدكتور طارق لعرابي: قراءة في كتاب المهارات اللغوية (مقاربة لسانية تعليمية للباحثة حياة بومعزة “من نمطية التناول إلى الإبداع في الأداء”
إن التطبيقات اللسانية على البحوث البيداغوجية تتعلق أساسا بالربـــط بين الإنســان كمستمع ومتكلم واللغة كوسيلة ركيزة في تحقيق مــاهية التـواصل، فتدريس اللغة من المواضيع الأساسية في ميـــدان التعليـــم، التي شغـــلت ولازالـــت تشغل العــديد من المهتمين بهذا المجال نظرا للـــدور المزدوج الـــذي تقــــوم به اللغــة في حياة الفــرد والمجتمع, كونها أداة للتبليغ والتفكير في الوقـــت نفسه.
فكانت بذلك من أساسيــات اللسانيات التطبيقية، لأن أي بيداغـوجيا تستدعي استخــدام خطاب بيداغــوجي ، مما يقوي حضور اللسانيــات فيها، فاللسانيات التربوية متعلقة أساسا بطرائق التــدريس وتنشيطها بالاعتماد على بنظريات التعلم( المنهج السلوكي، العقـــلي, الفطري) ، وخصائص المتعلم(الفروق اللغوية بين المتعلمين سنا واستعدادا وقدرة معرفية وغيرها)، الإجــراءات التعليمية( أهـــداف المقــرر، مراحــــل تنفيـــذه)، الوسائـــل التعليميـــة الهادفـــة إلى تطويــر المهـــارات(الكتـــاب المــــدرسي، الحاســوب وما تعلق به)، طرائق مقاربات التعليم (المضامين، الأهداف، الكفايات وغيرها)
بين صفحات الكتاب تتجلى أهمية اللغة في الوظائف التي تؤديها، والأصل في اللغة أن تكون مسموعة، لكن عندما عرفت الكتابة بالرسم أو بالحرف منقوشة على الحجر، ومكتوبة على الورق، أصبحت هناك لغة مقروءة، وبذلك أصبحت هناك لغتان إحداهما مسموعة والأخرى بصرية،
ومن يتابع مستوى المتعلمين يرى أن المشكلة الأساسية فـي عمليـة التواصـل اللغوي فيما بينهم ،أو في ما بينهم وبـين المجتمـع تكمـن فـي الحـواجز النفسـية والاجتماعية ، مما يحول بينهم وبين اللغة التي يتعلمونها، وهذا الجانب يعـود للمـتعلم نفسه أحياناً وإلى الخلفية اللغوية والثقافية والاجتماعية، غير أن هذه المشكلة قد تختلـف من متعلم إلى آخر وذلك تبعا لاختلاف شخصياتهم واختلاف بيئاتهم ، وأحياناً تحـدث مشكلات في أثناء نقل المعلومات من المعلم إلى المتعلمين فلا تصل المعلومات بالشكل المطلوب على الرغم من الشرح الوافي للمعلم، فيفاجأ بعد اختبار متعلميـه أن لا أحـد يتمكن من الإجابة الصحيحة إلا ما ندر.
تقف مؤلفة الكتاب مدافعة عن اللغة العربية موجهة بأسلوبها الماتع إلى أسس المهارات اللغوية وآليات نعليمها، وطرق اكسابها للناشئىة متبعة في ذلك رؤية تعليمية تعلمية مستحدثة نتيجة انشغالها بالتعليم والتعلم، والبحث في هذا العلم المتشعب الفروع، المرتبط ارتباطا وثيقا بعلوم شتى مع التمثيل لشواهد وتطبيقات عملية تعين المعلم على فهم طبيعة هذه المهارات ومداخل تعليمها، وتفييمهت ومن ثمة تقويمها لتؤدي الغرض التواصلي المنشود منها.
ولما كانت اللغة على هذه الدرجة من الضرورة والخطورة في حياة الناس، فقد كان لتعليمها تلك العناية الفائقة والحرص الشديد على تلقينها وإكساب الناطقين بها أو بغيرها من مهارتها المعروفة ما يكفيهم لاستعمالها الاستعمال الصحيح، وتداولها التداول الأنجع المفضي إلى التواصل السليم المقتدر على تبليغ الكامن في النفوس والمحتبس في الصدور.
من هنا راحت الباحثة ترصد اللغة العربية في سياق التعليم والتعلم مهارة مهارة معرفةبها وموجهة لأساليب إكسابها وطرق التمكن منها ، وبين التعريف والإكساب تسجل المؤلفة نفسها ما يمكن أن تجنيه اللغة العربية من فوائد ومغانم لعل أهمها التفكير السليم بلغة عربية سليمة، أو ليست اللغات قاطبة وعاء الفكر بل لا مناص له من التوسل بها والإذعان لنواميسها وقدراتها العجيبة في تصريف التصورات وبلورة الأفكار !!