في مثل هذا اليوم 2 مايو 1519م..
وفاة ليوناردو دا فينشي Leonardo Da Vinci..
يعتبر النموذج المثالي الذي يمثل عصر النهضة بسبب مؤلفاته حيث أنه قام بتاليف ثلاثة كتب: الأول عن فن التصوير الزيتي والذي يعرف حاليا باسم “نظرية التصوير”، والكتاب الثاني عن التشريح والكتاب الثالث في الميكانيكا، ولكن الكتاب الثاني والثالث مفقودان الآن ولم يصل لنا منهما سوى بعض الصفحات، أما كتاب “نظرية التصوير” فهو متوفر في جميع أنحاء العالم بجميع اللغات، ويظهر في هذا الكتاب مدى حب الفنان العبقري ليوناردو لفن التصوير الزيتي ونلاحظ ذلك في الفقرة 8 من هذا الكتاب وهي بعنوان “من يحط من قيمة التصوير، لا يحب الفلسفة ولا الطبيعة” والفقرة رقم 9 بعنوان “المصور سيد كل أنواع الناس والأشياء”.
ليوناردو دي سير بيرو دا فينشي (بالإيطالية: Leonardo da Vinci) (14 أو 15 أبريل 1452 – 2 مايو 1519) هو فنان ومخترع إيطالي كثيرُ المعارف عاش في عصر النهضة، ويشتهر بإنجازاته العلمية واختراعاته وبأنه كان رسامًا ونحاتاً وأديباً ومعمارياً وموسيقياً ورياضياتياً ومهندساً وفلكياً وجيولوجياً ونباتياً وإحاثياً وخرائطياً. ويقالُ عنه أنه أبُ الهندسة المعمارية وعلم الإحاثة (أي المتحجرات أو الأحياء القديمة)، ويعدّه الكثيرون أعظم رسَّام في التاريخ، ولو أن قلَّة من رسوماته تبقى في زمننا الحاضر.
وُلِدَ ليوناردو دا فينشي لأبوَيْن غير متزوِّجَيْن قانوناً، وكان والده بيرو دا فينشي كاتب عدل وأما والدته كاترينا ففلاَّحة، وعاش كلاهما في بلدة فينشي بإقليم توسكانا، وهي بلدةٌ في جمهورية فلورنسا آنذاك. تلقَّى ليوناردو تعليمه في مرسم فنَّانٍ إيطالي ذائع الشهرة حينئذٍ، وهو أندريا دل فروكيو، وانتقل فيما بعد إلى مدينة ميلان فأمضى فيها جُلَّ شبابه بخدمة الدوق لودوفيكو سفورزا، ثُمَّ انتقل منها إلى روما وبولونيا والبندقية، وعاشَ الأعوام الثلاثة الأخيرة في حياته بفرنسا وتوفَّته المنيَّة فيها سنة 1519.
ينالُ ليوناردو دا فينشي جُلَّ شهرته من الرَّسْم، فأشهرُ لوحاته هي الموناليزا، وهي -كذلك- أشهر لوحة لشَخْصٍ رُسِمَت قط، وأما العشاء الأخير فهي أكثرُ لوحةٍ دينية أُعيدَ رسمُها في التاريخ كافّة، وللوحة الرجل الفيتروفي قيمة أيقونية تعرفُ بها في شتّى الأنحاء. وبيعت لوحة سالفاتور مندي بمبلغ قياسي في 15 نوفمبر سنة 2017 هو 450.3 مليون دولار أمريكي في مزاد كريستيز العَلَنِيّ، وهذا أعلى ثمنٍ بيعَ لقائه عمل فني في التاريخ أجمَعْ. ولما تركهُ دا فينشي من لوحاتٍ و رسوماتٍ تخطيطية ومذكّرات وكتيّبات شخصية قيمة فنيَّةٌ هائلةٌ، وخصوصاً لما فيها من رسومٍ علمية ومسودّات وأفكارٍ عن كينونة الرَّسْم، ولما تركهُ فيمن بعده من الفنَّانين أثرٌ لا يعدلهُ فيه إلا مايكل أنجلو.
لم يَنَلْ دا فينشي تعليماً أكاديمياً خلال حياته، على أنَّ الكثير من المؤرِّخين والباحثين يرونَ فيه مَثَلاً أعلى لنبوغه بشتّى المجالات ولحمله روح “رجل عصر النهضة” ولفضوله النَّهِمِ ولخياله المُتيَّم بالابتكار، فيشادُ به على أنَّه من أكثر من تعدَّدت مواهبهم في تاريخ البشرية، وتقول مؤرّخة الفن هيلين غاردنر أنَّه لم يسبقهُ إنسانٌ في تعدّد مواهبه وعمقها، “فيبدو عقله وشخصيته غير بشريَّيْن لنا”. ويرى الباحثون أن نظرة دا فينشي إلى العالم كانت مبنيَّة على أساس المنطق الرَّاسخ.
تحظى اختراعات دا فينشي العلمية باحتفاءٍ كبير، فقد وَضَعَ في فترة حياته مُخطَّطاتٍ لآلات حديثة كثيرة منها آلة طيران ومركبةٌ مُدرَّعة للقتال ولاقطٌ للطاقة شمسية وآلة حاسبة وبدن مزدوج للسّفن، ولم يُبْنَ من هذه الاختراعات في زمنه إلا قسمٌ قليل بل إنَّ بناء معظمها لم يكُن ممكناً حينذاك، إذ كان المنهج العلمي في الهندسة وسَبْك المعادن ما يزالُ في مَهْدِه. على أن ثُلَّة من اختراعات دا فينشي البسيطة ظهرت في المصانِعِ أثناء عصر النهضة وحقَّقت نجاحاً جمّاً، ومنها مغزلٌ مُؤَتْمَت وآلة تؤدّي اختبار الشد (للتحقّق من احتمال الأسلاك)، كما ينسبُ إليه اختراع المِهْبَطَة أو المِظلَّة والمروحية والدبابة، ولهُ اكتشافاتٌ كبيرة في علم التشريح والهندسة والجولوجيا والبصريَّات وجريان الموائع، لكنَّ جُلَّ هذه الاكتشافات لم يكُن لها أثرٌ يذكرُ على تطوّر العِلْم لأنها لم تُنشَر قطّ.
أطلقت إيطاليا على 2019 اسم “عام دا فينشي” لأنه يوافق مرور الذكرى الخمسمائة على وفاته. وأُقِيمت بهذه المناسبة احتفالات في المعارض الفنية وعروض مسرحية وأفلام سينمائية في بعض المدن الإيطالية مثل روما وميلانو وفلورنسا، وكذلك احتفالات في بعض المدن الأوروبية مثل باريس.!!