في مثل هذا اليوم4 مايو1984م..
وفاة حافظ جميل، شاعر ومدرس ومترجم عراقي.
حافظ بن عبد الجليل بن أحمد آل جميل (1326- 1405 هـ / 1908- 1984م) شاعر عراقي لقّب بأبي نواس بغداد أو أبي نواس القرن العشرين، يعد من أعلام الشعر العربي في القرن العشرين ولد وتوفي في بغداد.
ولد حافظ بن الشيخ عبد الجليل بن أحمد بن عبد الرزاق بن خليل بن عبد الجليل بن جميل في بغداد من أسرة آل جميل العريقة المحافظة الشامية الأصل، التي جاءت إلى العراق واستوطنت بغداد، ونشأ في بيئة محافظة.
تلقى تعليمه قبل الجامعي في مدارس بغداد، ودرس علوم العربية على أبيه الشيخ عبد الجليل، وعلى بعض أعلام الأدب، منهم منير القاضي، وقرض الشعر صبيًّا حين أصدر (الجميليات)، وهو لا يزال على مقاعد الدراسة الثانوية. لكنه لم يكد يبلغ السابعة عشرة من عمره حتى شدَّ الرحال إلى بيروت التي أثَّرت فيه كثيرًا، فالتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت، وأنشأ مع زملائه فيها (دار الندوة)، كانوا يجتمعون حينًا بعد حين فيشتركون في نظم قصائدَ شعرية معًا، ويوقعونها بأسماء مستعارة؛ فاختار زميلهم الفلسطيني إبراهيم طوقان لقبَ (العباس بن الأحنف)، واختار زميلهم الحمَوي وجيه البارودي لقب (ديك الجن)، واختار زميلهم البيروتي عمر فروخ لقب (صريع الغواني)، أما حافظ جميل فاختار لقب (أبي نُواس). وكان زميلهم نديم بارودي يدوِّن وقائع الجلَسات، فلقَّبوه بـ (الأصمعي) لأنه كان يروي أخبار الشعراء. ودرس التاريخ الطبيعي في كلية العلوم وتخرج فيها عام 1929.
عُيِّن مدرسًا في الثانوية المركزية ببغداد، ثم في دار المعلمين الابتدائية، ثم تنقَّل في وظائفَ إدارية، إلى أن تقاعد وهو مفتش عام في البريد. كان عضوًا مؤسسًا لاتحاد المؤلفين والكتَّاب العراقيين. منحه لبنان وسام الأرز عام 1960، وأقيم له حفل تكريمي في بغداد عام 1975.
تفاصيل حياته
وهاهنا ندعه يفصِّل أكثر عن نشأته (في لقاء أجراه الصحفي الراحل رشيد الرماحي ونشر عام 1977م في جريدة ألف باء) يقول الرماحي: «قال لي: إنه منذ عام 1963 أجريت له ثلاث عمليات جراحية في كلتا عينيه، وقبل عام من الآن فقد اليسرى تمامًا، واستعان بعدسة لليمنى كي تساعدَه على القراءة والكتابة. ونظرًا لتدهور صحته فقد بَرِمَ بالحياة وأصبح يشكو، وهو يردِّد مطلعَ آخر قصائده.. أعني فليس الرز هينا لاصبرا ودع عبرتي منهلاً لتعبيرا أبى الله إلا أن يدب بي الفنا وتبلى عظامي قبل أن أسكن الثرى».
«حافظ جميل الذي نظم أكثر من 200 قصيدة خلال نصف قرن نشرت فيه خمسة دواوين معظمها أصبح مفقودا الآن.. بدأ في الغزل وانتهى متصوفا بسبب حبه الأول لقصيدته الوجدانية الأولى وكاد يطرد من الجامعة وهو شاب في الثامنة عشرة من العمر..عندما سمع الرصافي القصيدة تنبا له بأن يكون شاعرا كبيرا في العراق مستقبلا.. ويوم قرأها على شوقي رشحه خليفة له فيما قال آخرون عن شعره إنه يجمع بين ديباجة المتنبي وفلسفة المعري.. ثائر بأربعة شعراء في مقدمتهم أبو نؤاس الذي يخالفه في خمرياته المجونية بعكس دعوته هو للتوبة والغفران من خلال كاس الخمر».
«ولدت في محلة قنبر على سنة 1908 درست الابتدائية في مدرسة السلطاني إبان الحرب العالمية الأولى وبعد سقوط بغداد دخلت المدرسة الحيدرية وكان مديرها يومئذ المرحوم عبد المجيد زيدان وفي هذه المدرسة كنت على موعد مع الشعر والحب معا.. اتجهت إلى الشعر عن طريق الحفظ والإلقاء أمام طلاب ليصفقوا لي، دخلت الثانوية عام 1921 وبعد عامين أصدرت ديواني الأول الجميليات وكانت قيمته روبية واحدة ولا أنسى هنا جهود أستاذي المرحومين طه الراوي ومنير القاضي في تصحيح بعض أبيات ديواني الأول، وفي سنة 1925 التحقت بالجامعة الأمريكية ببيروت (الحديث ما زال للشاعر جميل) وتعرفت خلال سني دراستي على طلبة ينظمون الشعر منهم المرحوم إبراهيم طوقان ود. وجيه البارودي.د. عمر فروخ.. كنا أربعة ننظم قصائد مشتركة حتى تجمعت على شكل ديوان سميناه (الديوان المشترك) ولكنه فُقِد ولم يطبع مع الأسف الشديد».
شعره
له خمسة دواوين:
«الجميليات» (جـ1) – مطبعة دار السلام – بغداد 1924 (قدم له أستاذه منير القاضي)
«نبض الوجدان» – مطبعة الرابطة – بغداد 1957 (قدم له خالد الدرة، صاحب مجلة الوادي البغدادية)
«اللهب المقفى» – دار الجمهورية – مطبوعات وزارة الثقافة والإرشاد – بغداد 1966 (قدم له منير القاضي وبدوي طبانة)
«أحلام الدوالي» – مطبعة الأديب، منشورات وزارة الإعلام – بغداد 1972
«أريج الخمائل» – منشورات وزارة الإعلام، بغداد 1977 (قدم له عبد الرزاق محيي الدين).
ينداح الشعر الوطني عنده ليشمل التاريخ والسياسة والغناء لبغداد، وتمتد خمرياته لتتسع لذكريات شبابه وأسى شيخوخته وقلقه على مصير شعره. يتجلى في كل إبداعه خصوصية شعوره وشجاعة مواقفه واعتزازه بذاته، وإنه وإن التزم بالموزون المقفى فقد كانت لغته، وصوره، وإيقاعاته.. أقرب إلى دعوات التجديد، وإن قصائده الخمرية لتؤكد قدرته على أن يبدع في الموضوع المطروق حتى يتجاوز المألوف.
أعماله
ترجم إلى العربية كتاب: «عرفت ثلاثة آلاف مجنون» – تأليف فكتور آرسمول – عن الإنجليزية، بالاشتراك – مطبعة التفيض الأهلية – بغداد 1944.
وفاته
وتقدم بالشاعر العمر وخرج على التقاعد وعاش شيخوخةً هادئة إلى أن توفي عن عمر يناهز الثمانين عامًا في بغداد، يوم الجمعة 4 مايو (أيار) سنة 1984، ودُفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي إلى جانب والده الذي توفي سنة 1957، وقد نُشر خبر وفاته في جريدة الجمهورية ورثاه كثيرٌ من الشعراء.
منهم كاظم الخلف في قصيده طويله قال فيها:
ماذا أقولُ وكيف يُفصِحُ قائِلُ
وأمامَهُ رَبُّ الفصاحةِ ماثِلُ
حاولتُ أبياتًا تَليقُ بقَدْرِه
وأتَيتُ أنقلُ كيفَ رُحتُ أحاولُ!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!