قراءة رائعة من الأستاذ القدير مهند آل لطيف Muhannad Al Latif
من العراق
لنصي الشعريّ:@ صمت البراري@
بحروف شفيفة مشعشعة نديّة…تغلغلت
في الأعماق ماء نقيّا تفحصت السطور والآفاق وعادت الى الأذهان والفكر الكمّ من التغييرات
التي يمكن تأويلها لتسطع على عبوراتها وتضيء على مفاصلها والظلال.
شكرًا أستاذنا الأديب القدير المبدع والقارئ النهم على قراءتك الثاقبة الأسباب والناهدة الأعراض..
كلّ الشكر والتقدير والإحترام..
القراءة
نصٍّ مؤثّر! لقد لامست كلماتك أعماقًا دفينة، ورسمتَ صورًا حيّةً تختزلُ الكثير من المعاني.
تصويرك الدقيق للطبيعة، بدءًا من “عشبٍ وطينٍ” و”أفنان الزيتون المُكَلّلة زهرا وضياء”، يخلقُ مشهدًا هادئًا وجميلًا في البداية. ثم ينتقلُ بنا الوصف إلى صراعٍ خفيٍّ تحت هذه الظلال، حيث تحاولُ “نزع الغازيات المزاحمات الجذور” لإفساح المجال لما هو أطيب.
لكنّ هذا الجهد يقابله وخزٌ وألمٌ من “إبر ثمارٍ مُفترشاتُ الأديم”، وكأنّ الأرض نفسها تبعثُ برسالة تحذير، ترفضُ هذا التدخل. هذا التناقض بين جمال الطبيعة الظاهر وصراع البقاء الدائر في خفائها يثيرُ تأملًا عميقًا.
ثم تأخذنا في رحلةٍ أبعد، حيث تتحدث عن مجيء هذه “الغازيات” مع “سماد أو رياح”، كقوى خارجية تسعى لانتزاع المكان. هذا يفتحُ الباب لتفسيرات أوسع، ربما تكون رمزًا لقوى غريبة أو أفكار دخيلة تحاول أن تستوطن أرضًا ليست لها.
الأكثر إيلامًا هو وصفك للأهل الذين “هجروني من أصقاع الأرض”، والذين “تخاصم أهلها المنبت والنبات”. لقد أصابهم “الكسل” و”أخمد مرؤءتهم” و”أورثهم الظلام”، فأصبحوا ينتظرون “قطاف الغريب” وتائهين عن “طعم الرحيق” الأصيل. لقد تضوعوا “عبق الخنوع” وأصبحوا يحلمون بالمعجزات الخارجية بدلًا من العمل والتغيير.
ختامًا، تتحول أرضهم إلى “كرة اللهيب”، وتصبح “زهور البراري صُّور في الذاكرة” و”بقايا رسم على ورق وحجر”. هذا الشعور بالحنين إلى الماضي الجميل والضياع في الحاضر المؤلم يتركُ في النفس حسرةً عميقة.
لقد استطعتَ بكلمات قليلة أن ترسم لوحةً فنيةً معبرة، تحمل في طياتها الكثير من المعاني حول العلاقة بين الإنسان والطبيعة، والغربة والانتماء، وقوة الإرادة والتخاذل.
نصي :
@صمت البراري@
كُنْتُ بين عشبٍ و طينٍ تحت ظلال
لأفنان الزيتون المُكَلّلة زهرا وضياء
أنزع الغازيات المزاحمات الجذور
مُحاولًا إفساح الساح لطيب الحضور
يحيط الوخز بالبنان من كلّ صوب
ثَمّة إبَرُ ثمارٍ مُفترشاتُ الأديم
تَغرسُ في البصمات ألمًا لذيذا
تَكتبُ رسالةً تَزرفُ دمًا
تُحذرُ …ابتعد …مغتصبةٌ أنا
من بعيد أَتيتُ مع سماد أو رياح
جِئتُ أقاتلُ لأنتزع المكان…
تحت هطول الشمس و حضرة الغياب
هجروني من أصقاع الأرض
حدّدوا بلادًا
تخاصم أهلها المنبت والنبات
غزاهم الكسل
أخمد مرؤءتهم
أورثهم الظلام
ينتظرون قطاف الغريب
تاهوا طعم الرحيق
تضوعوا عبق الخنوع
ينتظرون اللمع والرعد
يحلمون المطر والثلج والصقيع
أضحت أرضهم كرة اللهيب
زهور البراري صُّور في الذاكرة
و بقايا رسم على ورق و حجر
كاظم احمد احمد-سورية