المرأة السلسبيل: عذوبة ونهضة
بقلم الشاعرة عائشة ساكري_تونس
24 أفريل 2025
حين تكونُ المرأةُ سلسبيلًا،
تغدو منهلًا لا يغيض، ومصدرًا للنقاء، وهمسًا للعافية
في زمن الضجيج.
لا تشبهُ العَكر، ولا تعرف التلوّن،
هي صفاءُ الروح حين تشتدُّ العواصف.
المرأةُ الصالحةُ للأمّةِ سلسبيلٌ،
نبعُ الطُّهرِ، وضياءُ الدروبِ حين يعمُّ الظلام.
تحيّةٌ لكلّ امرأةٍ سلسبيلٍ في أوطاننا،
تغرسُ المجدَ في تربتها، وتنهضُ بالأمّةِ من سباتِها،
نحو ضفافِ العلياءِ والكرامة.
امرأةٌ بحجمِ الحياة،
ليست كمن تتزيّنُ للعيونِ وتخفي خواءَها خلفَ الأقنعة،
بل هي جوهرٌ أصيلٌ، لا يبهتُ، ولا يصدأُ مهما امتدَّ الزمن.
هي الدُّرّةُ المصونةُ بتقواها،
وفي طُهرِها تلوحُ ظلالُ الخنساء،
بلسمٌ للجراحِ العميقة،
ونبعُ عطاءٍ يفيضُ دون حساب.
حياءُها زينتُها، ووقارُها رايةُ عزّها،
إذا أقبلت، أضاءتِ الأكوانَ كبرقٍ لا يخفت،
صبرُها تاجٌ في وجهِ المحن،
وكلامُها نقشٌ من كبرياءٍ وعزّة.
وإن سُكِبَ عليها الوجع،
حملتهُ بضياءِ الإيمان،
وصارتْ قُدوةً في الأملِ رغمَ البلاء.
هي قوسُ قزحٍ في سماواتِ الكدر،
تبشّرُ بانبلاجِ الفجرِ بعد طولِ الشتات،
تسقي بعذوبتِها جذورَ الأمّةِ العطشى،
وتُزهرُ في دروبِها سنابلُ النورِ والرجاء.
صوتُها موسيقى تطربُ لها العصافير،
وفي حقولِها تنمو أناشيدُ الحياة.
هي البدرُ حين تشتدُّ الظلمات،
وإذا سكنَ الليلُ خوفٌ،
أيقظتْ نداءً لا يعرفُ الخفوت.
وإن اعتلَّ القلبُ أو عجزَ الدواء،
ففي أحضانِها دواءُ الرُّوحِ، وسكينةُ الأوجاع،
وفي البُعدِ، تنبعثُ منها رسائلُ الحنين،
وشوقٌ لا يخون، ولا يذبلُ مع الفصول.
هي فخرُ المجدِ، وعنوانُ الرفعة،
رمزُ الخيرِ، وشامةُ النساءِ بين الورود،
تبني برجَ العزِّ على أعمدةِ اليقين،
وتحارُ في سحرها عقولُ الحكماءِ.
فإن حضرتْ، تنفست الأرضُ بالحياةِ،
وإن غابت، ذرفتِ القلوبُ دمعَ الاشتياق.
فيا كلّ مسلمةٍ،
كوني سلسبيلًا، وارفعي رايةَ النورِ في الأفق،
كوني نبعًا من صفاء،
وكوني فاكهةَ الزمان،
وسيدةَ النقاء، ورفيقةَ السماء.