في مثل هذا اليوم16 مايو2003م..
هجوم إرهابي على مدينة الدار البيضاء المغربية وهو ما عرف بـ«تفجيرات الدار البيضاء».
رغم مرور اكثر من عقدين على التفجيرات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء عام 2003، فإن صفحة هذه الأحداث الأليمة، المبللة بالدموع والدماء، لم تطو بعد، ولا تزال تداعياتها تثير إلى اليوم نقاشات وسجالات حادة بالمشهد المغربي.
وتحل اليوم الذكرى الثانية والعشرون للأحداث الإرهابية التي استهدفت قنصلية بلجيكا بالعاصمة الاقتصادية وفندقا وسط المدينة ونادي “التحالف الإسرائيلي” التابع للطائفة اليهودية ومقبرة يهودية ومطعما إسبانيا، في سلسلة هجمات متزامنة بالأحزمة الناسفة.
وأسفرت هذه الضربات الإرهابية عن مقتل 45 شخصا، بينهم 12 انتحاريا، وإصابة نحو 100 آخرين، واعتقل على إثرها أكثر من 3 آلاف شخص، صدرت أحكام مختلفة بحق أكثر من ألف منهم، بينهم 17 حكموا بالإعدام.
“20 عاما من الألم”
وتحت شعار “حتى لا ننسى” تستعد الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب، لتخليد الذكرى الأليمة، مساء اليوم، أمام النصب التذكاري الذي تم تشييده لتكريم أرواح ضحايا التفجيرات، بساحة محمد الخامس بالبيضاء، وفق ما أعلنته في بيان صحفي.
سعاد البكدوري الخمال، رئيسة الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب، تقول إن الهدف من تخليد ذكرى هذه الأحداث الأليمة “يبقى حفظ الذاكرة حتى لا يتكرر ما وقع”، داعية إلى الحفاظ على “اليقظة والحذر لأن الإرهاب لا يزال بيننا، ولأن الفكر المتطرف لازال يغزو عقول المتطرفين”.
وتضيف الخمال، التي فقدت ابنها وزوجها خلال هذه التفجيرات، في تصريحات لموقع “العمق”، أن معاناة الأهالي “لا تزال مستمرة، رغم مرور 20 سنة من الألم والمعاناة بأيامها وليالها”.
“محطة فارقة”
الخبير في الشؤون الأمنية وقضايا الإرهاب والتطرف، محمد شقير، يعتبر أن تفجيرات 16 مايو شكلت “محطة فارقة في التاريخ السياسي المغربي المعاصر”، ويشير إلى أن هذه التفجيرات “كانت صادمة ومفاجئة وهزت المنظومة الأمنية بالمغرب، لقوتها وحجمها ولذلك لا تزال تداعياتها متواصلة”.
وبعد الأحداث الدموية التي استهدفت عاصمته الاقتصادية، عمد المغرب إلى وضع استراتيجيات وخطط استباقية تهدف إلى إصلاح الحقل الديني، ومواجهة الحركات المتطرفة وتجفيف منابعها، عبر عدد من الإجراءات والقرارات أملا في تجنيب البلاد حوادث مماثلة.
وفي هذا الإطار، يوضح شقير في تصريح لموقع “الحرة”، أن الرباط سعت إلى تحليل وكشف الأسباب الكامنة وراء التفجيرات، وخلصت إلى مخاطر التهميش الاجتماعي والاقتصادي والتطرف الفكري لفئات من السكان بضواحي المدن الكبرى، لتعمل بعدها على وضع تصور خاص لمواجهة الفكر الإرهابي.
ويكشف الخبير المغربي أن “الوصفة المغربية” لمحاربة الإرهاب، ارتكزت على 3 مقومات أساسية؛ أولها إصلاح وتأهيل الحقل الديني والسعي للتحكم فيه، من خلال مراقبة المساجد وضبط عمليات بنائها، وإغلاق كل المساجد غير الخاضعة لرقابة الدولة وتوحيد الفتاوى والخطب الدينية.
ويضيف المتحدث أن الرباط سارعت كذلك إلى إطلاق مشروعات اجتماعية لاحتواء أحزمة الفقر بالعاصمة الاقتصادية، وإعادة النظر في المقررات الدراسية وفي التعليم الديني بالمساجد، مشيرا إلى أن هذا التصور أدى إلى “احتواء الفكر المتطرف بشكل كبير”.
وعمدت السلطات المغربية أيضا خلال العشرين سنة الماضية إلى تبني مقاربة أمنية يصفها المتحدث بـ”الاستباقية”، تركزت على تفكيك عدد من الخلايا المرتبطة بتنظيم “داعش” و”القاعدة”، وأدت إلى استباق مجموعة من العمليات الإرهابية وإيقاف آلاف المتطرفين، بحسب بلاغات عن الأمن المغربي.
“بحثاً عن الإنصاف”
وخلال الأشهر التي تلت الهجمات الإرهابية بالبيضاء، أطلقت السلطات المغربية حملة أمنية واسعة اعتقل على إثرها آلاف الأشخاص من المشتبه في اعتناقهم للفكر السلفي الجهادي، مما أثار انتقادات حقوقية محلية ودولية على خلفية حديث عن خروق وانتهاكات شابت التوقيفات والمحاكمات.
في هذا السياق، نظمت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان بالرباط، صباح الثلاثاء، للمطالبة بـ”فتح تحقيق في أحداث 16 ماي (مايو) الأليمة وإسقاط قانون مكافحة الإرهاب وإنصاف المعتقلين بإطلاق سراحهم”.
المتحدث باسم اللجنة عبد الرحيم الغزالي، يقول إن الوقفة الاحتجاجية تأتي من أجل تسليط الضوء على “الأحداث المبهمة” التي خلفت صنفين من الضحايا بعد التفجيرات؛ وهم الضحايا المباشرين الذين لقوا حتفهم في الواقعة الأليمة، إلى جانب صنف ثاني من الضحايا، عبارة عن تيار يمثل شريحة من المجتمع المغربي يطلق عليه إعلاميا “السلفية الجهادية” تم الزج بالمئات من أعضائه في السجون.
ويبرز الغزالي في تصريح لموقع “الحرة” أن اللجنة المشتركة للمعتقلين الإسلاميين تطالب بـ”فتح تحقيق نزيه للكشف عن المدبرين الحقيقيين لهذه الأحداث”، موضحا “نحن كتيار متهم ندين هذه التفجيرات وكنا أكبر المتضررين من تداعياتها”.
وخلال الوقفة الاحتجاجية رفع أعضاء اللجنة المحتجين شعارات للمطالبة بإسقاط قانون مكافحة الإرهاب، معتبرين أن السلطات “تستغله” للزج بأبناء التيار السلفي وراء القضبان، وإبقائهم على إثره مهددين بـ”الاعتقال بسبب أو بدونه”، بحسب المتحدث باسم اللجنة.
في هذا الجانب، يوضح المتحدث ذاته، أنه بسبب هذا القانون “ليس مسموحا للأئمة المحسوبين على التيار السلفي باعتلاء منابر المساجد ولا المشاركة في القنوات العمومية لإبراز وجهات نظرنا ولا حتى النقاش مع المجالس الدينية، بشأن ما إذا كنا فعلا متطرفين أو أننا نتفق مع المذهب الديني الذي تتبناه الدولة المغربية”.
“رد فعل”
وفي المقابل، يوضح شقير أن الحكومة أخرجت قانون الإرهاب لـ”وضع الإطار القانوني المناسب لمعالجة هذه الملفات قضائيا”.
وأبرز الخبير الأمني أن طبيعة الحادثة فرضت على الأجهزة الأمنية “مواجهتها برد فعل قوي، مما دفع عدد من المتتبعين إلى الحديث عن تجاوزات”، غير أنه يلفت إلى أنه “بالنظر إلى حجم العملية وما أحدثته من صدمة، كان من الطبيعي أن تكون ردة الفعل بنفس قوة الهجوم”.
ويوضح شقير أن الحكومة المغربية واصلت الحوار والنقاش بشأن ملف المعتقلين وأثارت جميع جوانبه والظروف التي أحاطت بمحاكمة المتورطين والمشتبه بهم، وعملت بشكل منتظم على حلحلته، “حتى صرنا اليوم، نرى عددا من فقهاء السلفية منخرطا في الدفاع عن التصور الديني الذي تتبناه الدولة ومواجهة الفكر التخريبي”.!!!!!!!!!!!