ساعتي ماركة police
استيقظت وحدي هذه المرة، على عكس ما عودتني عليه زوجتي الحبيبة، إذ كانت طيلة أعوامنا السابقة تحرص أن تستيقظ قبلي، وتنسل بخفة من تحت الغطاء، وتسارع إلى مزاولة طقسها المعتاد، الذي ما تنهيه عادة بإعداد مائدة الإفطار، ثم تأتي إلي بخطى رشيقة وتوقظني..تحسست بيدي جسدها البض المتماوجة تضاريسه؛ لم تصطدم أناملي سوى بفراشٍ مبعثر، فتحت عيني لم أجدها، استدرت للجهة الأخرى، تناولت ساعتي ال ( police), كانت عقاربها تشير للثالثة فجرًا، فازدادت حيرتي؛ تراها أين ذهبت؟!
نهضت من فراشي وما إن اقتربت خطواتي من باب حمامنا؛ تنامى إلى أذني فحيح آهاتٍ مكتومة، اشتعل الشك في رأسي، فدفعت الباب الموارب، وإذ بي أتفاجأ بمشهدٍ شاب له شعري؛ منتصبة على قدميها والرجل جالس على ركبتيه، هممت أن أهرول لأحضر سكينًا واقتلهما معًا، لولا آخر نظرة استقرت في حدقتي قبل استداراتي، كانت ساعتي ال police تلمع محيطة برسغه، الذي يحيط بدوره بخصر امرأتي، وعقاربها تشير للثانية فجرا.
تسحبت على أطراف أصابعي وأنا أكتم ضحكتي الساخرة من نفسي، وحرصت وأنا اتمدد بجوارها ألا أحدث حركة مفاجئة قد توقظها.
عندما عدت من دوامي اليومي، بادرت بخلع ملابسي ثم الاستلقاء على سريري، وما إن مرت دقائق غفوت فيها، استيقظت فزعًا إثر صرخة ابني الوحيد
” شكرا شكرا شكرا يابابا، هدية جميلة”
عن أي هديةٍ يتحدث؟ أنا لم اشتر له اليوم شيئا!
إلا أن ما حدث بعدها هو ما دنا بي إلى حافة الجنون؛ الرجل ينهض جالسًا على نفس الفراش الذي أنا مستلقٍ عليه، ويحتضن ابني بحنو، والساعة نفسها يبدو بريقها، استدرت بكامل جسدي أتبين ساعتي؛ وجدتها كما تركتها قبل غفوتي ساكنة على سطح المائدة الصغيرة بجواري، التفت لهما مرة أخرى؛ لم أجد شيئا!.
لا أدري كم مضى من وقت على تلك الحادثة الغريبة، ولكني حين استيقظت هذه المرة؛ قتلتني المفاجأة، وجدت زوجتي تتأوه وهو يضاجعها، في البداية لم أعر الأمر اهتماما، فقد أقنعت نفسي بعد تكرار هذه الغرائب أن الأمر كله مجرد أحلام أو هلاوس بصرية، إلا أن الساعة التي كانت في يده، كانت هى نفسها ساعتي التي اختفت من موضعها على سطح طاولتي الصغيرة، اندفعت بكل ما أوتيت من قوة تجاههما، فاخترقت أجسادهما، لكنهما لم يكفا عما يفعلانه، بل زادت وتيرة تأوهاتهما!
الآن والآن فقط تذكرت شيئًا، يبدو أن لاوعي كان حريصًا أن يخفيه عني، بل وربما يمحوه من ذاكرتي، تذكرت أن حادثة الاختراق تلك مختلقة، وأن الواقع لم يكن كذلك أبدًا، بل كان مرًا وصعبًا ولا يمكن لعقلي تقبله أو احتماله، إذ عندما عدت ظهيرة يومٍ من أيام العطلات الرسمية، وكنت قد استدعيت فيه بناءً على إلحاح من رئيسي، لاستكمال عملٍ ما، عدت فوجدتها غارقة معه في مستنقع الرذيلة، تجاوزت دهشتي وجريت صوب درج مكتبي، وقبل أن يستفيقا من أثر الصدمة، تناولت مسدسي، وأطلقت منه رصاصة واحدة، حينها لم استيقظ ولم أضحك ساخرًا من نفسي وأحلامي وأوهامي، بل تيقنت أنني ميتٌ لا محالة، خاصة وأن آخر شيء لمحته عيني؛ الساعة ال police المطوقة رسغي!