في مثل هذا اليوم 21 مايو 1864م..
إعلان روسيا القيصرية نهاية الحرب الروسية الشركسية، وإجبار أكثر من 2 مليون من الشركس على مغادرة وطنهم.
في الحادي والعشرين من شهر مايو/آيار كل عام يحي الشركس ذكرى يوم الحداد أو الحزن، وهو ذكرى اليوم الذي انتهت فيه حرب استمرت أكثر من 100 عام بين روسيا القيصرية والشركس، ونتج عنها مقتل عدد كبير منهم وتهجير الكثيرين إلى الدولة العثمانية.
فبين عامي 1763 و1864 شهد شمال القوقاز حربا استمرت 101 عام بين الروس وشعوب المنطقة، وصنفت تلك الحرب باعتبارها من أكثر الحروب دموية على مر التاريخ.
وانتهت تلك الحرب في 21 أيار/ مايو 1864 بانتصار روسيا القيصرية على شعوب القوقاز في وادي “كبادا” قرب مدينة “سوتشي” الشهيرة، المطلة على البحر الأسود.
واتبعت روسيا القيصرية سياسة التغيير الديموغرافي، فقامت بتهجير 1.5 مليون شركسي من مدن “سوتشي” و”توابسي” و”سخومي” الساحلية، إلى مناطق سيطرة الدولة العثمانية، وعلى رأسها مدينة “فارنا” (مدينة بلغارية مطلة على البحر الأسود) وصامسون وسينوب وطرابزون (ولايات تركية مطلة على البحر الأسود). بحسب وكالة أنباء الأناضول.
و قضى خلال عمليات التهجير القسري بحسب أرقام غير رسمية ما بين 400-500 ألف شركسي، بسبب الأوبئة والجوع.
ونُفي معظم الشركس إلى منطقة الأناضول والأجزاء الأوروبية الخاضعة لسيطرة العثمانيين، ثم هاجر قسم منهم من تلك المناطق إلى سوريا والأردن.
ويُعد الشركس من شعوب بلاد القوقاز، ويحد بلادهم من الشمال روسيا، ومن الجنوب تركيا، ومن الغرب البحر الأسود، ومن الشرق بحر قزوين.
وقد أدى موقع هذه المنطقة الفريد إلى وقوعها منذ القدم تحت تأثير إمبراطوريات متنافسه حيث خضعت لسيطرة الإغريق والرومان والخزر والمغول وتتار القرم والأتراك، وبعد عام 1864 خضعت لسيطرة الروس.
وتقع معظم منطقة الشركس التاريخية حاليا في جمهورية قراشاي شركيسيا الروسية.
وظلت المنطقة تتمتع بالحكم الذاتي إلى حد ما حتى القرنين الثاني عشر والثالث عشر عندما نجح أمراء جورجيا في تحويلها إلى مقاطعة تابعة لهم.
وفي عام 1234، اجتاحت جحافل المغول منطقة القوقاز وسرعان ما خضعت المنطقة لحكم تتار القرم.
وخلال منتصف القرن السادس عشر وفي عدة مناسبات خلال القرن السابع عشر، اضطر حكام القوقاز إلى طلب المساعدة الروسية ضد الغزوات الفارسية والتركية.
وبدا أن الروس أنفسهم لا يهتمون كثيرا بإخضاع المنطقة حتى حكم بطرس الأول روسيا. وبحلول عام 1785 تم إعلان منطقة شمال القوقاز مقاطعة روسية.
وفي الحروب الإقليمية الكبرى التي تلت ذلك بين روسيا وبلاد فارس وتركيا كانت منطقة القوقاز محل نزاع حاد، وقاد الشركس مقاومة شرسة وطويلة الأمد ضد الهيمنة الروسية.
وبعد أن قضت روسيا في عام 1859 على المقاومة التي قادها الإمام شامل لمدة 26 عاما في شرق القوقاز، نقلت تركيزها إلى الغرب.
ومع شعور الروس بالإحباط من تجدد المقاومة في القرى الشركسية في غرب القوقاز، شرعت روسيا في عام 1860 في حملة لإعادة توطين الشركس بالقوة باتجاه الشرق في وادي نهر كوبان.
وبعد معركة حاسمة في 21 مايو/أيار من عام 1864 أخضعت روسيا كل الأراضي القوقازية شرقا وغربا.
وهكذا، بحلول عام 1864، أكملت روسيا عمليات الطرد تلك إلى حد كبير، وقد فضل عدد كبير من الشعب الشركسي، حوالي 400 ألف شخص، الهجرة للدولة العثمانية بدلا من الانتقال إلى الأراضي التي أراد الروس تهجيرهم لها، وقد توفي الآلاف من الجوع والمرض في الطريق. بحسب دائرة المعارف البريطانية.
لكن أين الشركس الآن؟
هناك مجموعتان رئيسيتان للشركس هما الأديغ (الشركس الحقيقيون) والقابارد (الشركس الأعلى).
وقد أشارت الإحصاءات في نهاية القرن العشرين إلى أن 165 ألفا من شعب الأديغ يعيشون في جمهوريتي أديغيا وقراشاي شركيسيا الروسيتين، كما يعيش 345 ألفا من القابارديين في جمهورية قاباردينو بلقاريا الروسية، وتوجد أيضا مجتمعات شركسية في الأناضول بتركيا (150 ألف شخص) وسوريا (35 ألف شخص)، مع مجموعات أصغر في الأردن والعراق وإيران. بحسب دائرة المعارف البريطانية.
ويعيش العديد من الشركس في السهول إلى الشمال مباشرة من القوقاز، ويعيش آخرون في جبال بيدمونت.
ويعتمد اقتصادهم التقليدي على الرعي والزراعة.
و كان الأمراء والنبلاء يسيطرون على القطعان والأرض في نظامهم الاجتماعي التقليدي.
والشركس رسميا من المسلمين السنة. لكن توجد طوائف تمارس العبادات القديمة المرتبطة بالرعد وطقوس الخصوبة والبساتين المقدس!!