في مثل هذا اليوم 21 مايو1871م..
الحكومة الفرنسية تغزو كومونة باريس وتقاتل سكانه لتقتل منهم نحو 20000 في أسبوع دامي.
كومونة باريس أو الثورة الفرنسية الرابعة (باللغة الفرنسية: La Commune de Paris، نقحرة: لا كومون دو باري) هي حكومة بلدية ثورية أدارت باريس، فرنسا لفترة قصيرة ابتداءً من منتصف مارس 1871. قامت الثورة في باريس وبعدها الكومونة كنتيجة لخسارة نابليون الثالث الحرب مع بروسيا ودخول الجيش البروسي المذل إلى باريس بعد حصارها. انتخب تسعون ممثلا في الكومونة أو مجلس مدينة باريس (بالفرنسية، “commune”) باقتراع عمومي وأعلنت حكمها على كامل فرنسا. كان نزاعها حول السلطة مع الحكومة المنتخبة لفرنسا سبباً رئيسياً في القمع الوحشي لها من طرف القوات الفرنسية النظامية فيما سمي بعد ذلك “بالأسبوع الدموي” (“La Semaine sanglante”) في 28 مايو 1871. صاحبت النقاشات حول سياسات ومآلات الكومونة تداعيات سياسية مهمة في داخل وخارج فرنسا خلال القرن العشرين حيث اعتبرت أول ثورة اشتراكية في العصر الحديث.
منذ 1804 حتى 1870 ، عاشت فرنسا في ظل أنظمة سياسية سلطوية أساسا: الإمبراطورية الفرنسية الأولى ثم العودة للملكية فملكية يوليو حتى الإمبراطورية الفرنسية الثانية. ظلت الديموقراطية والجمهورية مجرد تجارب عابرة خلال هذه الحقبة.
استمدت كومونة باريس نفسها الجمهوري والثوري بالاستناد إلى الجمهورية الأولى والحكومة الثورية لكومونة 1792 ثم انتفاضة يونيو الشعبية سنة 1848 في ظل الجمهورية الثانية والتي قمعتها حكومة تمخضت عن ثورة فبراير 1848.
في يوليو 1870، أعلن نابليون الثالث حربا لم يستعد لها جيدا على مملكة بروسيا وهزم فيها سريعا. سقطت الإمبراطورية الثانية التي أسسها يوم 4 سبتمبر 1870 نتيجة انتفاضة باريسية دامت طول اليوم. استقرت حكومة للدفاع الوطني في مبنى بلدية باريس رسميا لمواصلة الحرب ضد الولايات الألمانية التي من ضمنها قوات كانت تحتل شمال البلاد. وفي قراءات عدة كقراءة المؤرخ هنري غيلمان، انحصر دور هاته الحكومة المنبثقة عن الطبقة المسيطرة في توقيع الاستسلام وجعل الفرنسيين يتقبلون الهزيمة لقطع الطريق عن التهديد الاشتراكي الباريسي والذي دون مساعدة من الألمان ما كان من الممكن السيطرة عليه]
حوصرت باريس وعاش سكانها نقصا في الغذاء ومجاعة خطيرة في شتاء سنة 1870-1871. زيادة على ذلك، علم الفرنسيون بعد هذا الذل أن الإمبراطورية الألمانية قامت وأعلنت في قاعة المرايا بقصر فيرساي يوم 18 يناير 1871. وقع جول فافر مع المستشار الإمبراطوري أوتو فون بسمارك يوم 28 يناير 1871 هدنة والتي تقرر فيها وقف الأعمال العسكرية لمدة خمسة عشر يوما قابلة للتجديد وتشكيل جمعية وطنية مسؤولة عن تحديد هل تكمل فرنسا الحرب أم توقع معاهدة سلام.
صعدت الأحداث من التوتر داخل باريس خصوصا بين عامة الشعب والبسطاء والذين من بينهم “البدون سراويل داخلية” (باللغة الفرنسية: Sans-culottes :سون كيلوط) وهم ثوريون من فترة 1792-1794 : النجارون والدباغون والإسكافيون وصناع الأحذية والخياطون والبنائون …]
انعقدت انتخابات 8 فبراير في عجالة للتوقيع بسرعة على الهدنة وأنتجت جمعية وطنية مكونة أساسا من الملكيين (400 نائب) عن لوائح تدعو لهدف “السلام”. على العكس كان نواب باريس يتكونون أساسا من الجمهوريين في لوائح تدعو “لإكمال الحرب” وأغلبهم متطرفون. بالفعل، اعتقد الشعب الباريسي أنه دافع عن وجهة نظره بشكل صحيح ولم يظن أنه هزم حيث كانت هناك فجوة فكرية بين العاصمة والمحافظات وصلت بعض الأحيان حتى السخط.
طبعت حرب 1870 المدينة عميقا والتي عانت من حصار حاد ومجحف ومعها عانى الشعب من المجاعة. اعتبر الباريسيون الهدنة غير مقبولة بعد أن قاوموا العدو لمدة أربعة أشهر. أحس الثوار القوميون اليساريون بالمهانة بعد هذه الهزيمة
حتى تشكيلة الحكومة لم يرض عنها العامة والتي تشكلت من ثلاثة من البونابارتيين في مناصب والي الأمن (لويس إرنست فالونتان) وقائد الحرس الوطني (الجنرال دوريل دو بالادين والمحافظ (الجنرال فينوي، حتى أنها اعتبرت مستفزة بالنسبة للباريسيين. في يوم 9 مارس 1871، منع والي الأمن صدور أهم جرائد أقصى اليسار ومن ضمنها صرخة الشعب والتي كان رئيس تحريرها جول فالي.
ساهم نهج الجمعية الوطنية الملكي المسالم للألمان، والتي لقبت أيضا من طرف الباريسيين “بجمعية القرويين”، في زيادة التوتر. في يوم 10 مارس 1871 نقلت الجمعية مقرها من باريس إلى فيرساي لأنها رأت في العاصمة بؤرة الثورة المنظمة وعاصمة الفكرة الثورية. وبنص قانون صدر بنفس اليوم، وضعت حدا لوقف الدفع أو الموراتوريوم على الأوراق التجارية مما أدى إلى إفلاس الآلاف من الصناع والتجار وألغت منحة مقدارها فرنك ونصف يوميا كانت تدفع للحرس الوطني.!!