في مثل هذا اليوم23 مايو 822 م..
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله يتولى الحكم في الأندلس..
اعتنى جده لأبيه بتربيته واهتم به اهتماماً بالغاً بعد وفاة والده وهو صغير.
ثم تولى إمارة الأندلس بعد وفاة جده سنة 300 هـ وكان عمره 22 سنة، وقد تخلى كل أعمامه عن حقهم في الإمارة فكانوا أول من بايعوه بها بسبب سوء أحوال الأندلس وتمزقها, ولما كان يحيط بها من أخطار فقد كانت الأندلس مضطربة ومليئة بالمخالفين ونيران المتغلبين.
خلف جده عبد الله بعهد منه، حيث أن عمه المطرف قام بقتل أبيه محمد ظلماً، لأنه كان المرشح لولاية العهد، فأراد أن يزيحه ليظفر بها ولما علم جده عبد الله بما لحق بأبيه من ظلم جعل ولاية العهد إليه، وتولى تربيته ونال نصيباً كبيراً من رعايته، وكان جزاء عمه القتل قصاصاً لقتل أخيه، ونال جزاءه على يد أبيه عبد الله بعد أن تأكد من براءة القتيل محمد مما عزاه إليه.
استلم عبد الرحمن الحكم وليس له سلطة إلا على قرطبة فتعلقت آمال الناس بهذا الأمير الشاب الذي تمكّن من إخماد تلك النيران، وخاض غمار حروب طويلة، فأخضع العصاة وصفا له الملك، وجدّد دولة الأندلس وأخضع حكامها لسلطانه.
ينتسب عبد الرحمن بن محمد الملقب الناصر لدين الله إلى بني أمية التي أسست الخلافة الأموية التي حكمت الأقطار الإسلامية بين عامي 41 هـ – 132 هـ، حين أسقطها العباسيون واستطاع أحد أجداد الناصر وهو عبد الرحمن بن معاوية أن يفر إلى الأندلس مؤسسًا دولة جديدة مستقلة عن خلافة العباسيين في المشرق، فنسبه هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية.
ولد عبد الرحمن في قرطبة في 22 رمضان 277 هـ (ديسمبر 890 م)، لأبيه محمد ابن الأمير عبد الله بن محمد سابع أمراء دولة بني أمية في الأندلس، وأمه أم ولد مسيحية أوروبية تدعى مزنة أو ماريا كما تشير الروايات الأجنبية. كان أبوه أكبر أبناء الأمير عبد الله ووليّ عهده، إلا أنه قُتل بعد ولادة ابنه عبد الرحمن بنحو عشرين يومًا بعد أن حسده أخوه المُطرّف لاختيار أبيهما لمحمد وليًا للعهد، فوشي به عند أبيه متهمًا إياه بالتواطؤ مع زعيم المتمردين على عرش الإمارة عمر بن حفصون. ارتاب الأمير عبد الله في ولده محمد، وأمر باحتجازه في القصر، ولم يمض وقتًا طويلاً حتى ثبتت براءته. وقبل أن يهم الأمير بإطلاق سراح ابنه، بادر المطرف شقيقه إليه في سجنه، وأثخنه طعنًا حتى قُتل. وقد اختلفت الروايات في شأن مقتل أبيه، فقد ذكرت بعض الروايات أن محمدًا قد فر بالفعل إلى ابن حفصون بعد أن تمكنت سعاية أخيه عند أبيهما، فظهر غضب الأمير على محمد، إلا أن محمدًا استأمن أباه ورجع، وما لبث أن جدّ المطرف في وشايته بأخيه، فحبس الأمير ابنه محمدًا في قصره، وخرج الأمير في حملة واستخلف ابنه المطرف، فقتل المطرف أخاه في محبسه.
على أية حال، بعد مقتل محمد أبي عبد الرحمن، كفل الأمير عبد الله حفيده وأسكنه في قصره، فنشأ مقرّبًا إلى جده الذي آثره وأولاه عنايته، وعني بتربيته وتعليمه، فتعلم القرآن والسنة، كما درس الشعر والتاريخ والنحو، وعلّمه فنون الحرب والفروسية، فكان محل ثقة جده الذي أوكل إليه القيام بالعديد من المهام، بل وندبه للجلوس مكانه في بعض المناسبات والأعياد لتسلّم الجند عليه، وحين اشتد به المرض، برئ إليه بخاتمه إشارة منه باستخلافه.!!