في مثل هذا اليوم1908م..
دخول مدينة بريدة تحت حكم ملك السعودية عبد العزيز آل سعود.
الدولة السعودية الثالثة هي وريثة الدولتين السعوديتين: الأولى والثانية، تأسست في (5 شوال 1319 هـ – 15 يناير 1902م)، على يد الملك عبد العزيز آل سعود والذي تمكن من استعادة مدينة الرياض ليؤسس الدولة السعودية الحديثة والمعاصرة (المملكة العربية السعودية).
عرفت الدولة السعودية الثالثة بداية عهدها باسم إمارة الرياض وبعد ضم الأحساء سميت إمارة نجد والأحساء وتمكنت الامارة من التوسع حتى استطاعت عام 1921 من السيطرة على كامل أراضي نجد بعد اسقاط إمارة حائل المنافسة، واصبحت إمارة نجد والأحساء تعرف باسم سلطنة نجد ومن ثم مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها واستمر الاسم قائما حتى إعلان قيام المملكة العربية السعودية عام 1932.
رحل الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود مع أسرته عن نجد، واستقر به المطاف ليعيش في الكويت، في عهد أميرها الشيخ محمد آل صباح، الذي أوعزت إليه الدولة العثمانية أن يمنح آل سعود حق الإقامة في الكويت. وهنا يتضح موقف الدولة العثمانية من آل سعود، بعد سقوط دولتهم الثانية (1309 ـ 1319هـ – 1891 ـ 1902)؛ فهي ترى تحديد إقامتهم وتحركاتهم خوفاً من إثارة القلاقل والدسائس ضد أصدقائها آل رشيد.
سقوط الدولة الثانية
لقد كانت نهاية الدولة السعودية الثانية تدريجية؛ فقد كانت تلك الدولة قبل سقوطها دولة قوية في كيانها السياسي، في شبه الجزيرة العربية، في عهد أحد أبرز أئمتها، وهو الإمام فيصل بن تركي، في فترة حكمه الثانية، إلا أن تلك الدولة أخذت في التآكل والتصدع، نتيجة لعدة عوامل داخلية؛ تأتي الفتنة المحلية التي أعقبت عهد هذا الإمام في مقدمتها. وكانت النتيجة الحتمية سقوط تلك الدولة، بعد أن تفسخت مناطقها، فاجتاح العثمانيون منطقة الأحساء، واجتاح آل رشيد كل البلاد النجدية، فأنهى آل رشيد حكم آل سعود في كل نجد، رغم أن إمارة آل رشيد كانت قد نشأت بمساندة ودعم من الإمام فيصل بن تركي، لأميرها عبد الله بن علي الرشيد، حين عينه أميراً على جبل شمر. ومنذ ذلك الحين والإمارة الرشيدية قائمة، تلك الإمارة التي قوضت دعائم الحكم السعوديّ في نجد، ثُمَّ أسقطته في عهد الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود، آخر أئمة الدولة السعودية الثانية. وانتهت الدولة في أوائل أغسطس 1891م.وأرسل المتصرف العثماني في الأحساء، عاكف باشا، إلى الإمام عبد الرحمن، مندوباً، اجتمع به في عين، قرب المبرز (على بعد ميلَين، شمالي الهفوف)؛ فعرض عليه إمارة الرياض، على أن يعترف بسيادة الدولة العثمانية، ويدفع خراجاً سنوياً، قدره ستة آلاف ريـال، وتتعهد الحكومة العثمانية بحمايته، وتمده بالمال والسلاح، فاعتذر عبد الرحمن، بأنه يخشى أن ينقلب عليه أنصاره.
تمرد بعض رجالات قبيلة مطير على ابن سعود، وتحالفوا على كلٌّ من فيصل الدويش، ونايف بن هذال، من رؤساء عشائر مطير، أمير بريدة، محمد بن عبد الله أبا الخيل، على أن يكونوا من أنصار ابن رشيد ضد ابن سعود. وراح الأمير عبد العزيز آل سعود يستنجد برئيس قبيلة عتيبة، محمد بن هندي بن حميد، عدو شمر ومطير وابن رشيد معاً، وتحقق من خيانة أمير بريدة، من رسالة وجدت مع رجل قتله رجاله، بعد أن ارتابوا في أمره، كتبها محمد أبا الخيل إلى سلطان الحمود بن رشيد، يعاهده على الوقوف ضد ابن سعود. وآثر الأمير عبد العزيز، أن يبدأ بتأديب فيصل الدويش؛ فخرج من بريدة، واجتمع إلى عربان عتيبة، عند الجعلة، وهجموا بغتة على الدويش، في جهة سدير، فلاذ بالمجمعة التي كان أهلها تابعين لابن رشيد، فدهمهم ابن سعود بقواته، في داخل البلدة وخارجها، وكان ذلك في 23 ربيع الأول عام 1325هـ – 7 مايو 1907م، وقُتل عدد كبير من مطير ومن أهل المجمعة، واستولى ابن سعود على إبلهم، فطلب فيصل الدويش ومن معه من مطير الأمان، فأمّنهم ابن سعود، ودخلوا في طاعته.
خروج أمير بريدة على الأمير عبد العزيز، ومحالفته ابن رشيد والدويش:
نكث أمير بريدة محمد بن عبد الله أبا الخيل عهده مع الأمير عبد العزيز، واتفق مع أمير حائل سلطان الحمود بن رشيد، على أن يكونا يداً واحدة عليه، ودعا سلطان الحمود للقدوم إليه في بريدة، وأوهموه أن عنيزة كذلك ستنضم إليه، وازداد قوة بقدوم فيصل الدويش، زعيم قبيلة مطير إليه، الذي عاهده على الوقوف معه.
وسارع الأمير عبد العزيز بن سعود في التحرك إلى القصيم، ووصل عنيزة التي هب أهلها إليه، في منتصف شعبان 1325هـ – 24 سبتمبر 1907م، وخرج بجموعه لمهاجمة سلطان بن رشيد في بريدة، وحصلت مناوشات لم تسفر عن دخول ابن سعود البلدة. وأقبل فيصل الدويش، يناصر ابن رشيد وأبا الخيل، فتصدى له ابن سعود وهزمه، وطارد فلوله حتى بلدة الطرفية التي كان يخيم بها، واستولى على معسكره وسار ابن رشيد وأبا الخيل، مع فلول فيصل الدويش، إلى مهاجمة الأمير عبد العزيز في الطرفية فهزمهم، وعادوا مخذولين إلى بريدة، وتشتت شملهم. وبعد ذلك؛ عاد سلطان الحمود بن رشيد إلى حائل، ورجع الأمير ابن سعود إلى الرياض.
وحانت الفرصة للأمير عبد العزيز ابن سعود، حينما طلب أهل بريدة منه التوجه إليهم، بسبب استيائهم من أميرهم أبا الخيل. ولما وصل الأمير عبد العزيز إلى القصيم، أرسل أهل بريدة مندوباً عنهم يخبره أن الجو مهيأ لدخوله البلدة، وأنهم في انتظاره مع أذان صلاة العشاء، ليلة 20 ربيع الثاني 1326هـ – 23 مايو 1908م، عند البوابة الشمالية. ولما وصل إلى هناك، فتحوا البوابة، ودخل أتباعه بريدة، وحاصروا أميرها، محمد بن عبد الله أبا الخيل، الذي استسلم للأمير عبد العزيز، بعد أن أعطاه الأمان، وتركه يذهب حيث يشاء، فرحل إلى العراق، وعُيِّنَ مكانه أحمد السديري، وبعد عام؛ عُيِّنَ عليها عبد الله بن جلوي. وبذلك؛ زالت إمارة آل مهنا عن بريدة.!!