في مثل هذا اليوم26 مايو2024م..
مقاتلات إسرائيلية تقصف خيامًا للنازحين شمال غرب رفح، أدت المجزرة لمقتل 45 شخصًا على الأقل أغلبهم من النساء والأطفال، وجرح عشرات آخرين.
مجزرة رفح أو محرقة الخيام هي مجزرة ارتكبها سلاح الجو الإسرائيلي في حقّ الفلسطينيين عشيّة السادس والعشرين من أيار/مايو 2024 حينما شنَّت مقاتلات حربية في حوالي التاسعة مساءً غارات جويّة طالت محيط منطقة البركسات التي تؤوي نازحين شمال غرب رفح، ولم تمضي دقائق حتى عاودَ الطيران الحربي غاراته مستهدفًا خيام النازحين قُرب مخازن الأونروا في الشمال الغربي لرفح أيضًا. تسبَّب هذا الهجوم الإسرائيلي في مقتلِ ما لا يقلُّ عن 45 فلسطينيًّا عددٌ كبيرٌ منهم الأطفال والنساء وأغلبهم من النازحين، كما أُصيب العشرات بحالات بترٍ في الأطراف وحروق شديدة وتفاقمَ الوضع في ظلِّ الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع ومنع دخول ما يكفي من المساعدات الطبيّة أقلّه وفي ظل توقّف أغلب مستشفيات القطاع عن العمل جرّاء الاستهدافات الإسرائيليّة.
زعمت إسرائيل في كثيرٍ من المرات أنّ الشمال الغربي من رفح «منطقة آمنة»، ودفعت عشرات آلاف النازحين لهناك في ظلّ هجومها على الجوانب الشرقيّة من رفح ومحاولاتها التوغّل أكثر فأكثر نحو العُمق مع مقاومة فلسطينيّة مستمرّة، ومع ذلك فقد ارتكبت هذه المجزرة التي تُضاف لعشرات المجازر الأخرى خلال هذه المعركة. أثارت هذه المجزرة كغيرها من المجازر الإسرائيليّة السابقة «جدلًا» ونوعًا من الضجة الدوليّة فخرجت كما العادة عشرات بيانات الإدانة والشجب الدوليّة والعربيّة على حدٍ سواء دون تحرّك حقيقي وواضح على أرض الواقع. من جهتها أعلنت إسرائيل أنها المسؤولة عن الغارة الجويّة زاعمةً أنها استهدفت قادة في حماس وتعهدت بالتحقيقِ فيما حصل مثلما فعلت عشرات المرات من قبل وظلّت نتائج التحقيق طيّ الكتمان، بل اللافت أكثر أن يقوم الجيش المتسبّب في المجزرة عبر جهة تابعة له بالتحقيقِ فيما فعله هو أساسًا.
خلفيّة
قرار محكمة العدل
أصدرت محكمة العدل الدولية قبل أيامٍ قليلةٍ من هذه المجزرة قرارًا يأمرُ إسرائيل بوقف فوري لهجماتها العسكرية على مدينة رفح، وجاء القرار نتيجة لطلبٍ عاجل قدمته جنوب أفريقيا، والتي اتهمت إسرائيل بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية. طالبت المحكمة من إسرائيل كذلك اتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق وهو ما لم يتمّ واستمرّت إسرائيل في غاراتها الجويّة دون توقف بل رفعت من شدتها وقوّتها بذريعة «القضاء على حماس».
عمليات المقاومة الفلسطينية النوعيّة
جاءت هذه المجزرة أيضًا بعد أقل من يومين من عمليات نوعيّة نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينيّة حيث نجحت القسّام في قتل وجرح وأسر عددٍ من الجنود في جباليا كما أعلنَ الناطق الرسمي باسمِ الكتائب أبو عبيدة، فضلًا عن قصفٍ طال مدينة تل أبيب ومناطق أخرى قُبيل عشرات الساعات من المجزرة.
المجزرة
ما قبل المجزرة
هجَّرت إسرائيل خلال حربها ضدّ فصائل المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة مئات آلاف الفلسطينيين من أماكن سكناهم في الشمال والوسط نحو الجنوب وتحديدًا نحو رفح التي لجأ إليها أكثر من 1.4 مليون مدني وصارت مكتظة جدًا بالمدنيين. حاولت إسرائيل في وقت لاحق مهاجمة المدينة التي هجَّرت الفلسطينيين نحوها، فبدأت بمهاجمة رفح من الشرق ما اضطرَّ نحو مليون فلسطيني للنزوح مجددًا صوبَ أجزاء أخرى من رفح نفسها وهي المناطق التي صنَّفتها إسرائيل على أنها آمنة، لكنها بدورها لم تسلم من القصف الإسرائيلي واستمرَّ الوضع على ما هو عليه حيثُ واصلت إسرائيل قتل ما يقرب من 100 فلسطيني كلّ يوم أو أكثر وواصلت ارتكاب المجازر بين كل فينةٍ وأخرى في ظلِّ الصمت العربي المطلق والانحياز الدولي لتل أبيب.
أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بأنه ومنذُ صدور حكم محكمة العدل الدوليّة بخصوص رفح، شنَّت إسرائيل أكثر من 60 غارة جوية على المدينة خلال 48 ساعة بمعدل يفوقُ غارة كل ساعة. رأى فلسطينيون وغيرهم أنّ هذا الاستمرار الإسرائيلي هو بمثابة تحدي لكل المؤسسات الدوليّة وخاصة أن واشنطن تحمي ظهر إسرائيل بل إنّ الدولة التي تزعمُ أنها راعية الديمقراطية في العالم والممتثلة للقوانين الدوليّة والمحترمة لحقوق الإنسان هاجمت العدل الدولية نفسها وحرَّضت عليها وإنّ مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى تعهدوا بمعقابة المحكمة في انتهاك واضح لكل ما تُصوّره أمريكا عن نفسها. من جهتها فقد تلاعبت إسرائيل بقرار المحكمة وقالت إنها تمتثلُ للقانون الدولي لكنها ستُواصل الدفاع عن نفسها في وجه «الإرهاب» كما تقول.
الغارة الجويّة
شنَّ سلاح الجو الإسرائيلي بُعيد التاسعة مساءً سلسلة من الغارات الجويّة العنيفة التي طالت الشمال الغربي لرفح، حيث ألقت المقاتلات الحربيّة صواريخها على مجموعة من الأماكن القريبة بين بعضها البعض بما في ذلك خيام النازحين الواقعة على مقربةٍ من مخازن الأونروا. كان واضحًا من حجمِ الضربة والمكان المستهدف أنّ ما حصل يشي بوقوع مجزرةٍ فعلًا وهو ما كان حيث هرعت أطقم الدفاع المدني وسيارات الإسعاف على قلّتها لعينِ المكان قصدَ نقل الجرحى للمستشفيات ومحاولة إنقاذ ما يُمكن إنقاذه.
بدأت طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني في نقل الجرحى والقتلى وفي إحصائية أوليّة بلغَ عدد ضحايا هذه المجزرة 28 قتيلًا فضلًا عن عشرات المصابين. رغم مرور عشرات الدقائق على المجزرة فلم تتمكّن طواقم الإسعاف من استخراجِ كل الجثث خاصة وأنّ عددًا منها قد تفحَّم نتيجة للصواريخ المستخدمة في هذا القصف. أصبحَ الوضع أكثر تعقيدًا بعدما احتلّت إسرائيل قبل أسابيع قليلة معبر رفح ومنعت الفلسطينيين من استعماله في ظلّ صمتٍ عربي ومصري وُصفَ بـ «المريب»، كما أنّ طول مدة الحرب تسببت في خروجِ أغلب مستشفيات قطاع غزّة عن الخدمة فيما عانت المستشفيات القليلة المتبقية من شحٍّ شديدٍ في الإمكانيات ومن ضغطٍ بشري هائل.
أظهرت صور ومقاطع فيديو نقل عشرات الجرحى صوبَ مستشفى الصليب الأحمر برفح، وكان ظاهرًا حجم الضربة وكل ما تسبب فيه من قتل وتشريد ودمار، بل إن أغلب المصابين عانوا إمّا من بتر أو حروق شديدة أو الاثنينِ معًا. ارتفعَت حصيلة ضحايا هذه المجزرة إلى 35 قتيلًا بينها عشرات الأطفال والنساء وكذلك الرجال والشباب من النازحين.
المشاهد المروعة
وثَّقت عدساتُ المصورين الفلسطينيين مشاهد مروّعة من هذه المجزرة، حيث أظهرت مقاطع فيديو التُقطت دقائق بعد الغارة الجويّة الإسرائيليّة ضحايا التهمت النيران أجسادهم خاصة أنهم كانوا في خيام يستحيلُ أن تقيهم من مثل هذه الهجمات أو أن تُخفّف من حدتها على الأقل. صوَّرت مقاطع فيديو أخرى محاولات طواقم الإسعاف التعامل مع الوضع الحرج، وظهر في بعض اللقطات فلسطينيون يطلبون النجدة فيما حاول مواطنون آخرون بأدوات بدائيّة مثل ضوء الهواتف النقّالة البحث عن ناجين. أظهر مقطع فيديو آخر متطوعين يسحبون جثة فلسطيني بعدما احترقت بل وتفحَّمت بالكاملِ تقريبًا، فيما انتشر مقطع فيديو على نطاقٍ واسعٍ يُظهر رجلًا يحمل جثة لطفل فلسطيني فُصل رأسه عن باقي جسده خلال الضربة الإسرائيليّة على الخيام.
الضحايا
كان واضحًا من حجم الضربة الإسرائيليّة وموقعها أنها ستُسفر عن عددٍ كبيرٍ من الضحايا، وأنّ هذا العدد سيرتفعُ مع مرور الوقت في ظلّ غيابِ مستشفيات مركزيّة في رفح وفي ظلِّ الحصار الخانق على القطاع والذي لم تستطع دولة عربية ولا إسلاميّة كسره، بل لم تستطع أيّ دولة إدخال أيّ نوعٍ من المساعدات بما في ذلك الدول الحدوديّة دون إذن صريحٍ ومباشرٍ من إسرائيل. أعلنت وزارة الصحة في القطاع عن مقتل ما لا يقلُّ عن 35 فلسطينيًا في إحصائية أوليّة لهذه المجزرة التي ارتكبها سلاح الجو الإسرائيلي، ثم حدثت الحصيلة في وقتٍ لاحقٍ لما لا يقلُّ عن 45 فلسطينيًا بالإضافة لأكثر من 200 جريح. وكان من بين القتلى 12 امرأة على الأقل و8 أطفال.
كان لافتًا مناشدة السلطات الصحيّة في القطاع لمصر بمساعدتها في التعامل مع هذه المجزرة، حيث طالبتها في أكثر من مناسبة بإدخال سيارات الإسعاف التي فقدت غزّة الكثير منها جرّاء القصف الإسرائيلي، كما طالبتها باستقبالِ الجرحى والمصابين لكنّ مصر وباقي الدول المعنيّة تجاهلت كل هذه الطلبات وعشرات الطلبات السابقة وظلَّت تلوم إسرائيل وأنها من تمنعها بشكلٍ أو بآخر.
هذه قائمةٌ بأسماء الضحايا ممن جرى التعرّف عليهم والذين قتلتهم إسرائيل خلال المجزرة التي نفذتها في رفح. القائمة تحوي الاسم مع العُمر لو توفّر، وكما هو ملاحظٌ فقد سقطَ خلال هذه المجزرة أطفالٌ عمر بعضهم سنتين فحسب مع الكثير من النساء بالإضافة للرجال والنساء وكلهم من النازحين. والقائمة غير كاملة لأنّ بعض المستشفيات التي وصلَ لها الضحايا لم تستطع التعرّف على هويّاتهم.
قائمة ضحايا مجزرة رفح (26 مايو)
وسام العطار (29 سنة)
هنداوي العطار (29 سنة)
حمادة العطار (35 سنة)
ميساء العطار (32 سنة)
ميادة العطار (23 سنة)
أركان النجار (12 سنة)
هدى النجار (15 سنة)
أحمد النجار (عامين)
رشا العجوري (39 سنة)
شادى الدسوقي (41 سنة)
فاتن الحيلة (45 سنة)
لطيفة الحيلة (70 سنة)
محمود حماد (40 سنة)
ياسر اربيع (48 سنة)
جمعة العشي (غير معروف)
شهد أبو ربيع (غير معروف)
خويلد رمضان (47 سنة)
آية عادل حمد (14 سنة)
مصطفى الأسطل (38 سنة)
نسمة حسن البابا (5 سنوات)
حربي صالح أبو شحمة (7 سنوات)
حربي صالح أحمد أبو شحمة (44 سنة)
أماني ورش أغا (غير معروف)
أحمد سعدي زايد (غير معروف)
المنطقة المستهدَفة
زعمَ الاحتلال الإسرائيلي في منشورات ورقيّة سابقة له ألقاها على قطاع غزّة وفي تصريحات لوسائل الإعلام الغربيّة وخلال عشرات الخرجات الصحفيّة لمسؤوليه على اختلافهم أنّ منطقة رفح هي منطقة آمنة وحثَّ بل دفع وهجَّر الفلسطينيين نحو المدينة الجنوبيّة، ثم سرعان ما بدأ في استهدافها هي الأخرى وبمختلفِ الأسلحة التي يتوفّر عليها. اعتبرت لجنة الطوارئ في محافظة رفح أنّ هذه المجزرة هي نسفٌ لكل ادعاءات الاحتلال بوجود مناطق آمنة في رفح. نشرَ الهلال الأحمر الفلسطيني هو الآخر بيانًا أكّد فيه على أنّ المنطقة التي استهدفها الاحتلال هي منطقة إنسانية سبقَ أن أُجبر الفلسطينيين على النزوح إليها.!!!!!!!!!!






