في وجهي ظلُّ غيمة،
في قلبي موجةٌ ضائعة.
في صوتي رائحة بحر لم يعد مالحاً بما يكفي ليغسلني من الذكرى.
نافذتي جملةٌ مفتوحة على داخلي المتكسّر
في وجهي ظلّ طفلةٍ لم تنم تماماً.
أنا التي تمشي داخل نفسها كما لو أنها تمشي على سطح ماء،
على جلد الوقت، وفي بلاغة الرحيق المسافر في قلبه.
أكتبُ لأبقى، لأجرّ الجمال إلى مأمن ظلي،
لأحذف من القصيدة وجهها المزعوم،
وأعلّم الوتر طعم أصابعي.
أُطلّ من نافذتي كمن تستدعي صوتاً من زمن الرمل،
صوتاً يحرس توقّعاتي، ويحملها إليّ باقة ورد تغرق في نظرتي إليه، صوتاً يشمّ اسمه في صداي.
أُشير إلى الفراغ وأقول: “ها هنا كان يجلس”، ثم أبتسم، لأن الحزن ذكيّ ويعرف متى يتخفّى.
في قلبي دُرج لا يفتحه إلا طفل من بحر، بحرٌ يلعب فيه الموج بأصابعي، ويخيط الملح على فمي قميص نجاة لا يُنقذ.
في وجهي تستريح الجهات والأغاني،
وأنا امرأةٌ تعرف كيف تُغوي الغيم بكلمة، وتُربك الظلال بضحكتها التي تشبه قفزة طفلة نحو حضن الغياب.
أنا التي مرّت من هنا، وخلّفت وراءها ماءً يتكلم، ونساءً يكتبن ملامحهن على الزجاج، وطفلًا يركض في القصيدة، لا يعرف إن كان حبيباً، أم حنيناً، أم أنا.
أنا التي تعلّمت من الموج اسمه،
ومن الغرق كيف أطفو على نبرةِ صوته.
صرتُ امرأة إذا مشت على البحر، أخذ الموج شكل قدميها.
الآن لا شيء فيَّ يشبه الانتظار، ولا جهة فيَّ تُشير إلى أحد.
أقف على شرفتي لغةً مكتملة، ومدىً لا يُترجم،
كبرتُ في اسمي كما يكبر الموج في اسم البحر.
في وجهي ظل غيمةٍ لم تُمطر.
أنا امرأةٌ لم تُخلق من ضلع، خلقت من صعود لا مرآة له،
امرأةٌ إذا عبرها الضوء تعثّر.
أنا التي لا تُروى، ولا تُقطف، ولا تُعاشُ في قصيدة،
أنثى تُرتَلُ من بعيد كأنها صلاة على فم الغيم.
لا أحد يسكنني.
أنا البلادُ التي لا يفتحها عاشق،
والقصيدةُ التي تكتب نفسها، ثم تُغلق البابَ على اللغة.