تأملات في لوحة بعنوان رمز الغرب للرسام العراقي أحمد السردار
بقلم الناقدة و الفنانة التشكيلية سعيدة بركاتي تونس
بين العتمة و النور تدور أحداث اللوحة (الصراع بين الخير و الشر )
بين ديانات الغرب و ديانات العرب : مسبحة مع التشهيدة صليب!!! و هذا اول عنصر سيجلب القارئ للوحة .
فما هي الرسالة التي يريد ان يبلغها الرسام من خلال هذه اللوحة ؟
أجسام عارية اجتثت رؤوسها كأشجار لم يبق منها إلا الجذع ، تسلك طريقا يشبه فوهة بركان ، في صراع و معاناة لبلوغ الهدف .
تحولت الرؤوس إلى جماجم مبعثرة على يسار “شيطان” من خلال يده و أظافره الملطخة بالدماء .
المتلقي يشعر بحرارة اللوحة من خلال الألوان ، الجثث المتحركة من تحت الركام
هل هو البعث ؟
في آخر الممر و الذي أعطيته اسما : #الجحيم
جحيم الحرب و ما خلفته من حطام لم يثني هذه الأجسام على المقاومة لنجدة ” القدس ” .
اللوحة تتحدث عن الصراع المستمر على بيت المقدس و الأرواح التي زهقت لأجله ، صراع بين العرب و الغرب منذ الأزل حين جعل اليهود القدس عاصمة لهم .
فالرسام أضفى البعد المظلم الذي كسى اللوحة و على رأسه شر البشرية ، بل شر اليهود المدعم من الغرب ، فتهويد القدس هدفهم .
حين نتعمق في القراءة : حمم النار كانت حادة و كأنه طوفان ناري سيحرق الجميع لنصرة بيت المقدس الذي اتى به الرسام كنقطة وصول لكنها بعيدة جداً.
فنعود إلى الأجسام مبتور الرأس : هل الغاية جلب انتباه المتلقي ، ام التصرف الأول حين سكت الجميع و القدس تُدنس بأيادي لا تعرف إلا القتل و إراقة الدماء ؟
فالعنف المسلط على هذه الأجساد من قمع و إبادة لم يثنيها للنهوض و التحرك من جديد ، أما ” شيطان الغرب” اكتفى بالفرجة من اعلى القمم و كأنه يهدد بطمس الهوية الاسلامية لهذا المكان ، كما ذكرت أعلاه ، تغيرت تشهيدة المسبحة إلى صليب .
و من زاوية أخرى : سياسة التطبيع التي توختها بعض الدول العربية ، فكانت المسبحة بين عرب خائن و غرب جائر .
ألوان اللوحة : ترابية ، أبدع الفنان في ابراز الاضاءة التشكيلية للوحة ، جزء علوي تكسوه العتمة و الهدوء ، جزء يوحي بشر البشرية : بقايا جماجم و شيطان هو الآخر دون ملامح ، كانت يداه بارزة ، دامية الأظافر ، في حالة انتظار لما سيؤول إليه الجزء الأسفل من اللوحة الذي كان أكثر إنارة بصراعاته و تخبطه في نيران أشعلها النصف الأعلى من اللوحة .
اللوحة جمعت عدة مدارس بغموضها رغم منحها إسما من طرف الرسام ، فكانت بين : الرمزية و التعبيرية و التجريدية ، و للرسام رأيه حين فكر في رسمها .
ما باحت به اللوحة بقلمي سعيدة بركاتي/ تونس