الفرقد الأغا فارس الفكر في مواجهة الظلام
الكاتب العراقي
حكيم زغير الساعدي
في عالمٍ يغوص في مستنقعات الجهل والنفاق، حيث تُزيّف الحقائق وتُسوّق الأكاذيب على أنها حقائق مقدسة، يظهر فارس شجاع يرفض الرضوخ لهذا الواقع المظلم. يمتطي هذا الفارس صهوة جواد الفكر التنويري، سيفٌ يقطع الظلام ساعياً لاخراج الناس من ظلمات الجهل والخرافة إلى نور العلم والمعرفة.
إن هذا الفارس هو أستاذنا المفكر التنويري العراقي فرقد الأغا، ابن الرافدين بلاد الحضارات الذي أضاء بنوره دروب العلم والمعرفة، وصاحب ومؤلف كتاب “ترانيم الإنسانية” الذي يرنّم فيه بأجمل أناشيد الإنسانية والحرية والتنوير، ليكون منارةً للأجيال القادمة في مواجهة الظلام والجهل.
بشجاعة نادرة، يُقدم هذا الفارس على مواجهة تيارات التخلف والظلام التي تسعى لتكريس الجهل، لا يخشى في الحق لومة لائم، يدرك جيداً أن مهمته ليست فقط في محاربة الجهل بل في إعادة بناء صروح العلم والمعرفة التي هُدمت تحت وطأة الخرافة والظلام.
بفضل نور العلم الذي يحمله، يبدأ هذا الفارس في كشف زيف المدّعين وفضح أكاذيبهم، ويُظهر الحقائق كما هي دون خوف أو تردد. يعمل على تمكين الناس من معرفة الزيف عن الحقيقة، ويُعلمهم كيف يميزون بين النور والظلام، وبين العلم والجهل.
بصبر وعزم، ينجح هذا الفارس في إضاءة طرق العلم والمعرفة التي ظلت مظلمة لعقود طويلة وقد لا نبالغ أن قلنا لقرون يُعيد للأخلاق قيمتها ويُعيد للعلم مكانته، ويُظهر أن لا شيء يمكن أن يقف في وجه الحقيقة .
هكذا يصبح فارس الفكر الهمام رمزا للأمل في عالم يئن تحت وطأة الجهل والنفاق، ويُشعل شموع في الظلام، ويُثبت أن بالإمكان دائما مواجهة الظلام بنور العلم والحقيقة.
فارسنا هو مفكر عراقي من طراز فريد، قلمٌ يخطّ الحقيقة، ويقارع ائمة الجهل والخرافة بسطوره النورانية، أسطورة الإنسانية فرقد الأغا.
يبْرِزُ الجانبُ الإنسانيُّ في فكر فرقد الأغا كأحد أهم ملامح شخصيته الفكرية، حيث لا يقتصر دوره على محاربة الجهل ونشر العلم، بل يتجاوز ذلك إلى الاهتمام بالإنسان كقيمة عليا. في كتابه “ترانيم الإنسانية”، يقدم الأغا رؤية إنسانية متكاملة تركز على الحب والسلام والحرية، وتعتبر أن الإنسان هو محور العملية التاريخية والتغييرية نلتمس هذا من خلال أبحاثه ومقالاته وغايته منها وبنود ميثاقه الإنساني.
يولي الأغا اهتماما خاصا للقيم الإنسانية النبيلة مثل الرحمة، التسامح، والعدالة. يرى أن هذه القيم هي أساس بناء المجتمعات المتحضرة، وأن غيابها يؤدي إلى انهيار الأنسجة الاجتماعية. من خلال ترانيمه، يدعو الأغا إلى نبذ العنف والكراهية، واعتماد لغة الحوار والتفاهم عدم التحيز والتجرد المطلق كوسيلة لحل النزاعات السياسة والعقدية .
في فكر الأغا يعتبر الإنسان محور التغيير وليس مجرد متلقٍ للعلم أو مُطبق للقوانين، بل هو صانع التغيير الحقيقي. يؤمن الأغا بأن التغيير يبدأ من داخل الإنسان نفسه، من خلال تنمية وعيه وضميره وتجرده وموضوعيته . يدعو إلى تمكين الإنسان من التعبير عن نفسه بحرية، ومن ممارسة حقوقه الطبيعية في الحياة الكريمة. وأن لا تملى عليه الأفكار ويتلقاها دون بحث وتحقيق إذ يتم تلقينه كببغاء يقاتل المختلف الآخر بشكل أعمى كأنما يمتلك الحقيقة المطلقة.
“ترانيم الإنسانية” ليست مجرد كتاب، بل هي أداة للتعبير عن الألم والأمل، عن الحلم بالعالم الأفضل. يستخدم الأغا حروفه التي تمتزج بالثورة والألم والحزن كوسيلة لإيصال رسائله الإنسانية، يتلاحم اسلوبه الأدبي الرفيع بالعمق الفكري. الترانيم تعبر عن رؤية إنسانية شاملة، تؤكد على أهمية الحب والسلام كأساس لبناء الإنسان والمجتمع العالمي.
النور الفرقدي يخترق دهاليز الظلام فيهدم الخرافات بمعول الفكر مُتخذاً سبيل الحقيقة منهجاً :
يبْرِزُ الفرقد كرمز للشجاعة والأخلاق والإنسانية في مواجهة الخرافات والأفكار البالية والتفاهة وانعدام الاخلاق، من خلال فكره التنويري، يُقدم الأغا على تفكيك الأفكار الخاطئة التي رُسخت في أذهان الناس،فيظهر الحقائق كما هي دون تزييف أو تحريف. النور الفرقدي ليس مجرد أداة للهدم، بل هو منهج للتفكير النقدي والبحث عن الحقيقة والبناء، بفضل هذا النور العراقي، قُطعت حبال الجهل التي تقيّد العقول، وتفتح آفاقا جديدةً للعلم والمعرفة. يُشجع الناس على التساؤل والنقد بمنتهى الشجاعة، وعلى البحث عن الحقائق دون خوف أو تردد. من خلال هذا النهج، يُسهم الأغا في بناء مجتمع واعي ومثقف، مجتمع يرفض الخرافات ويتمسك بالحقيقة.
في الختام يمكننا القول إن الجانب الإنساني في فكر فرقد الأغا يشكل بُعداً مهماً من أبعاد شخصيته الفكرية، حيث يجمع بين العلم والإنسانية في رؤية متكاملة تهدف إلى بناء الإنسان والمجتمع. من خلال ترانيمه، يقدم الأغا نموذجا للمفكر الملتزم بقضايا إنسانيته ووطنه، ويجسد الأمل في غدٍ أفضل يعم فيه السلام والعدل.