حرائقُ الوَجدِ
يا قهوةَ الصُّبحِ
يا نكهةَ الهالِ في أيامي
يا زغرودةَ العنادلِ
في البراري القصيِّةِ
يا قطرةَ نَدى
تغسلُ وجهَ الفَجرِ
وتداعبُ وجنتَي قَرَنفُلةٍ فَتيَّةٍ
يُؤرِّقُني الوَجدُ
يجتاحُ ذاكرتي
مثلَ حُمَّى البَرداءِ
تارةً زَمهريراً
منه الجِرمُ يرتعش
وتارةً بركاناً يشتعلُ
وطوفاناً يستَعرُ
مسكونٌ أنا
بذلكَ الموجِ
الَّذي أبداً لا يهدأُ
وأنا أخشى
ثورةَ دوامةِ الغضبِ
حين تتَّقِدُ
في عينيكِ تَسكُنُ كُلُّ المَدائنِ
وفيها كُلُّ الأخيلةِ والأسفارِ
فيها سَقمي وفيها بُرئي
كُلُّ الحكاياتِ فيها أنتِ
وكُلُّ الترانيمِ في بريقِ السِّحرِ
استهلالاتٌ من لِحاظِكِ تنبعثُ
من أجلِكِ صرتُ أعشقُ
رمالَ الشاطئِ
وعمقَ البحرِ
وهدأةَ الَّليلِ
ولونَ الذِّكرى
الَّذي ما زالَ هُناك يتمرَّغُ
مُنتحباً على ما قَد ولَّى
في البعيدِ القريبِ ذات مَرةٍ
صمتَ الضجيجُ في ليلةٍ صيفيةٍ
حين أصاخَ البدرُ السَّمعَ
وكلّما حاولتُ منهُ أنْ أستَترَ
أزاحَ بِرفقٍ
كُلَّ الغيومِ البيضاءِ
الَّتي كانت تحجبُهُ عَنَّا
وراح بخفيةٍ علينا يتلصَّصُ
في دموعِ أحزانِكِ
ترقصُ أوجاعي
وتنكأُ من غيرِ رحمةٍ
كُلَّ جِراحاتي
لو كُنتُ أعلمُ
لو كُنتُ أدري
ما كنتُ اجتزتُ تِلك البواباتِ الصَّعبةَ
فأنا منذ عهودٍ سحيقةٍ
أغلقتُ بابي
على منديلٍ زَهريٍّ
وعلى وردةٍ يابسةٍ
في دفاترِ أشجاني العتيقةِ
أطفأَ شَذاها فيما مَضى
حريقُ الأيامِ
الَّذي التهمَ مِن غيرِ شفقةٍ
حِكاياتِ البحرِ
وأنشودةَ الخِتام المُرَّةِ
بقلمي، جورج عازار
اللوحة للفنان السوري التشكيلي المبدع: يعقوب اسحق