في مثل هذا اليوم 18 يونيو1858م..
تشارلز داروين يتلقى ورقة بحثية من ألفرد راسل والاس تتضمن نتائج تكاد تكون متطابقة مع ما توصل إليه داروين عن نظرية التطور، مما دفع داروين إلى نشر نظريته.
تشارلز روبرت داروين (بالإنجليزية: Charles Robert Darwin) عالم تاريخ طبيعي وجيولوجي بريطاني ولد في إنجلترا في 12 فبراير 1809 في شروزبري لعائلة إنجليزية علمية وتوفي في 19 أبريل 1882. والده هو الدكتور روبرت وارنج داروين، وكان جده “إراسموس داروين” عالماً ومؤلفاً بدوره.
اكتسب داروين شهرته كمؤسس لنظرية التطور والتي تنص على أن كل الكائنات الحية على مر الزمان تنحدر من أسلاف مشتركة، وقام باقتراح نظرية تتضمن أن هذه الأنماط المتفرعة من عملية التطور ناتجة لعملية وصفها اصطفاء (الانتخاب) الطبيعي، وكذلك الصراع من أجل البقاء له نفس تأثير الاختيار الصناعي المساهم في التكاثر الانتقائي للكائنات الحية. ومن خلال ملاحظاته للأحياء قام داروين بدراسة التحول في الكائنات الحية عن طريق الطفرات وطوّر نظريته الشهيرة في الانتخاب الطبيعي عام 1838 م. ومع إداركه لردّة الفعل التي يمكن أن تحدثها هذه النظرية، لم يصرّح داروين بنظريته في البداية إلا إلى أصدقائه المقربين في حين تابع أبحاثه ليحضّر نفسه للإجابة على الاعتراضات التي كان يتوقعها على نظريته. وفي عام 1858 م بلغ داروين أن هنالك رجل آخر، وهو ألفريد رسل ووليس، يعمل على نظرية مشابهة لنظريته مما أجبر داروين على نشر نتائج بحثه.
يعد داروين من أشهر علماء علم الأحياء. ألَّف عدة كتب في ما يخص هذا الميدان لكن نظريته الشهيرة واجهت انتقاد كبير وخصوصاً من طرف رجال الدين في جميع أنحاء العالم، داروين نفسه ظل حائراً في ما عرف بما سماه الحلقة المفقودة، التي تتوسط الانتقال من طبيعة القردة للإنسان الحديث. في عام 1859 م، قام داروين بنشر نظرية التطور مع أدلة دامغة في كتاب (أصل الأنواع) متغلباً على الرفض الذي تلقاه مسبقاً من المجتمع العلمي على نظرية تحول المخلوقات. في 1870 م، تقبل المجتمع العلمي والمجتمع عامة نظرية التطور كحقيقة.مع ذلك كان الكثير يفضلون التفسيرات الأخرى، واستمر ذلك حتى نشوء التوليفة التطويرية الحديثة، (1930 م – 1950 م) حيث أصبح هناك إجماع واسع على أن الاستمرار الطبيعي كان المحرك الأساسي للتطور. وبصياغة أخرى فإن اكتشاف داروين العلمي هو نظرية موحدة لكل علوم الأحياء وموضحة للتنوع فيها.
قاده اهتمامه المبكر بالطبيعة إلى إهمال تعليمه الطبي في جامعة أدنبرة؛ فبدلاً من دراسة الطب قام بالمساعدة بالدراسات التي تجريها جامعة كامبريدج بالتحقيق عن اللافقريات البحرية. وهذا عزز حبه للعلوم الطبيعية وجعلته رحلته على “سفينة بيجل التابعة للملكية البريطانية HMS Beagle” ذات الـخمس سنوات عالما جيولوجيا بارزا حيث دعمت ملاحظاته ونظرياته أفكار العالم تشارليز ليل وكذلك نشره لمذكرات رحلته جعل منه كاتباً مشهوراً. كان مأخوذاً بالتوزيع الجغرافي للحياة البرية والأحافير التي جمعها أثناء رحلته. وفي عام 1838 م، بدأ داروين بتحقيقات دقيقة رسخت نظريته في الانتقاء الطبيعي. وعلى الرغم من مناقشة أفكاره مع العديد من علماء الطبيعة، إلا أنه احتاج إلى مزيد من الوقت ليقوم ببحث مستفيض، وكان لعمله الجيولوجي الأولوية.
في عام 1859 م، عندما كان يكتب نظريته قام العالم ألفرد راسل والاس بإرسال مقالاً إليه شارحاً به نفس الفكرة مما دفعهم لنشر منشور مشترك يضم كلا النظريتين نظرية داروين عن أصل التطور قامت بالشرح والتفسير العلمي للتنوع في الطبيعة. في عام 1871 م، دَرسَ تطور الإنسان والانتقاء الجنسي في كتاب (علاقة أصل الإنسان والاختيار بالجنس)، يتبعه بـ (التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوان). وقد نشرت أبحاثه عن النباتات في سلسلة من الكتب، وفي كتابه الأخير، قام بفحص ديدان الأرض وتأثيرها على التربة. وتقديراً لتفوقه كعالم كُرِّم داروين بجنازة رسمية وتم دفنه في كنيسة وستمنستر بالقرب من جون هرشل وإسحاق نيوتن وقد وصف داروين كواحد من أكثر الشخصيات المؤثرة في العالم.
ألفرد راسل والاس (بالإنجليزية: Alfred Russel Wallace) عالم طبيعة بريطاني ومستكشف وجغرافي وعالم أنثروبولوجيا وعالم أحياء. اشتهر بتطوير نظريّة التطوّر من خلال الانتقاء الطبيعي. نُشرت ورقته حول هذا الموضوع بالاشتراك مع بعض كتابات تشارلز داروين في عام 1858. دفع هذا داروين إلى نشر أفكاره الخاصّة في كتاب “أصل الأنواع”. قام والاس بعمل ميداني واسع النطاق، أولاً في حوض نهر الأمازون ثم في أرخبيل الملايو، حيث حدّد الفجوة الحيوانية التي تسمّى بخط والاس، الذي يفصل بين الأرخبيل الإندونيسي إلى قسمين متمايزين: جزء غربي توجد فيه الحيوانات ذات الأصل الآسيوي، وجزء شرقي توجد فيه الحيوانات ذات الأصل الأسترالي.
كان يعتبر الخبير الرائد في القرن التاسع عشر في التوزيع الجغرافي للأنواع الحيوانية، ويسمّى أحياناً “والد الجغرافيا الحيوية”. كان والاس أحد المفكّرين التطوريين الرائدين في القرن التاسع عشر وقدّم العديد من المساهمات الأخرى في تطوير النظريّة التطوريّة إلى جانب كونه أحد المشاركين في اكتشاف الانتقاء الطبيعي. وشملت هذه النظريّة مفهوم تلوّن التحذير عند الحيوانات وتأثير والاس، وهي فرضيّة حول الكيفيّة التي يمكن أن يساهم بها الانتقاء الطبيعي في التكاثر من خلال تشجيع تطوير الحواجز ضد التهجين. كان كتاب والاس لعام 1904 بعنوان “مكان الإنسان في الكون” أول محاولة جديدة قام بها عالم الأحياء لتقييم احتماليّة الحياة على كواكب أخرى. كما كان أيضاً أحد أوائل العلماء الذين قاموا بكتابة استكشاف جدّي لموضوع ما إذا كانت هناك حياة على المريخ.
انجذب والاس بقوّة إلى الأفكار غير التقليديّة (مثل التطوّر).بسبب دعوته للروحانية وإيمانه بأصل غير مادّي للأجزاء العقلية العليا، توتّرت علاقاته مع بعض أعضاء المؤسسة العلميّة.
إلى جانب العمل العلمي، كان ناشطاً اجتماعيّاً انتقد كل ما اعتبره نظاماً اجتماعيّاً واقتصاديّاً ظالماً (كالرأسمالية) في بريطانيا في القرن التاسع عشر. أدّى اهتمامه بالتاريخ الطبيعي إلى كونه أحد أوائل العلماء البارزين الذين أثاروا المخاوف بشأن التأثير البيئي للنشاط البشري. كان أيضاً مؤلّفاً غزير الإنتاج للكتب التي تتناول القضايا العلمية والاجتماعية؛ كانت رواياته عن مغامراته وملاحظاته خلال استكشافه لسنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وأرخبيل الملايو، ذات شعبيّة كبيرة وتحظى بتقدير كبير.
واجه والاس صعوبات مالية طيلة حياته. كانت رحلاته إلى الأمازون والشرق الأقصى مدعومة ببيع العينات التي يجمعها، وبعد أن خسر معظم الأموال الكبيرة التي جناها من تلك المبيعات في استثمارات فاشلة، كان عليه أن يدعم نفسه في الغالب من المنشورات التي كتبها. على عكس بعض معاصريه في المجتمع العلمي البريطاني، مثل داروين وتشارلز لايل، لم يكن لديه ثروة عائليّة للرجوع إليها، ولم ينجح في العثور على وظيفة مأجورة طويلة الأمد، كما لم يتلقّ أي دخل منتظم حتى حصل على معاش حكومي صغير -بسبب جهود داروين في هذا الأمر- في عام 1881..
نظرية التطور:
في القرن التاسع عشر، وبالتحديد بعد نشر كتاب أصل الأنواع عام 1859، مثلت فكرة تطور الحياة مصدراً ناشطاً للنقاشات العلمية التي تتمحور حول تأثيرات نظرية التطور الفلسفية والاجتماعية والدينية. واليوم أصبح الاصطناع التطوري الحديث مقبولاً لدى الغالبية العظمى من العلماء. ولكن ما زال التطور مفهوماً جدلياً ومحل نزاع لدى بعض المؤمنين بوجود إله.
قامت العديد من الديانات والطوائف بالتوفيق بين معتقداتها والتطور بواسطة مفاهيم مثل التطور الربوبي، فيما هناك خلقيون يؤمنون أن التطور تعارضه عقيدة الخلق الموجودة في دياناتهم التي تثير العديد من الاعتراضات على التطور. وكما أظهرت الاستجابات لنشر كتاب أثارات التاريخ الطبيعي للخلق (بالإنجليزية: Vestiges of the Natural History of Creation) عام 1844، كان أكثر جانب جدلي لعلم الأحياء التطوري هو أنَّ مفهوم تطور الإنسان يقترح أنَّ الإنسان لديه أسلاف مشتركة مع القردة العليا، وأن القوى العقلية والأخلاقية للإنسانية تعود لنفس النوع من المسببات الطبيعية التي شكلت السمات الوراثية عند الحيوانات. وفي بعض الدول، لا سيما الولايات المتحدة، أشعلت التوترات بين العلم والدين الجدل الدائر حول التطور والخلق، وهو صراع ديني يركز على السياسات والتعليم الحكومي. رغم أن مجالات علمية أخرى تتعارض مع التفسيرات الحرفية للكثير من النصوص الدينية، مثل علم الكون وعلوم الأرض، إلا أن علم الأحياء التطوري يواجه اعتراضات أكثر بكثير من قبل المفسرين الدينيين.
في بعض الدول، يمنع القانون المعلمين من مناقشة الأدلة على التطور أو الاصطناع التطوري الحديث. قوانين بعض الدول الأخرى تنص على أن يعلم فقط علم الأحياء التطوري في المناهج العلمية الملائمة. وعالمياً يعلم التطور في المواضيع العلمية وبقليل من الخلاف، باستثناء بعض المناطق في الولايات المتحدة وعدة دول إسلامية أصولية.
في الولايات المتحدة، تسبب قرار محاكمة القرد عام 1925 في جعل موضوع التطور نادر الظهور بكتب المدرسة الثانوية، ولكن تدريجياً قُدِّم من جديد ليعلم في المدارس بعد نحو جيل، وتمت حمايته قانونياً عام 1968. ومنذ ذلك الحين، تم منع تعليم الخلقية -الاعتقاد الديني المنافس- قانونياً، ولكنه عاد بصورة علم كاذب تحت اسم التصميم الذكي، الذي تم منع تعليمه ثانيةً عام 2005.
في الآونة الأخيرة، أصبح الجدل بارزاً أكثر في الدول الإسلامية. علم الأحياء التطوري مدرج في مناهج المدارس الثانوية في معظم هذه الدول. قامت مؤسسات العلوم في أربع عشرة دولة إسلامية (بما فيها باكستان، إيران، تركيا، إندونيسيا، ومصر) بالتوقيع على بيان صادر عن هيئة الإنترأكاديمي (شبكة عالمية لأكاديميات العلوم)، دعماً لتعليم التطور. أما السعودية والسودان فقد حظرتا تعليم التطور بالمدارس. وقد رُوج للخلقية بشدة في تركيا وبعض المجتمعات المهاجرة في أوروبا الغربية، وبالمقام الأول من قبل هارون يحيى.
اعتبر الأوروبيون جدل التطور والخلقية قضية أمريكية. ولكن في السنوات الأخيرة أصبح النزاع قضية في عدة دول ومنها ألمانيا، المملكة المتحدة، إيطاليا، هولندا، بولندا، وصربيا.!!