سَرابُ الوَاحاتِ
أتفتكُ بِنا الأعمارُ
أمْ نحرِقُها؟
تطوي ما تبقّى من سنينَ
وعلى شواهدِنا
مُجرَّدَ أرقامٍ تَدَعُ
هو الشَّجنُ يقودُنا في المَفارِقِ
وفي المَعارجِ القَصَيَّةِ يبعثُرُنَا
في انتطارِ شَمسٍ
أبدَاً لا تَجيءُ
ومنذُ دهورٍغائبةٌ
من غيرِ ذاكرةٍ
نسيتْ على حينِ غرَّةٍ موعِدَنا
أكانَ الحُزنُ
في وجهِكِ يرتسمُ
أم أنَّكِ طائِعُةٌ
جَمعتِ شَجوَ العالمِ
في عينَيكِ
ذاتَ مرَّةٍ؟
لماذا كُلما نظرْتُ
إلى وجهِكِ
يهاجِمُني الدَّمعُ
ويُضرِمُ حَطبَ الوَجدِ
في حَنايا الجّنانِ؟
أتوقُ إلى لونِ الفرحِ
من لَحظَيكِ ينسكبُ
يغسلُ وجنتَيكِ
ويأتيني
مثلَ مَطرٍ
يَتغَلْغلُ في شَراييني
أتوقُ إلى عَدوى الحُبُورِ
إلى طَعمِ الثَّلجِ
إلى سنابلَ
تَفِرُّ هاربةً من الحقولِ
تأتي في غيرِ ميعادٍ
لتنامَ في أحضانِ الشَّوقِ
إلى أنْ تستيقظَ
قطراتُ النَّدى
في الفجرِالبعيدِ ذاتَ مرَّةٍ
أحنُّ إليكِ
كأنَّكِ قوسُ قزحٍ
يرتسمُ في السَّماءِ
بعد أمسيةٍ صاخبةٍ مجنونةٍ
أحنُّ يا مَعشوقتِي
إلى وجهِ القمرِ
كلَّما جاءَ الّليلُ
يُقهقهُ في مَبسمَيكِ
يروي لكِ أجملَ الحكاياتِ
يُناجيكِ بحلوِ الكلامِ
فلا أعرِفُ
إنْ كنتُ منهُ أغارُ
أم لنجواهُ أمْتَنُّ
أحنُّ إلى جديلتِك
إلى عُمقِ البحرِ في عينَيكِ
وإلى سُهوبٍ
لا تعرفُ قراراً
إلى كُحلٍ يُزَنِّرُعينَيكِ
أحِنُّ إلى مروجٍ
تلتمِعُ في خَدَّيكِ
مثلَ سرابِ الواحاتِ
حين يبعثِرُنا الظَّمَأ
صارَ الكونُ أنتِ
وصرتِ العمرَ الباقي
في رِحلةِ أيامي
فبأيِّ الحيواتِ سوفَ أعيشُ
حين لا يكونُ طيفُكِ
توأماً للجنانِ
ورفيقاً لسفرِ أحلامي
الَّتي تَعبرُ خَاطري
مثلَ قارِبٍ عَتيقٍ
في خِضَّمِ الُّلجَجِ؟
بقلمي: جورج عازار
اللوحة بريشة الفنان التشكيلي السوري المبدع: يعقوب اسحق