بوستا العُنق؟
لا، هما ختمانِ على جوازِ الغياب.
نسيانٌ يتدلّى من سُرَّة الذاكرة،
وعطرٌ يرتكب جريمة التكرار مرتين… ولا يندم.
هما الفاصلتان بين موتين:
موتُ أن تهمس، وموتُ ألّا تبوح،
لكنّهما توقظان نملة الذكرى من سباتها،
وتجعلان الجلدَ يهمس للهواء:
“هاهنا، مرّ الحنينُ مرتين.”
الرقبة؟
شجرة لا تُثمر إلّا على خدّ الغياب.
أمّا القبلة،
فانفجارٌ لاهوتيّ في نُقطةٍ من الجلد تُصلّي بلا وضوء.
الصباح؟
ساعي بريدٍ أعمى،
سلّمَنا رسائلَ الضوء مكتوبةً بلغة الظلّ،
فقرأنا الوداع كما يُقرأ الحنين:
بالمقلوب.
الصباح لا يجيء،
الصباح يُخترَع…
حين تتعثر اللغة بشالها،
فتنحني لتلملم مجازاتها من على أرض القصيدة.
والحمائم؟
جثثُ المعنى حين يُحاول أن يطير ولا يجد استعارةً تكفي.
ذاكرة بيضاء تطير إلى الخلف،
طيور تنقر ظلالها على حوافّ الفراغ،
وتعود بعيونٍ مبلّلة بغيابٍ لم يحدث.
الافتراق؟
ليس انفصالًا، إنّما ثقبٌ أسودٌ صغيرٌ
يمتصّ كلّ ما كان بيننا،
ولا يترك إلا ظلالنا نحتقرها
لأنّنا لم نعرف كيف نحبّ.
افترقنا؟
تمزّقنا،
كأنّ الزمن لم يحتمل كثافتنا،
فألقى بنا إلى احتمالين:
أنا هناك،
وأنت في المكان الذي لا يُسمّى.
نحن الآن ضميرين لا مرجع لهما،
كلٌّ في نص،
لكنّ القافية… واحدة.
الهوى؟
سكران؟
لا، لا تُقلّل من شأنه.
إنّه نبيٌّ فاته الوحي،
فكتب سفر الحبّ بالحبر الخطأ،
يسير متثاقلًا في الطرقات،
يسألُ الذاكرة عن مدخلٍ إلى الوجع الأول،
ذلك الذي لا يُشفى منه الشعر.
اللمى؟
بقايا صلاةٍ تُؤدّى بالفم لا بالنيّة،
نُقطةُ سُكرٍ في وضوء الوداع،
بوابة زمنٍ آخر…
فيه تكون اللغة ماءً،
والحنين غيمةً لا تُشرب.
والطرق؟
متاهةٌ من عطرٍ سابق،
كلّ خطوة فيها تعيدك إلى ما لم يحدث.
كأننا نمشي في اتجاه الغيب،
لنكتشف أن البُعد مجازٌ قريب…
قريبٌ حدّ الاختناق.
والنص؟
هل هو نصٌ؟ أم قطرة ماء في محيط من الأسئلة؟
كأنّه نداءُ روحٍ تبحث عن جسدٍ في الظلام.
هو دهشةٌ تُلبَس،
كقميصٍ من مسِّ اللذّة الأولى
لا نخلعه إلا لنُبعث من جديد.
هو الغيم…
حين يرفض أن يُمطر،
لأنّ البكاء صار مبتذلًا،
ولأنّ السماء، مثلك،
لم تعد تصدّق المطر.
الكاتبة والباحثة اللبنانية ليندا حجازي
بَوْسَتَانِ على العُنُقِ..!
ا========
.
.
عزمنا الرحيل
وقالت: أتحتاج شيئا؟
فقلت لها: أشتهي بَوْسَتَيْنِ من العُنُقِ..
.
.
.
كأنّا،
وضوءُ الصباح يسوق الظلام،
حمائمُ بيضٌ نطيرُ إلى منتهى الأُفُقِ..
.
.
.
وشئنا افترقنا
كجوهرة في المدى
أو كما يتناثر ضوء إلى داخل النّفَقِ..
.
.
.
ولم يبقَ
غير اللّمى في شفاهي
وبعض الهوى يترنّحُ سكرانَ في الطُّرُقِ..
.
.
ا====== أ. حمد حاجي