“القْريُّو والخُرْوَاطَه”
بقلم نصر العماري
سمعتها تتحدّث ، وهي أكبر منّي سنّا وقدرا قالت:
رحم الله تلك الايام كان والدي يشتغل فيما يُسمى ب” الشّانْطِي” وهو حضيرة أشغال عامّة بأجرة زهيدة بعض الدنانير وعدد من علب السّردين و كيس من حبوب الحنطة.
اُطلق على الحبوب اسم “القْرَيُّو ” وعلى الكيس “خُرواطة ” …
وكانت امي تفرح “بالخُرْواطَه” اكثر من فرحها بما تحتويه،
حبّات حنطة هزيلة غير قابلة للإنبات،
العديد من الفلاحين جرّبوا هذه البُذور لكنّهم خسروها كما خسروا جهدهم في الحراثة والبذر وطول الانتظار… ويبدو انها غيرصالحة لا للزرع ولا للضرع او كما هو مكتوب على الكيس”ليست للبيع او للمبادلة”
هدية من الشعب الامريكي، لعلها لإ٨سكات الجوع فقط.
يحرص عمّال الشانطي على تلقّي اكياس “القْرَيُّو” برغم كل عيُوبها فهم بذلك يضمنون غذاء هم
و علف حيواناتهم
وهي تعتبر ممتازة للدّجاج.
لست ادري هل ان الكيس او “الخرواطة” تعتبر الأهمّ عند جميع الأمهات كما هو الأمر عند الوالدة
ام لا ؟
كانت أمي تعتبر “الخُرواطه ” مميّزة و أثمن من حبّات “القْريُّو”،
فما إن تظفر بها حتى تُسرع الى إفراغها ونفضها عدّة مرات ثم تلقي بها في القصعة و تغمرها بالماء وتشرع تفركها بالصّابون ثم تشطفها جيّدا وتلقي بها على حبل الغسيل وهي كمن يحدّث نفسه “كتّان متين،
القماش مفقود.”
يتبع