غَزَّةُ… أُنثى تُرَبِّي النُّورَ فِي الظُّلْمَةِ
الكاتبة/ بلقيس المرهبي.
غَزَّةُ…
ٱمْرَأَةٌ تَفْتَحُ نَوَافِذَهَا كُلَّ صَبَاحٍ عَلَى أَنْقَاضِ اللَّيْلِ،
تُرَبِّي الشَّمْسَ فِي كَفَّيْهَا كَمَا تُرَبِّي ٱلْأُمُّ وَلِيدَهَا تَحْتَ ٱلْقَصْفِ،
تَعُدُّ ٱلْأَرْوَاحَ لَا ٱلْقَتْلَى، وَتَغْسِلُ وَجْهَهَا بِمَاءِ ٱلْوَرْدِ،
لَا لِتَتَجَمَّلَ، بَلْ لِتَتَذَكَّرَ أَنَّ لِلْجَمِيلَةِ حَقًّا فِي ٱلْحَيَاةِ.
فِي عَيْنَيْهَا سَهَرُ ٱلْمُدُنِ ٱلْقَدِيمَةِ،
وَفِي صَوْتِهَا رَعْشَةُ نَشِيدٍ وُلِدَ مِنْ تَحْتِ ٱلْأَنْقَاضِ.
غَزَّةُ لَا تَشْتَكِي…
تُقَاوِمُ بِٱلْحُبِّ، وَتُقَاتِلُ بِٱلْأُغْنِيَةِ،
تَخِيطُ جِرَاحَهَا بِخَيْطِ ٱلنُّورِ،
وَتُعَلِّقُ أُمْنِيَاتِهَا عَلَى حِبَالِ ٱلْغَسِيلِ،
كَيْ تَرَاهَا ٱلطَّائِرَاتُ وَلَا تَنْسَى أَنَّ ثَمَّةَ مَنْ يَحْلُمُ هُنَا.
غَزَّةُ لَيْسَتْ خَبَرًا عَاجِلًا فِي شَرِيطٍ أَحْمَرَ،
وَلَا بَيَانًا فِي مَجْلِسٍ أَصَابَهُ ٱلنُّعَاسُ،
إِنَّهَا قَلْبٌ يَنْبِضُ فِي جَسَدٍ تُرِكَ وَحِيدًا،
تَعْرِفُ كَيْفَ تُرَبِّي ٱلشُّهَدَاءَ،
وَتُعَلِّمُ ٱلْأُمَّهَاتِ كَيْفَ
يَحْتَضِنَّ ٱلْغِيَابَ دُونَ أَنْ يَنْكَسِرْنَ.
غَزَّةُ لَا تَنْتَظِرُ ٱلْخَلَاصَ،
تَخْتَرِعُهُ،
فِي كُلِّ حَجَرٍ يُرْمَى،
وَفِي كُلِّ طِفْلٍ يَعُودُ مِنَ ٱلْمَوْتِ وَفِي عَيْنَيْهِ سُؤَالٌ أَكْبَرُ مِنْ عُمْرِهِ:
“لِمَاذَا لَا يَسْتَيْقِظُ ٱلْعَالَمُ؟”
غَزَّةُ…
ٱمْرَأَةٌ تُدَخِّنُ صَبْرَهَا،
تَكْنُسُ رَمَادَ ٱلْحَرْبِ،
وَتَعُدُّ فَجْرًا جَدِيدًا عَلَى أَصَابِعِهَا.






