كانت أوجاع النص غزيرة مما أثر على نفسية الشاعرة فالتجأت إلى حضن الليل لعلها تجد الطمأنينة ، لكن هذا الليل لم يكن عاديا ،كان مجنونا أيقظ فيها الحنين و التوق للقاء مع عناق
طويل لعله يطفئ نار الشوق المتأججة بصدرها ،… بعد طول غياب .
فسؤال الليل ” من المجنون”؟ جعل من النص مفتوحا و في نفس الوقت أخذ شكلا دائريا انطلاقا من عنوانه و ما احتوى لينتهي بحيرة : من المجنون هل الليل أم الشاعرة و حبيبها ؟
بالرجوع إلى النص نلاحظ أن الشاعرة وضعت إطار الزمان للنص الليل ثم انطلقت في وصف ما يدور فيه من مشاهد في نسق تصاعدي حد كتمان “الصمت” فشلت حركته لولا بارقة الأمل التي حركته بالمشي على أطراف أصابعها .
لم يخلو النص من الصور الذهنية صاحبتها نبرة وجدانية صادقة،اختراق القصيدة و عناق ألوان الحقول البعيدة /لوحة رسمت برذاذ المطر …
نص رغم صمته المتذمر من صداه المكتوب و جراحه التي رقصت على قصص الخوف كان غنيا بالصور الشعرية بلغة سهلة و أسلوب شاعري أبدعت في نقلها الشاعرة منيرة الحاج يوسف فجعلت من المتلقي يتابع تسلسل أحداثه ليجد نفسه في دائرة السؤال : من المجنون ؟
بقلمي سعيدة بركاتي / تونس
#النص
جنون الليل
ننام على صدر الليل
يهدهدنا الحزن
تتمددأطرافه…
يلتف حولنا كأخطبوط متوحش
أغرق في حضن نجمة
وتغوص أنت في بحر مشاعري
يرقبي القمر بعينه اللامعة…يحملق بي
تغار الأحلام …
لي تغني أحلى أغاني العشاق
تقول لي شعرا به لوعة مشتاق
فيرقص جرحي المفتوح على ألف قصة خوف
من قسوة الفقد واوجاع الفراق
خاصرة الليل تتعب من الحكي الطويل
الصمت يتذمر من صداه المكتوم
وقلبي يهفو الى ذكرى عناق
على رأس أصابعها تمشي بارقة أمل حيرى
تعدنا بحياة أخرى
ومن حولنا تكثر الوشوشات
تضغط على كف الانتظار
غدا يحتضننا النهار
لا وقت للوقوف على عتبات الحروف
سنخترق القصيدة ونعانق ألوان الحقول البعيدة
هناك على حافة الإحساس لوحة رسمناها بدمع السماء
هناك رذاذ يطفئ عطش السكون
فنزداد هياما
والليل يسأل
من المجنون
منيرة الحاج يوسف / جربة التونسية






