() وجــــهـي لا يشـبـهُـنـِي ()
(1)
“هو وجهي ʼʼ
لا يشبهني……..
ظلّي العَرَضيُّ.. وبعض آثار أقدام..
الأرض… نَائِيَةٌ عن الوطء..
الصوتُ… صَدَى جبال هرمةٍ..
العين… عدسة كاميرا ببعد غير محدّد…
أخجل من الإرتعاش…
أدسُّنِي في دثار التيه..
وساعة إقتربت عقاربها من الدنو…
أبحث عنه بين العائدين من التّجويف..
مرآتي التي لم يجبر زجاجها..
تستغيث…
تلقي بثقلها في سفح النفق..
تتهكّم على جهلي..
تعلو صيحاتها..
تُفزعني…
تتجاذب بقاياها المهشّمة..
..ترتِّق صورتي
فأبدو _كخوفوس_ المحنّط…
أو _المومياء الصارخة_ في وجه _رمسيس
إحترقت الملامح“
إختفت الأسارير ` تـغَـيّر اللّون..
الصّوت… نشاز نايٍّ هرم..
أصيح من الفزع.. أدعو المدد…
أستبطئه.. أو يكاد لا يجيئ…
جنب الكهف… عناكب…
أسدلت خيطانها باتقان..
عش طير الخلد.. لم يتغيّر شكله…
هدهد يأتيني.. فيزقًّ على رأسي…
هكذا تطبّعه…
من لساني… يسحبني
ينطِّقني..
برفيف جناحيه.. ينفض عنّي أغبرة الكهف…
قال : انْدَحّْ… عُدْ معي إلى الغاب..
إلي الرّقيم.. تتوالد هناك..
تختلقُ غير إسمٍ وصورة..
ها أنا… أنزع عنّي لفّافة المومياء..
أمضي خلف الغباء..
ووجهي.. ما تزال بقاياه في مرآتي…
المهشّمة…
(2)
ريَّعَ الضبابُ…
طشيش النّدى يلطمني..
ووجهي الشاحب يتبلّل..
يتعرّق أحيانا من لفح الهجير..
يقف الطّفل أمامي…
يروّعني…
يصدُّني عن الذهاب..
يمسكني… فأراني… بين جيئة وذهاب…
أبحث في تفاصلي..
أغوص في ذاكرتي المتكلسة..
أمجُّ بعض التفال..
أتقيّأ التذّكر… وبعض الإيماءات..
أتريّق.. ريقا حُلْوَ المذاق..
لا أجد أمامي… غير تفّاحة وبعض أوراق..
زَرَقَتْ عينُ الهدهد نحوي..
أمال منقاره… ألقى لي حصى الخلد..
تسلّل في معزل منّي..
لم يُفْلتْ كتفيَّ..
سرنا إلى حيث لا أدري…
أصبح أمري زمم..
اشارات تلاحقني.. تجهدني… أتدثر حينا..
أعتصر أحيانا..
أتعرّق من الوقع…
أغيب عن وعيي.. أكاد أموت…
وجهي… لا يزال يصاحبني..
خلف الخليج…
خلف المحيط
خلف الصحاري…
تراني أسير أهذي…
بيدي عصا..
أتوكأ وأهشُّ بها..
يتناقل الهدهد.. أخبار الأسلاف…
يوثّقها.. يكتبها بريشةٍ..
النبوءة..
ينقعها في الماء..
بها أسترقي
أفكُّ بهاʼ
عنّي تعويذة التّفاح..
أعود فأجهدُ النّفسَ..
وتلك المرآة تتجاهلني…
آخذها بلين.. أضمهّا.. فيعود لي طفلي..
الوجه الذي غادرني..
في غيهب الجبِّ.. أتحنّثُ
تنبسطُ أساريري.. أهتزُّ فرحا..
أرقص رقصة السمبا..
أنتشي بإيقاع الباليه..
إيتيقا…
جمال ينبض في لحظة التحامٍ..
وأنا لا زلت أبحث عن…
الوجه المسروق.. كصواع..
الملك..
(3)
في محطّات…
تكرّر فيها الوقوف..
سرتُ…
لَمِنْ جهل غَيَّبَ عنّي المنتهى…
أهي النّعيم ؟أهي الجحيم..
أو كأنِّي لا أبْصِرُ المدى… ؟؟
مرايا.. في كلّ حدب وصوب…
عابسة /ضاحكة/
مغمومة/مستبشرة/
نافرة/مدبرة/
رافضة/قابلة..
قزحيات.. بألوان تُجْهِرُ الأبصار..
فرشاتيʼʼ لا تحسن الرسم..
فقط عيني المفقوءة..
تلتقط الصورة.. تفجّر المعنى..
أذني الّتي.. رافقها الصّمم…
تصغي إلى هتاف…
طنين..
عواء… وأيّ عواء..؟؟
شمالي…
ذئاب ضارية ʼʼ تعترض طريقي..
ديناصورات ضخمة.. تُسْتَنْسَخُ..
طائر الفينق يحوم فوق رأسي..
وفيلة بأربعة أنياب… تركبها بيادق..
صدامٌ…
على يمـيـني
جموع مزّقها الضور…
سبغت على جلودها السّياط…
مصفّدة…
تـتـثائب من أثر الوسن..
تلوّح بأيديها ..كالنَّصْلِ خرج عن مغزله..
تشيرُ بها.. لست أدري…
وجهي لا يشبههم قطُ…
حنطيٌّ بطعم الغبار..
فحْميٌّ بلون فخار التنّور..
شفتايَ المبيضّتان.. من اللّضى..
هي العلامة الفارقة…
سرتُ..
أتحاشى كلّ الدواب.. كلّ الهوام..
أو لمْ أكنْ مثلهم في البريّة..أهومُ؟؟
فكري أبْلسَ عن حجّته..
مَاعَ… جرى على الأرض المنبسطة..
صار كالزئبق..
ألملمه.. فينزلق بين شتاتي..
يجتمعُ… يتفرّق..
يتفرّق… يجتمعُ..
يعلو الإعتراك..
تتآمر في الغياب…
النخبْ..
ويختفي وجهي بين الوجوه..
(4)
… مضيتُ قوق الركح الهرِجِ
“گـدُوبـلـيـر”…
أُحْدِثُ الإختلاف..
جلجلة.. ضجيج.. لجّة..
نحيب… تأبين.. أفراح ومسرات..
طنين… صلصلة… قرع وعزف ناعم..
أشقُّ المختلف عنّي…
أشقُّ المختلف فِيَّ…
أمضي وأنايا.. على الركح…
تماثيل تصافحني في بهتة…
صنم ينطق باسمي…
ميت خلدّ اسمه في سجلات الأحياء..
يناديني…
أقنعةٌ إختلفت الألوان فيها…
الفاتحة…
القاتمة…
الزاهية…
الملبّدة…
المزهرة…
المطرزة ،،
الغير قابلة للوصف والنعت…
تَلْبَسني… أَلْبَسُهَا..
رغم وجهي الذي لا يشبههم….
أُحالل البَونَ…
ويظلُّ وجهي في معزل عنّي
لا
يشبهني
حاتم_الإمام_غضباني
تـونس 16 ديسمبر 2017






