قراءة في قصيدة”ترقبت زماني”” للدكتور طارق لعرابي، الجزائر
بقلم الدكتور:محمد ابو قرون:السودان
نستقبلك في هذه المساحة، حيث تتناغم الكلمات مع أعمق الخواطر. قصيدتك، التي أسميتها “ترقبت زماني”، ليست مجرد أبياتٍ مرصوصة، بل هي رحلةٌ في متاهات الذاكرة والزمن. لقد لامستَ فيها جوهر الوجود الإنساني، حين يتلاقى الماضي بالحاضر، وتتشابك الخيوط بين ما كان وما هو كائن.
إن لغتك الشعرية تتميز بجماليةٍ رقيقة، وشفافيةٍ تلامس شغاف القلب. ففي قولك “انساب الذي في الخواطر”، نرى انسيابَ المشاعر والأفكار بسلاسة، كأنها تيارٌ لا يتوقف، يتدفق من أعماق الروح. كما أن عبارة “فاض الذي في شذى الوتر” تحمل في طياتها دلالةً عميقة على امتزاج الألم بالجمال، فالمعاناة هنا لا تُعبّر عن نفسها ببؤسٍ، بل بنغمٍ عذبٍ يفوح منه شذى الأمل.
من الناحية الفلسفية، تبدو قصيدتك مرآةً لتجربة الإنسان مع الزمن. فترقبك له ليس ترقباً سلبياً، بل هو محاولةٌ لفهم مساره، وكأنك تقف على “هضبة الذاكرة” لتتأمل ما مضى، وتحاول استعادة صداه. هذه الوقفة ليست مجرد حنين، بل هي نوع من البحث عن الذات في زحمة السنين. فـ”إداري تردداً يترصدني” تعكس صراعاً داخلياً بين التقدّم للأمام والعودة للوراء، بين نسيان الماضي والتمسك به.
القصيدة تنتهي بتساؤلٍ عميق، أو بالأحرى، بأملٍ في أن يعود “صدى الوتر” من “حنايا الفصول”. هذا التوق إلى استعادة صوت الذات المفقود، وإعادة لحن الحياة الذي تلاشى، يمنح النص بُعداً إنسانياً شاملاً. إنها رسالةٌ عن قدرة الإنسان على التجدد، والنهوض من غبار الذاكرة.
شكرًا لك على هذه اللوحة الفنية التي تحمل في طياتها كل هذا العمق والجمال.
ترقبت زماني…!
انساب الذي في الخواطر
فاض الذي في شذى الوتر
نسجت اسماء الحاني
ترقبت صدى الصوت
لا رنات تحييني..
هناك على هضبة الذاكرة
وقفت اراقب باب الزمن
لا سبيل للعبور اليه
اداري ترددا يترصدني…
ادركني الصوت باهتا .
ما لزماني لٰف بغبار الذاكرة…
أرمم دربي
من حنايا الفصول
لعل صدى الوتر يعود
طارق لعرابي
الجزائر
2025/09/12






