هوية المكان في رواية “الأسود يليق بك”لاحلام مستغانمي.
ا.حياة بومعزة
استطاعت الروائية الجزائرية احلام مستغانمي في رواية “الأسود يليق بك”أن تعيد صياغة المعمار الروائي بثقافة انثوية تواكب وقع الفكر العربي وواقعه ، فكانت منجزا ادبيا سرديا يتفرد بثقل في مضمونه ،وبراعة في الشكل ،ودقة واناقة في التعبير ،ولعل هذه الرواية احدى النماذج التي اعادت للجنس الادبي الروائي ديباجته الفنية ،فاستطاعت الروائية باسلوبها شد انتباه القارىء واستمالته بنوع من الشره الايحائي في ابعد تمثلاته الرمزية ،وحسن نسجها للأحداث وفي صياغة تؤطر المكان و الزمان بعناية.
إن المكان الذي تتضمنه الرواية وهو الحاضن الفعلي لعناصرها ،ويمثل باحة النص وفضاءه وساحة حركته.
تمكنت “احلام” في الرواية الجمع بين الكتابة الابداعية التي تميل للغة الايحاء الشعري والبعد الاسطوري وبين الكتابة النقدية ،لذا نجدها عبر مسيرتها الابداعية الروائية تنتقل من تجربة إلى اخرى.
وقد تمكنت الروائية من استجلاء واقع الجزائر من الداخل فعرجت على عنفوان الاصول التي تشبعت بها الشخصية الرئيسة في الرواية وفق تزاوج جغراقيا المكان بتاريخه الذي تعكسه جبال الاوراس المترنحة مع عزف الناي الذي اضحى قوة الهام لاهل “مروانة” في تعايش الذات مع الطبيعة الغناء الساحرة ،انه (الناي) ادواء الروح الشافي الذي اكسب الشخصية سر التألق كاغنية لا تنضب انغامها ،والذي بعد بلسما يضمد غربة الجراح ويواسيها ” لعل شجن مروانة جاءها من “القصبة”التي لم تعرف الة سواها في النهاية ،لكل قوم مزاج التهم الموسيقية،قل لي ماذا تعزف اقل لك من انت ،وارو لك تاريخك ،واقرا لك طالع قومك…لاحقا ،ادركت أن غناء رجال مروانة كان امتدادا لانين الناي ،فالقصبة الة بوح لا تكف عن النواح ،كالطفل تاه عن امه ،ويروي قصته لكل من يستمع اليه فيبكيه،لذا،الناي صديق كل اهل الفراق ،لانه فارق تربته ،واقتلع من جذوره”
انه الوجع الداخلي و الشفاء الصامت الساكن في ذات جدها الذي لم تذكر يوما انها سمعته يغني مبتهجا ،وما راته يوما حزينا حقا وكانه يتجمل مع اهل “مروانة” بالحزن، ليتلقى القارىء معاناتها و هواجسها وافكارها واحلامها وارتباطها بالمكان،
لقد وظفت الروائية المكان لتظهر مختلف القضايا التي مرت بها الجزائر مستخدمة تقنيات السرد التي تجمع بين التاريخي والاجتماعي كما في (سيدة المقام ،واحلام مريم الوديعة،ووقع الاحذية الخشنة) معرية بذلك “الانا” من مسخ الفضيلة والمحرمات المزيفة فتقول:” في مروانة فقط يرفع الرجال إلى السماء ذلك الدعاء العجيب الذي لم يرفعه يوما بشر إلى الله “يا رب نقص لي القوت وزد لي في الصوت!..لزهد الطلب استجاب الله لهم…مروانة.. يالغرورها ،بلدة تخال نفسها بلادا ،انها تعتقد ان تضاريسها تصل حيث يصل صوتها.






