🖌️📖بين سؤال الكيف وصرخة الوجدان
———————-
قراءتي في ديوان كيفك كيفني
للشاعر التونسي
Daoud Bouhouch
⸻
1 — عتبة العنوان: بوّابة الديوان وسؤال التلقي
العنوان
أمام هذا الديوان اتساءل كما قد يتساءل أي قارئ ما الذي يحوّل مقطعا داخليا في آخر قصيدة افتتح بها الشاعر ديوانه دونا عن كل المقاطع ومن بين عدة عناوين تتوشح بها القصائد إلى عتبة رامزة ودالة على الديوان كله؟
وهنا تبدأ لعبة التلقي والبحث عن الإجابات الإقناعية بدءا بمراودة القصيدة التي تحمل العنوان وتفتيق أيقوناتها النصية ومراميها الخطابية وفضاءاتها الفنية وآفاقها الجمالية
وبذلك تكون القصيدة وعتبتها العمرانية ممثلة جدا لجميع قصائد الديوان ومنها تتشظى دلالات ورموز وإحالات تهيمن على المشهد الشعري
وقد يكون هذا ما جعل الشاعر عن وعي ادبي او بدون ذلك الوعي يختار هذا العنوان دالا ورامزا للمجموعة
2 — القصيدة المفتاح: لماذا “كيفك كيفني”؟
القصائد
قصائد تفجر الماضي في الحاضر والحاضر في الماضي
بعض القصائد طليعية وثورية في محتواها وتعد شوكة في حلق الخنوع والتراجع في نصرة القضايا العادلة
كيفك وكيفني
وها نحن أمام كتابات (شاعر مكيف)
بمعنى فكره ووجدانه معدلّان على أم القضايا فلسطين وتونس الوطن طبعا مع أعظم قيمة على وجه الأرض الحب
الذي يعد الرئة الاولى والأخيرة لحياتنا
قد يكون السبب الأول والمُباشر لقولي (شاعر مكيف)هو ثورية أشعار (داود بوحوش ) المناسبة جدا للسياق الثوري والنضالي في هذه الفترة(فلسطين)
وعلى رأي أمل دنقل عن علاقة الشعر بالثورة :(ما يطرح المقاومة ليس الشعراء وإنما يطرحها الواقع، وما دام الواقع موجودا فستظل المقاومة مستمرة وستنجب شعراءها وكتابها ومقاتليها)
3 — في دلالة “الكيف”: من الاستفهام إلى الكشف
وفي المنطلق
الكيف هو صفة أو خاصية
كَيفَ:اسم مبنيّ على الفتح يستعمل للاستفهام الحقيقيّ أو غير الحقيقيّ تعجُّبيّ إنكاريّ
وهنا وردت كيف
دالةعلى استفهام تعجبيّ إنكاريّ وعلى
استقصاء الحالة إن صح التعبير
4 — غزة كمنطلق دلالي: وجع السؤال وفضاء المقاومة
جولة في رحاب القصائد
بنفس غزاوي نضالي يفتتح الشاعر ديوانه
والسؤال قائم كيفك ؟
يسأل والسؤال عورة والجواب ما عاد سترا
يسأل وحاله من حال اي غزاوي يشرد ويدمر منزله ويقتل وتترمل زوجته وييتّم أبناؤه هذا إذا ما أبيدوا عن بكرة أبيهم
والنص بنفس تحذيري من غدر وألاعيب العدو هذا القصيد المفتاح
ستتناسل منه قصائد الوجع وصرخات التحدي
5 — تشظّي العوالم الشعرية: بين الواقع والخيال
قصائد تتناسل وتخلق أنماطا وعوالم ممكنة
بشحنة ايديولوجية وموقف سياسي صارم
شريك الذات الشاعرة للذات المتلقية عبر لوحات القصائد المتعددة بعيدا عن النمطية وتكرار السائد
—الحقيقة وقفت أمام هذا الديوان متأففة
كيف ابدأ وتلبّستني الدهشة
قصائد متقلبة تقلب الطقس في يوم واحد
كل قصيد هي لوحة لها هندستها
فهو النبي المجهول
وهو النبي المرسل(حتى الجن
كنت ألاعبه
أستحضره)
فيحضرني جثيّا)في قصيدة(مرهق حدّ النخاع ص 12-13)
قصائده تخرج منه لتعود اليه متأرجحة بين الواقع والخيال
6 — تحولات الذات الشاعرة: من النبي المجهول إلى جنين الأم
نصوص تولي وجهها شطر غزة
متى تكبر في عالم الحقيقة
جعلتني أدور حول نفسي كمن أضاع جهة الشمال كبوصلة كسرت إبرة اتجاهها
فهو الصارخ في صمت
هو الذي يطلِّق الحب بالألف لان طلاق الثلاث ما عاد يجدي (وما أبهى التخلص منك ص18)
وبين ملايين القبل يزرع الحب والامل على امتداد(ص19-20-21-)
يعود جنينا لبطن أمه امراة وجودها عن كل العالم يغنيه (إلهي أعني على برّها//فوجودها عن العالم يعنيني
7 — غزليات، عشق، وتوق الروح
—وعلى ليل الصب تسير (أراك الفؤاد تسكنه(فلنشد//ليل الصب متى غده//
أن مرحى//ها قدحان موعده//ص35) قلد
8 — فلسطين مركز الثقل: التنديد والسخرية والغضب
—-يا أنت استهزاء صريع(بسياسة الجامعة العربية المدجنه (ألا ان مظفر أبي)
—-سنستفيق لهم وبيت القصيد
فلسطين(ص33)
في ما مضى
(كانت لنا كرامة//تدعى فلسطين)
وكم يحز في نفسه التشرذم العربي
9 — نقد الواقع العربي: التمزق والخذلان
فيكتب(أقوام عده ص48) بعمق تذمر وحزن الشاعر— حيث يقول (يعاودنا الحنين إلى البدء//فنعانق الخلاف بشدة)
وهذا تحت عنوان فرقونا ليسودوا
10 — الوعظ الخفي وصوت الضمير
ب—فلتقرأ كتابك ص 24بعض التبل في موعظة خفية(فيقول:ناصح أنا لبابك طارق/لا يغرّنك طول السنون)
ويعلو صوت الحمد والتكبير لله على نعمة وحي القصيد [ص37]
في(قل هو الله أحد(فالالهام في مزاريبي//بلا حد//
فقل هو الله أحد//الله الصمد//)
11 — صوت السلم: رؤية أخلاقية في قلب النار
٢—ودعوة صريحة للسلم(فلنجنح لها(26ص—هو الله ربنا رب الأرباب/
حرّم القتل وإلى الحياة دعا
فلنجنح لها يا أولي الألباب/
12 — السخرية السياسية: نقد الخنوع
وفلسطين
——ضعوا أسلحتكم ص 28
سخرية واضحه من سياسات الخنوع والخذلان(عُبيس زمجر
تولّى فأنذر)
13 — نكران الجميل: الشاعر في مواجهة بؤس الواقع
—-٣–وعن التنكر لرجالات التعليم يتحدث بضعة وتقريع لاصحاب القرار وهذا الحجم من اللؤم ونكران الجميل
(عدا نحن الوضع على حاله
أفنينا العمر دراسة
وأسلنا الحبر إسالة)
ولعيد الشغل نصيب من القريض لانه عيد فرحته خارج التغطية عيد بلا حقوق وبمسحة أمل يقفل القصيدة
سنكنسكم شئتم أم أبيتم//وبالعمل ذا الوطن //سنعيد إعماره//)
الامل-ستبيّض مآقيها-(بيض المناديل ما كنا نرفعها//متى اسودّت تبيضّ مآقيها//)
14 — الشعب قوة القصيدة: الجذور التي لا تُقتل
وللشعب هذه القوة الضاربة حضور(أنا الشعب إذا غيّب ص 43)
فنحن الإنبات//والساعد متى قُتل ينبت//)
15 — الاقتباس القرآني: توظيف روحي وجمالي
توظيف الايات القرآنية
كعناوين لبعض القصائد
اقتباسا ولا اقول تضمينا
وهذا ملفت للنظر
والاقتباس هو تضمين النّثر أو الشّعر شيئًا من القرآن الكريم أو الحديث الشريف، من غير دلالة على أنّه منهما،
16 — اللغة الشعرية: مرآة الوجدان ومختبر الأسلوب
اللغة
أما اللغة الشعرية فقد جسدت كيان الشاعر وعبّرت عن حالاته النفسية التي عاشها، وما زال يعيشها، تجاه قضية معينة، أثارت في نفسه مشاعر معينة وعند الشاعر داود بوحوش اللغة الشعرية لغة جديدة، ومتجددة، بمعنى أنها قادرة على التعايش مع القضايا المختلفة، ومواكبتها، وقد تعبر عن الرغبات والميولات والقناعات
كما في قصائد هذا الديوان(كيفك وكيفني)
17 — خاتمة القراءة: الامتنان لزخم الجمال
وأخلص إلى شكر الشاعر على هذا الزخم الجمالي الذي تضمنته القصائد
في ديوانه(كيفك كيفني
شكرا للشاعر داود بوحوش-
——ملاحظة
هذه القراءة جاهزة منذ صدور الديوان وتسلمي نسخة منه
ونظرا لعدة ظروف ما اتيحت لي فرصة تقديمه في ندوة الاحتفاء به
نظرا لسفري لذا انشر قراءتي
وفاء بوعدي
فائزه بنمسعود
Québec 8/11/2025






