في مثل هذا اليوم 22 ديسمبر1956م..
العدوان الثلاثي أو حرب 1956 كما تُعرف في مصر والدول العربية أو أزمة السويس أو حرب السويس كما تُعرف في الدول الغربية أو حرب سيناء أو حملة سيناء أو العملية قادش كما تُعرف في إسرائيل، هي حرب شنَّتها كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام 1956، وهي ثاني الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948، وتعدَّ واحدةً من أهم الأحداث العالمية التي ساهمت في تحديد مستقبل التوازن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت حاسمة في أفول نجم القوى الاستعمارية التقليدية، وتألُّق نجوم جديدة على الساحة الدولية. بدأت جذور أزمة السويس في الظهور عقب توقيع اتفاقية الجلاء سنة 1954 بعد مفاوضات مصرية بريطانية رافقتها مقاومة شعبية شرسة للقوات الإنجليزية بالقناة. بدت علاقة عبد الناصر مع الدول الغربية في تلك الفترة في صورة جيدة خاصة مع موافقة البنك الدولي بدعمٍ أمريكي بريطاني على منح مصر قرضاً لتمويل مشروع السدِّ العالي الذي كان يطمح عبد الناصر أن يحقق به طفرة زراعية وصناعية في البلاد.
في تلك الفترة كانت المناوشات الحدودية مستمرة بشكل متقطع بين الدول العربية وإسرائيل منذ حرب 1948، وأعلن عبد الناصر صراحة عداءه لإسرائيل، وضيَّق الخِنَاق على سُفُنِها في قناة السويس وخليج العقبة، ما شجع الأخيرة ووجدت فيه تعليلاً لتدعيم ترسانتها العسكرية عن طريق عقد صفقة أسلحة مع فرنسا، فقرَّر عبد الناصر طلب السلاح من الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أنَّهما ماطلتا في التسليم ورفضتاه في النهاية معلِّلَتين ذلك بوضع حدٍ لسباق التسليح في الشرق الأوسط، لم يجد عبد الناصر بديلاً إلا أن يطلب السلاح من الاتحاد السوفيتي وهو ما قابله الأخير بالترحيب لتدعيم موقفه بالمنطقة؛ فقرَّرت كلٌّ من بريطانيا والولايات المتحدة الرد على الخطوة المصرية، والرد على رفض عبد الناصر الدخول في سياسة الأحلاف، ورفضه الصلح مع إسرائيل طبقاً لشروط الغرب كما أقرتها الخطة «ألفا» وذلك بوضع خطةٍ جديدةٍ أُطلق عليها «أوميجا»؛ هدفت إلى تحجيم نظام عبد الناصر عبر فرض عقوبات على مصر بحظر المساعدات العسكرية، ومحاولة الوقيعة بينها وبين أصدقائها العرب، وتقليص تمويل السدِّ ثمَّ إلغاؤه بالكامل في وقت لاحق.
رأى عبد الناصر في تأميم قناة السويس فرصته الوحيدة للحصول على التمويل اللازم لبناء السدِ العالي، وبالفعل أعلن في 26 يوليو 1956 قرار التأميم، ومع فشل الضغط الدبلوماسي على مصر للعدول عن قرارها قرَّرت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وضع خطة لاستخدام القوة العسكرية ضد مصر أُطلق عليها بروتوكول سيفرز؛ آملين بذلك تحقيق مصالحهم من تلك الضربة، فعلى الصعيد البريطاني كان الهدف التخلص من عبد الناصر الذي هدد النفوذ البريطاني بتحقيق الجلاء، وتحالف مع السوفييت، وأمَّم القناة التي تمرُّ منها المصالح البريطانية، وعلى الصعيد الفرنسي كانت فرصةً للانتقام من عبد الناصر الذي ساند ثورة الجزائر، وأمَّم القناة التي كانت تحت إدارة فرنسية، في حين وجدت إسرائيل فرصتها لفكِ الخِنَاق المحكم على سفنها في قناة السويس وخليج العقبة، وتدمير القوات المصرية في سيناء والتي كانت تشكل تهديداً صريحاً لها.
طبقاً لبروتوكول سيفرز وفي 29 أكتوبر 1956 هبطت قوات إسرائيلية في عمق سيناء، واتجهت إلى القناة لإقناع العالم بأنَّ قناة السويس مهدَّدة، وفي 30 أكتوبر أصدرت كلٌّ من بريطانيا وفرنسا إنذاراً يطالب بوقف القتال بين مصر وإسرائيل، ويطلب من الطرفين الانسحاب عشرة كيلومترات عن قناة السويس، وقبول احتلال مدن القناة بواسطة قوات بريطانية فرنسية بغرض حماية الملاحة في القناة، وإلا تدخلت قواتهما لتنفيذ ذلك بالقوة. أعلنت مصر بدورها رفضها احتلال إقليم القناة، وفي اليوم التالي (31 أكتوبر) هاجمت الدولتان مصر وبدأت غاراتهما الجوية على القاهرة ومنطقة القناة والإسكندرية. ونظراً لتشتتُّت القوات المصرية بين جبهة سيناء وجبهة القناة وحتى لا تقوم القوات المعتدية بحصارها وإبادتها، أصدر عبد الناصر أوامره بسحب القوات المصرية من سيناء إلى غرب القناة، وبدأ الغزو الأنجلو-فرنسي على مصر من بورسعيد التي ضُرِبت بالطائرات والقوات البحرية تمهيداً لعمليات الإنزال الجوي بالمظلات.
قاومت المقاومة الشعبية ببورسعيد الاحتلال بضراوةٍ واستبسالٍ حرَّك العالم ضد القوات المعتدية، وساندت الدول العربية مصر أمام العدوان وقامت بنسف أنابيب النفط في سوريا، وفي 2 نوفمبر اتَّخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بوقف القتال، وفي 3 نوفمبر وجَّه الاتحاد السوفيتي إنذاراً إلى بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وأعلن عن تصميمه على محو العدوان، كما استهجنت الولايات المتحدة العدوان على مصر، فأدى هذا الضغط الدولي إلى وقف التغلغل الإنجليزي الفرنسي، وقبول الدولتين وقف إطلاق النار ابتداءً من 7 نوفمبر تلاها دخول قوات طوارئ دولية تابعة للأمم المتحدة، وفي 19 ديسمبر أُنزل العلم البريطاني من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، تلا ذلك انسحاب القوات الفرنسية والإنجليزية من بورسعيد في 22 ديسمبر، وفي 23 ديسمبر تسلَّمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس، وهو التاريخ الذي اتخذته محافظة بورسعيد عيداً قومياً لها أطلق عليه «عيد النصر». وفي 16 مارس 1957 أتمَّت القوات الإسرائيلية انسحابها من سيناء.
كان من تبعات الحرب استقالة رئيس الوزراء البريطاني أنطوني إيدن، وفوز وزير الشؤون الخارجية الكندي ليستر بيرسون بجائزة نوبل للسلام، ومن المرجَّح أنَّ الحرب قد شجَّعت الاتحاد السوفييتي على غزو المجر. يرى المؤرخون أنَّ تلك الحرب مثلت «نهاية وضع بريطانيا العظمى كواحدة من القوى العظمى في العالم».
التسمية
اشتهرت الحرب في مصر والعالم العربي باسم «العدوان الثلاثي» لأنها كانت نتيجة مؤامرة ثلاثية بين دول بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، ويطلق عليها أيضاً «حرب 1956» أو اختصاراً «حرب 56» نظراً لأن وقائع العمليات العسكرية حدثت في عام 1956. بينما أطلق عليها الغرب اسم «أزمة السويس» أو «حرب السويس» نظراً لأن السبب المعلن للعدوان العسكري كان تأمين الممر الملاحي لقناة السويس. أُطلق على العملية العسكرية الإسرائيلية في سيناء اسم «حرب سيناء»، أو «حملة سيناء» نظراً لأن دور الهجوم الإسرائيلي المخطط له كان موقعه شبه جزيرة سيناء، وأطلق الجيش الإسرائيلي أيضاً على خطته اسم «العملية قادش» لما يعتقده بعض الباحثين اليهود بأن مدينة «قادش بارنيا» (بالعبرية קדש ברנע) – المذكورة في التوراة – تقع في منطقة شمال سيناء، وهي آخر موقع على الحدود المصرية خرج منه اليهود مع موسى إلى الشتات، فكان الاسم رمزاً لبداية العودة إلى النقطة الأخيرة في هذا الشتات.
مع فداحة الخسائر المصرية في الأرواح والممتلكات نتيجة العدوان، إلا أن مصر خرجت من المحنة أكثر تماسكًا خاصةً في ظل التضامن العربي والدولي مع موقفها، فضلاً عن تألق نجم عبد الناصر على مستوى السياسة الدولية بوقوفه في وجه الدول المعتدية. وتمثلت المكاسب في انفراد مصر بملكية قناة السويس وحق إدارتها بلا منازع، وإلغاء معاهدة الصداقة والتحالف بينها وبين بريطانيا وما تبع ذلك من استيلاء مصر على القاعدة البريطانية العسكرية في منطقة قناة السويس بكل ما تحويه من أسلحة وذخائر وعتاد، كذلك تقرر فرض الحراسة على أموال ومؤسسات وشركات وممتلكات الإنجليز والفرنسيين المقيمين في مصر، والتي قدرت قيمتها وقتها بـ30 مليون جنيه مصري
القوات الفرنسية والبريطانية أنهت انسحابها من مدينة بورسعيد في 23 ديسمبر 1956، بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر الذي بدأ في أكتوبر من نفس العام إثر تأميم الرئيس جمال عبدالناصر لقناة السويس، وهو التاريخ الذي تحتفل به بورسعيد كـ”عيد النصر” لوقوع الجلاء التام عن المدينة في هذا اليوم، بعد مقاومة شعبية شرسة وضغط دولي كبير، كما أوردت مصادر المصري اليوم ومبتدا.
خلفية الحدث:
السبب: تأميم الرئيس جمال عبد الناصر لقناة السويس في يوليو 1956.
العدوان: شنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عدواناً ثلاثياً في 29 أكتوبر 1956، حيث احتلت القوات الإنجليزية والفرنسية بورسعيد.
المقاومة: واجهت القوات المهاجمة مقاومة شعبية عنيفة ومنظمة، تكبدت خلالها خسائر كبيرة، وشملت عمليات فدائية وخطف ضابط بريطاني رفيع المستوى.
الضغط الدولي: تدخلت الأمم المتحدة والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة للضغط على الدول المعتدية لوقف الهجوم، مما أدى إلى قبول وقف إطلاق النار في 7 نوفمبر 1956.
الجلاء: انسحبت القوات الأنجلو-فرنسية بشكل كامل من بورسعيد في 23 ديسمبر 1956، وتسلمت السلطات المصرية المدينة.
أهمية الحدث:
يُعد هذا اليوم عيداً قومياً لمدينة بورسعيد.
مثّل نهاية احتلال مدمر على يد المقاومة الشعبية والجيش المصري.
اعتبره المؤرخون بداية نهاية بريطانيا كقوة عظمى عالمية ورمزاً لنهاية الاستعمار. !!!!!!!!






