المشهد الأولى
قصر كبير فى جزيرة كبيرة ، الخدم والحاشية تتحرك بسرعة كبيرة بين جنبات القصر ويصيح كبيرهم الملك مريض ويريد أن يرى أبناءه الثلاثة .
يأتى الأولاد الثلاثة الأكبر ماهر ،والأوسط كريم ، والأصغر نبيل
كريم : ادع الله أن تمر الأمور على خير ويشفي والدى .
ماهر : تقبل الله دعاءك ياكريم ، شفى الله أبى .
نبيل : اللهم آمين .
ماهر : ولكن هل أخد منكم يعرف ماسبب طلبه لنا ؟
نبيل : أنا لا أعرف سوى أنه يريد أن يجتمع معنا .
كريم : لابد أن هناك أمر ضرورى لهذا .
نبيل : فلتتقدمنا ياماهر فأنت الأكبر .
ماهر : حسنا … حسنا
كريم : لابد أن ندخل غرفته مبتسمين حتى نخفف عليه مرضه .
نبيل: ولكن الطبيب منذ يومين قال أن حالته خطيرة .
ماهر: لعلها وعكة صحية وتمر على خير .
كريم : نحاول أن نخفف الأمر عليه .
ماهر : هيا بنا إذن ، فهو ينتظرنا فى غرفته .
يتحرك الأولاد الثلاث بخطى سريعة نحو عرفة أبيهم الملك ، ولديهم شغف عن سبب طلبه لهم .
المشهد الثاني :
غرفة الملك ، غرفة كبيرة ، والملك يجلس فى سريره ويتألم من المرض والخادم يعطيه الدواء يدخل الأولاد الثلاثة على أبيهم يتقدمهم الابن الأكبر
ماهر : السلام عليكم يا مولاى ،كيف أصبحت اليوم ؟ ( مبتسما )
نبيل : يبدو أنك أفضل من أمس يا أبي .
الملك : حمدا لله أنكم أتيتم الآن فأنا على فراش الموت يا أولادى ( صوته متقطع)
كريم : لا تقل هذا الكلام ياوالدى ، فأنت بصحة جيدة .
ماهر : أجل ياولدى فقد أخبرنا الطبيب بذلك .
الملك : لا عليكم يا اولادي فأنا الحمد لله أتقبل أمر الله سبحانه وتعالى
ولكنى دعوتكم اليوم لأبلغكم وصيتى ( صوته ضعيف من الألم ويكرر آه )
كريم : ياوالدى الأعمار بيد الله ، وبإذن الله تمر هذه الوعكة الصحية على خير .
الملك : هذه وصيتى فى هذا الظرف ، ولكن لا تفتحوا الظرف إلا بعد مماتى
ماهر : لا باس ياأبى لكن بإذن الله ستكون أفضل .
الملك : آه ….. آه ألم يشتد (يحتضر)
الأولاد : فى صوت واحد مولاى الملك ماذا بك ؟؟
كريم: أبى أبى
لفظ الملك أنفاسه الأخيرة وسط أولاده الثلاثة ، والأولاد فى حزن شديد ، والخدم يبكون الملك الذى مات متأثرا بمرضه
المشهد الثالث :
حديقة القصر والأولاد الثلاث يتجمعون ليفتحوا الظرف الذى أعطاهم أياه الملك قبل موته ، وبه وصيته يتبادلون الحديث فى حزن شديد على أبيهم .
ماهر : رحم الله أبى ، كان رجل شجاعا مقداما .
كريم : صدقت ياماهر كان محبا لنا
نبيل : يعجز لسانى للتعبير عن حبي له .
ماهر : طلبتكم اليوم لكى نفتح ظرف وصية أبينا معا .
كريم : فلتقرأه علينا .
ماهر : هي تنصّ على أن تكون عدة الحرب والسلاح لي، والمال والأغنام لكريم، والحاشية والخدم لنبيل .
نبيل : أنا مستاء من هذه الوصية الغير عادلة . (بغضب)
كريم : وأنا أيضا ليس إنصافا أن أخذ المال والغنم .
ماهر : وأنا مثلكما تماما أرى أنها وصية غير عادلة .
كريم : أنا لا أقبل بهذا ( متحديا )
نبيل : وما العمل إذن ؟؟؟؟
ماهر : حتى لا نتنازع فيم بيناا ونختلف ونتشاجر ، نحتكم إلى قاضى المدينة العادلة
كريم : وكيف نذهب للمدينة العادلة ؟
نبيل : أنها نبعد عن مديتنا ببضعة كيلومترات لابد أن نعبر للجانب اليابس من الجزيرة
ماهر : ونسير عبر الصحراء بعد عبور الجزيرة ، أنها بعيدة ولكن سنجد هناك القاضى العادل
المشهد الرابع :
تجمع الأولاد الثلاثة فى المكان والزمان ، وامتطوا جوادهم لل1هاب لمدينة العدالة اللذين يقصدونها لمقابلة القاضي حتى يحكم بينهم فى وصية أبيهم الملك وبينما هم فى طريقهم فى الصحراء يقابلوت إعرابي فقد جمله
الإعرابي : سلام الله عليكم .
ماهر : وعليك السلام يارجل ، ماذا تريد ؟
الإعرابي : ضاع جملى فهل أجد منكم رأه ؟
ماهر : “هل كان جملك محّملاً بالعسل، على الجانب الأيمن، وبالدقيق على الجانب الأيسر؟
الإعرابي : أجل … أجل ياسيدي . “نعم، إنه هو أين وجدته؟ دلّني عليه”.
كريم : “وهل كان جملك أعور؟
الإعرابي : اجل …. أجل ياسيدى إنه هو أين وجدته؟ دلّني عليه”.
نبيل : “وهل كان جملك مقطوع الذيل؟
الإعرابى : أجل اجل ( فى دهشة)
الإعرابى : صاح غاضبا ، إذن أنتم من أخذ جملى منى لن أترككم إلا عند القاضى
ليعيد لي جملى الضائع .
الأولاد : نحن لم ناخذ جملك ، ونحن ذاهبون إلى القاضى ليحكم بيننا وسنذهب معك .
الإعرابى: وكيف لم تأخذوا الجمل وقد وصفتموه وصفا دقيقا .
الأولاد : لم نسرقه … قلنا لك .
الإعرابى : وأنا قلت لكم لن أترككم .
فلنذهب سويا للقاضي .
المشهد الخامس :
وصول الأولاد والإعرابي لساحة القضاء بمدينة العدل ، ساحة كبيرة واسعة ويجلس القاضى على مقعد عاجي مرصع بالياقوت ، القاضى ذو اللحية البيضاء يبدأ جلسته ويتادى حاجب الجلسة على الأشخاص .
القاضى : القضية الأولى سرقة الجمل (يطلب من الحاجب ان ينادى على الأولاد)
الأولاد : يا سيادة القاضى هذا الإعرابي يتهمنا بسرقة جمله وهذا لم يحدث
الإعرابي : ياسيادة القاضى لقد وصفوا لى جملى و أكيد هم من سرقوه .
القاضى : كيف وصفتم الجمل دون رؤيته ؟؟ (متعجبا)
ماهر : ياسيادة القاضي “رأيت على الطرف الأيمن من الطريق الذباب وهو يتبع آثار العسل، وعلى الطرف الأيسر رأيت ذرات طحين، فعرفت أن الجمل كان يحمل عسلاً ودقيقاً .
كريم : “رأيت العشب على جانب من الطريق نامياً، لم يُدَسْ ولم يؤكل على حين كان العشب على الجانب الآخر خلاف ذلك، فعرفت أن الجمل أعور”.
نبيل : “رأيت بعر الجمل متناثراً دون انتظام، فعرفت أن الجمل مقطوع الذيل”.
القاضى : “لقد صدق الأولاد فيما نطقوا، وهم من غير شك لم يروا الجمل ولم يسرقوه، وما عليك إلا أن تمضي فتبحث عن جملك”.
الاولاد : ولكننا أتينا إليك فى أمر أخر وحكى له أمر وصية أبيهم الملك .
القاضى : أنتم تعرفون ان الأب كان يعرف جيدا مهارات كل فرد منكم
فالكبير لديه حكمة ورصانة لذا أعطاه السلاح والعتاد ، والأوسط لديه قدرة على الإدارة لذلك منحه المال والخدم والصغير لديه مهارة فى التنظيم والترتيب
ياأولادى كل ميسر لما خلق له
ثم التفت القاضي إلى الأولاد، ودعاهم إلى النزول في ضيافته، ولم يسألهم عن حاجتهم، وفق تقاليد الضيافة العربية، إذ لا يُسأل الضيف عن حاجته إلا بعد ثلاثة أيام.
وأوصى القاضي الخدم، فأعدوا خروفاً، وجهزوا الطعام، وحضرت المائدة
تعليق:
الغاية الأولى من هذه الحكاية تعليم الأولاد، وإثارة ملكة التفكير لديهم، بما تطرحه من ألغاز.
والحكاية مبنية على إدراك الباطن من خلال الظاهر، والغائب من خلال الحاضر، ومبدؤها العرافة، أي معرفة طباع الشخص من ملامح وجهه، والقيافة، أي معرفة المؤثر من بقايا الأثر.
والبنية الثلاثية تتكرر في الحكاية ثلاث مرات، في الأولاد الثلاثة، ووصفهم الجمل، ووصفهم الطعام وصاحبه، وهي بنية شائعة في كثير من الحكايات، وهي راسخة في الوجدان الإنساني، ولعل مرجعها إلى التكوين الثلاثي للأسرة، المؤلفة من الأب والأم والولد.
والحكاية تتوهم حضور الذكاء في الملوك والقضاة والأغنياء، ومرجع ذلك إلى ما لهؤلاء من سطوة وقوة وسلطة، كما تتوهم الغباء في الأعرابي، لفقره وضعفه، وليس الحال كذلك في الواقع، بل لعله على الأغلب خلاف ذلك.
د.خالد أحمد
Discussion about this post