الأداء التمثيلى لمعلم اللغة العربية للناطقين بغيرها ، أمر ضرورى جدا فى عمليه إعداد معلم اللغة الثانية ، وللأسف لم يلتفت إليه الكثير من الباحثين العرب ، على الرغم من اهتمام الكثير من الباحثين فى الغرب بهذه المهارة ، فالأداء الحركى التمثيلى لمعلم اللغة العربية للناطقين بغيرها مهارة لايستهان بها فى هذا المجال ، فالمعلم القدير هو القادر على كسر الحاجز النفسي بينه وبين طلابه بأدوات مبتكرة وجديدة ،ويستطيع ربطهم به وجذبهم للغة الهدف من خلال أدائه الحركى والتعبيرى ، ولكن يسأل البعض مستنكرا أليست مهارة التمثيل موهبة؟ باعتباركونها ليست أساسية للمعلم اللغة الثانية ، وللرد على هؤلاء أقول نعم التمثيل الأدائي موهبة لدى بعض المعلمين ولكن بالنسبة لمعلم اللغات تعتبر مهارة مطلوبة وينبغي اكتسابها ، ولكن السؤال كيف اكتسب كمعلم للغة الثانية مهارة الأداء التمثيلى ؟ وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نتعرف أولا على أهمية الأداء التمثيلى وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من خلال الدراما ، فالتمثيل مصدر أساسي فى اكتساب الخبرة ، وكسر الحاجز النفسي ،وإكساب المتعلم الثقة فى المواجهة وعدم الخجل والخوف من ممارسة اللغة أمام الأخرين ،هذا بالنسبة للمتعلم ، أما معلم اللغة الثانية فمهارة الأداء التمثيلى تعتمد على اللغة وحركات الجسم وتعبيرات الوجه والإشارات وأسلوب الكلام ، فى رأى المتواضع معلم اللغة الثانية لابد أن يكون ممثلا بمعنى الكلمة ،فالمعلم القدير هو الذى يستطيع أن يقف أمام طلابه جاذبا انتباهم ، ولن تتحقق عملية الجذب إلا إذا استخدم تقنيات مختلفة مثل الحركة واستخدام اليدين فى الشرح ، فالأداء التمثيلى للمعلم يحذب المتعلم للمادة العلمية ويربطه باللغة الهدف ويحعله مستمتع بالحصة التعليمية ، التي من الممكن أن تكون أيضا خارج حجرة الصف ، فالدروس ممكن أن تؤدى بشكل تمثيلى فى الحديقة أو فى الملعب أو فى المكتبة أو فى المسبح أو من خلال رحلة خارجية أو مزار سياحي وهذا يجعل المعلم أكثر حرية فى الأداء والتعبير ليبدع فى طرق تدريسية جديدة ،وبالتالى هذا يدخل البهجة لنفوس متعلمى اللغة العربية للناطقين بغيرها وتكون العملية التعليمية أكثر عملية ومتعة ، واعتقد هذا الامر جوهرى بالنسبة لمعلم اللغة العربية للناطقين بغيرها ،لأن عمله مبنى على جذب الطالب للغة الهدف بوسائل مبتكرة ، ولاشك أن تعليم مفردات درس الشاطئ عندما تدرس على الشاطئ بأسلوب تمثيلى وأدائى تكون لها أثر أكبر فى ترسيخ هذه المفردات في ذهن الطلاب أكثر بكثير أن ندرس نفس الدرس بين جدران الصف لعل هذه الطرق تجعل الطلاب ينجذبون للغة العربية .
كيف اكتسب مهارة الأداء التمثيلى كمعلم لغة عربية للناطقين بغيرها ؟
- أن يحاول المعلم تمثيل المفردة من خلال تعبيرات الوجه ، الحركة الجسدية الإشارات فمثلا فعل (يطير) عندما يفرد المعلم ذراعيه ويحركهما لأسفل واعلى ، سيتعرف الطالب بسهولة على الفعل ويلصق بذهنه ، أو الفعل (يقفز) عندما يمثله المعلم ويقفز وينطق الفعل وفى كل مرة يطلب من المتعلمين أن يقوموا بالأفعال حركيا ،يجعل الحصة أكثر نشاطا ومتعة .
- دائما اجعل أدائك الصوتى يتناسب مع الموقف ، فعند قراءة نص مثلا تتحدث فيه شخصية الجد أو رجل عجوز ،قم باداء صوتى يتناسب مع الرجل العجوز ، او شاب صغير فالصوت يعد أداة من ادوات التمثيل مثل الحركة .
- عبر بالإشارات عن بعض الأدوات مثلا (عجلة قيادة السيارة) اذا عرض المعلم صورة عجلة القيادة ستريط الصورة بذهن المتعلم ،لكن اذا حرك يديه بحركة دائرية وكأنه يمسك عجلة القيادة ويقود السيارة ، وتجعل الطلاب يقلدونك الأمر سيختلف من حيث متعة تمثيل المفردة .
- دائما حول المواقف التواصلية إلى مشاهد ممكن أن تمثلها مع الطلاب ، مثلا قلا المتجر فممكن أن تؤدى شخصية البائع بأسلوبه وصوته ،والطالب شخصية المشترى ، فى المصرف تؤدى دور المحاسب أو موظف الخزينه والطالب العميل .
- كلف تلاميذك أن يقرأوا رواية ثم يقومون بتمثيلها أمام زملائهم ، فتجد دافعية الطلاب أكثر ويعملون التكليف بحب ودافعية ،ويبذلون ما فى طاقاتهم وما فى وسعهم لأداء مبهر أمام أقرانهم ، لذلك المسرحية بها هذا الجانب من تفريغ الطاقة للمتعلمين ، فالأنسان عادة يتجه إلى ذلك النوع من الاداء لأن فيه تعبيرا بالاشارة ،والحركة ،والأداء ،والايحاء ،والتعبير اللغوى وهذا الميل لايقتصر على فئة عمرية محددة ، بل كل المراحل العمرية تحب الأداء التمثيلى والحركى ،ولكن الأمر يتوقف على المعلم الذى يرشد ويشجع ويدعم النشاط الفعال لمتعلم اللغة الثانية ، فالأطفال بطبيعتهم مغرمون بالتقليد والمحاكاة وهذا دور المعلم فى دعم مهاراتهم وتشجيعهم .
دور التمثيل المسرحي فى تعليم اللغة الثانية :
منذ القدم ربط التربويين بين أهمية التمثيل الأدائى وتعلم اللغات ، (دى جينليس) حيث كانت نظرياتها التربوية تدعم اهمية المسرح فى عملية التعلم ،وخصوصا اللغات بحيث يمكن اعتبرها رائدة فى مجال التمثيل المسرحي للطفل ولوسائل التعليم الأدائية ، وفى الواقع فإن هذا يؤكد دور المهارات الأدائبة الدرامية فى فتح مجالات للتدريب اللغوى ، وأرى أن تاثير الأداء التمثيلى على طلاب اللغة الثانية يعد أكبر تأثيرا من طلاب اللغة الأم ، ومن الممكن ان يجعل معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها الدروس أكثر تشويقا من خلال اداء تمثيلى فلايستطيع أن ينسي الطالب مشهد تاريخى قام بتمثيله المعلم من خلال ارتداء ملابس تاريخية لقائد عربي مثل صلاح الدين الأيوبي ويحطى قصة معركة حطين بصوته ، او أن يرتدى المعلم ملابس لشخصية مثل عنترة بن شداد ،وغيرها من الشخصيات العربية التراثية التى تعكس الثقافة العربية ، أو أن يقوم المعلم بتمثيل أداء طاهى فى المطبخ وياخذ الطلاب لورشة عمل فى مطبخ المدرسة لتعلم أكلة شعبية عربية مثل ( الكبسة) أو ( التبولة) .
أن التعلم من خلال ورش تفاعلية تمثيلية ، يعد نوعا من انواع الإبداع فى التدريس وبؤثر على المتعلم وإقباله لعملية التعلم ، فمثلا أن يحاول المعلم تغيير حجرة الدرس وعمل ديكور فى الفصل ليحاكى متجر أو سينما وجعل الطلاب يمثلون أدوارا تتناسب مع هذا الديكور ، أو ينظم المعلم يوما للمهن ان يرتدى كل طالب زى مهنة مثل (الشرطي – الطبيب- الإطفائى- الطيار……. ويتحدث لدقيقة عن المهنة وصاحيها بالغة العربية الفصحي
أن يقوم المعلم أيضا بتمثيل أدوار تجسد اعلام عربية معروفة ( الجاحظ – المتنبى – أبو نواس – جحا – اشعب ) ويستعرض أسلوب كل شخصية أمام طلابه .
أن يقسم المعلم الطلاب إلى فرق تمثيلية لعمل مشروع ادائى كامل من خلال تكليف مهام لكل فريق ، فريق يعد ديكور المشروع ،وقريق يعد الملابس ، واخر يعد النص المسرحي ، وفريق يقوم بعمل مهندس الإضاءة ، وأخر بدور المخرج المسرح ،ويعقد المعلم اجتماع موسع مع كل فرق المشروع والإشراف على تنفيذ المهام ،وليكن مشروع مثل سوق عكاظ مثلا .
أهمية التمثيل المسرحي فى تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها :
- وسيلة فعالة فى تدريب التلاميذ على الحوار ،وتنمية الثروة اللغوية ، وهذا بدوره يساعد متعلمو اللغة الثانية على مهارة المحادثة والكلام وتبادل الادوار .
- تعويد التلاميذ على فن الإلقاء دون خجل ،وإكسابهم الثقة بأنفسهم بدون تلعثم فى الأداء ، وهذا بالفعل يجعلهم فى الانخراط مع اقرانهم فى حوارات تواصلية ,
- تبث فى تلاميذ الصف روح النشاط ،وحب اللغة الثانية ،والاستمرار فى تعلمها بشغف .
- وسيلة ناجحة فى تعليم التلامبذ الخبرات والمعلومات النافعة ،لان الأداء الدرامي يثبت المعلومة للطالب .
- وسيلة فعالة فى تهذيب النفس وتنمية التذوق اللغوى ،ومهارات الاداء الحركى التعبيرى .
- التمثيل المسرحي استغلال مناسب لوقت الفراغ ، وتوظيف طاقات الطلاب فى تعلم خبرات حياتية ولغوية .
- يعد التمثيل وسيلة للشفاء النفسي ،وعلاج بعض العيوب كالانطواء والخجل والتردد ،وعلاج عيوب النطق والشفاء منها .
- التمثيل أحدى الوسائل والطرق النافعة ، فى تحسين طرق التدريس الاعتيادية
فى ختام مقالى أشجع كل معلمى اللغة العربية للناطقين بغيرها ، أن يخرج بعيدا عن الإطار المرسوم للمعلم التقليدى ،ويحاول أن يهتم بالأداء الحركي التمثيلى ،ومهارات التعبير والتواصل من خلال لغة الجسد ، فالمعلم اللغة العربية للناطقين بغيرها لابد أن يصبح مبدعا .
Discussion about this post